الإخوان المسلمون في سورية

ملخص حوار فضيلة المراقب العام د. “عامر البو سلامة” مع جريدة “الناس نيوز”

حوار فضيلة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية مع موقع “الناس نيوز”

حاوره محمد برو- الناس نيوز:
1) ما هي أهم النقاط التي يوليها الإخوان المسلمون الاهتمام في المشهد السوري المتأزم في حال سقوط نظام الأسد؟ وما خطتهم في تحقيق الاستقرار فيها؟

سقوط النظام مطلب لكل سوري وطنيٍ حر ونتمنى أن يكون ذلك قريباً حتى تطوى صفحة الظلم والقتل والإجرام والفساد ومصادرة الحريات وتكميم الأفواه، ونهب الأموال، وضياع الحقوق للشعب السوري، وما إلى ذلك من مفردات تتعلق بهذا النظام، وإجرامه ثم تفتح صفحة جديدة منشودة للغد السوري وللدولة الحديثة لمستقبل سورية بعيداً، أما النقاط الأساسية فهي:
الحرص على وحدة الصف السوري الوطني بكل أطيافه (سورية لكل أبنائها)
التركيز على وحدة سورية ورفض أي مظهر من مظاهر الانفصال والتقسيم

يجب على السوريين كافة، ونحن جزء منهم، أن يجتمعوا على تشكيل الهيئات المؤقتة المناسبة، لاستيعاب المرحلة، ومنها الهيئة التأسيسية والمكاتب التنفيذية والقضائية اللازمة، للمضي قدماً في الخطوات اللاحقة التي تؤدي بالبناء نحو مستقبل رائد للدولة السورية، ومن ذلك صناعة دستور توافقي، وإجراء انتخابات وإعادة الإعمار وعودة اللاجئين.
على السوريين كافة أن يعملوا على التأسيس لمجتمع السلم وهذا يقتضي أمرين أساسين:
المبادرة إلى عقد مؤتمر للمصالحة الوطنية
والعمل على تحقيق (العدالة الانتقالية) من خلال تأسيس محاكم وطنية عادلة، وهذه تقوم بها الجهات المعنية.
المحافظة على أرواح الناس وحماية الممتلكات العامة والخاصة. هذه مسؤولية كل الناس أفراداً ومؤسسات.
على جميع المؤسسات القائمة –وهذا واجب كل الجماعات والأفراد– أن يعملوا على خدمة أهلنا وشعبنا بما يكافئ الحاجة إغاثياً وتعليمياً وصحياً وعموم ما يخدمهم ونخص منهم أهلنا النازحين في المخيمات.
2) ما هي طبيعة التنظيم السوري: هل هو قطري أم عابر للقارات؟
تنظيم الإخوان في سورية: جماعة إسلامية وطنية، قرارها منها ولا تتلقى قراراً من أحد خارج أطرها التنظيمية، يقوم أساسها على التنظيم من خلال النظام الأساسي لها والذي يضبط سيرها. تأسست هذه الجماعة عام 1945 وانتخب الدكتور مصطفى السباعي أول مراقبٍ عام لها. وتمتاز هذه الجماعة بأنها وسطية من خلال الفهم السليم للإسلام بصورته الشاملة، تدعوا إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وتشارك في الحياة العامة بكل مفرداتها ومنها المشاركة السياسية، كما حدث في الأربعينيات والخمسينيات. وتمتاز هذه الجماعة أنها (حركة مجتمع) تعيش بين الجماهير، وتتعرف الى هموم الناس، وتعمل على تقديم المشاريع التي تنهض بالمجتمع ، كما أنها تنبذ الإقصاء وتؤمن بالشراكة مع أبناء الوطن في الملفات الأساسية للحياة (المشترك العام) وعلى قاعدة “وتعاونوا على البر والتقوى”.
3) ما هو الجديد في خطاب الاخوان المسلمين لجيل الشباب الذي يشكل اليوم التحدي الأكبر لجميع التيارات السياسية والفكرية؟
الشباب عماد المجتمع وعموده الأساسي فهي شريحة مهمة لأنها الحاضر والمستقبل. من هنا:-
منحهم الثقة
تمكينهم من القيام بدورهم الرائد في حمل المسؤولية من خلال بناء تخصصات يحتاجها المجتمع في مفاصله كلها.
نؤمن بتكامل الأجيال لا بصراعها، ونوازن بين نظرية الشباب والشيوخ، فيأخذ كل دوره في الحياة ضمن قانون البذل والإفادة.
4) يعتقد البعض أنه في نهاية عام 2013 كان هناك ميل إلى الإخوان المسلمين لدى قطاع واسع من الشباب السوري الحائر بين التيارات السياسية وفشل معظمها، وتبدل هذا المزاج والميل بعد “2015”… لماذا ضيّع الاخوان هذه الفرصة؟

بداية الثورة كانت فترة إقبال انتعشت فيها الآمال، والقمع الوحشي الذي تعرضت له شعبنا جعل الاستمرار مكلفاً – وهذا يجعل المهمة أصعب وإن كان لابد منها وتستحق التضحية، ولم يضيع الإخوان هذه الفرصة وإنما عملوا في بداية تلك الفترة المذكورة مؤتمراً عاماً للشباب كانت له ثماره الطيبة في هذا الإطار. وما زلنا نسعى لأن نكون حاضرين في قطاع الشباب. ولا ننكر أن بعض القصور قد حصل في هذا الجانب لأسباب كثيرة …
5) هل لديكم أزمة قيادات؟ لماذا لم ينجح الاخوان في توليد قيادات على قدر المسؤولية العامة؟
جيل التأسيس يكون متميزاً عادة في جميع الأحزاب والدول… وقد برزت قيادات إخوانية متميزة في عهد التأسيس والعهد الذي تلاه، عندما كانت الحياة السياسية والدعوة تتمتع بقسط من الحرية، لكن عهود التسلط والدكتاتورية التي تلت ذلك حولت سورية إلى صحراء سياسية وفكرية، واضطرت الجماعة للعمل السري الذي يحجب المواهب القيادية ويجعلها تعيش في الظل.
ورغم هذا فقد ظهر في الجماعة أعلام كبار في الفكر والعلم والعمل المجتمعي، رحم الله من مات منهم ورحم الله من بقي، والجماعة ولَّادة وفيها كوادر جيدة، وهي مدرسة في هذا الشأن، وإن مرت علينا فترة عانينا قليلاً في مسألة إعداد القيادات. والمشهد السوري عامة يحتاج إلى إعداد كوادر قيادية حتى تُغطى الحاجة المطلوبة.
6) في 2004 أصدرت الجماعة “ميثاق الشرف والمشروع السياسي لسوريا المستقبل” ووصفه البعض بأنه من خير الأوراق التي قدمت حينها، وفي آذار 2012 قدم الاخوان “وثيقة عهد وميثاق” تحدثت فيها عن جزء من رؤيتها الوطنية، ولاقت هذه الوثيقة أصداءً طيبة لدى اتجاهات سياسية سورية، بعد 12 سنة هل قدم الاخوان تطويراً لهاتين الوثيقتين؟
نعمل من خلال لجنة مختصة على تطوير وتجديد هذه الوثائق لما يستوعب المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، وهذه ثقافة أصيلة لدى الإخوان في التقويم والمراجعات والتجديد، والمراجعات بشكل عام في الجماعة فيها طابعان:
الأول هو الذي تحدثنا عنه في قضية وثائق الجماعة المعروفة والثاني هي مراجعات داخلية وهذه مستمرة ولا تنقطع بصورة عامة، لأن الذي لا يُحدثُ مراجعات داخلية كي يعرف أين أصاب وأين أخطأ لا يمكن أن يستمر.
7) جرى لغط واسع حول علاقة الطليعة بالإخوان المسلمين السوريين، وهناك فريق يرى تحميل الاخوان الأخطاء التي وقع بها تيار الطليعة، ما القول الفصل لقيادة الإخوان حول هذه المسألة؟
الطليعة جماعة مستقلة قرارها تتحملها بنفسها، فلا الإخوان يتحملون قرارات الطليعة ولا الطليعة يتحملون قراراتنا.
8) الإسلام السياسي تعبير يطلقه البعض على تيار الإخوان المسلمين وغيره كثير من التيارات الإسلامية، مع وجود الفوارق الكبيرة بينها، أين يجد الاخوان السوريون أنفسهم من هذه التسمية، وأي من تجارب الإسلام السياسي أقرب إليهم؟
مصطلح الإسلام السياسي مصطلح يُراد منه معنى غير إيجابي وإن كان بعض الإسلاميين يستعمله على أنه مصطلح شائع، فلا ندقق كثيراً في المصطلح وإن كنت شخصياً لا أحبذه. والمهم في الأمر أننا نؤمن بأن الإسلام منهج ينتظم شؤون الحياة جميعاً، ففيه السياسة والدعوة والتربية والفكر والاجتماع والاقتصاد والاجتماع ومسائل الحياة جميعاً، فلا يوجد (إسلام سياسي، إسلام اقتصادي، إسلام صوفي، إسلام سلفي، إسلام عربي، إسلام أعجمي.. ) وإنما إسلام واحد فيه نظم تشمل الحياة.
9) ما هو النموذج الذي تعتبرونه أقرب لكم كحالة حكم تفضلون المشاركة بها، هل هو نظام مرسي في مصر؟ نظام اردوغان في تركيا ، أو ظاهرة مهاتير محمد في ماليزيا؟ أو من قياداتكم في سورية زمن الخمسينات وما بعد حينما تحالفتم مع تنظيمات سياسية مدنية آنذاك؟
نعتقد أن لكل بلد خصوصياته وله مفكروه وسياسيوه. وإننا في مشروعنا السياسي ذكرنا شكل الدولة التي نؤمن بها وأن تكون التعددية والتداولية والحرية وصناديق الاقتراع هي السياج العام الذي ينبغي الالتزام به. وشكل الحكم مسألة اجتهادية تقوم على أساس التوافقية السياسية مع كل أطياف الشعب السوري. وجماعة الإخوان المسلمين يمتلكون المرونة الكافية في صناعة هذه التوافقيات، كما حصل في دستور 1950، وما دور الدكتور السباعي وإخوانه بمجهول في إيجاد صيغ التوافق المعروفة آنذاك.
10) الحضور الإعلامي لأي تيار سياسي يشكل نقطتين هامتين، الأولى التواصل المباشر مع الشارع الذي يعني الكثير لأي لاعب سياسي في المشهد السوري، النقطة الثانية ممارسة الشفافية المطلوبة اليوم لتعزيز مصداقية أي تيار، لماذا نلمس ضعفاً شديداً لدى الاخوان المسلمين في هذا الجانب، ولماذا يتبدى هذا في صمت غير مبرر إزاء العديد من الوقائع الساخنة؟
عندنا حضور إعلامي لكنه يحتاج إلى تطوير وتحديث بحيث يكون حضورنا أكثر وأكبر من الحال التي هو فيها ، أما بالنسبة للصمت إزاء العديد من الوقائع الساخنة:
أعتقد أن الجماعة متابعة ومواكبة لكل الوقائع التي تحدث ولها رأيها الواضح في هذه المسائل والوقائع، وإذا اخترنا السكوت عن قضية ما فهو قليل جداً ويكون له أسبابه الموضوعية.
11) ما هي رؤية الاخوان السوريين للحراك الذي يظهر كأنه لعب في الوقت الضائع، أو تمرير لوقت مجاني يكون الكاسب الوحيد فيه هو النظام الأسدي، مثل اللجنة الدستورية والهيئة العليا للمفاوضات.
بالنسبة للجنة الدستورية فإننا انسحبنا منها لقناعتنا أن البدء بها خلل كبير، لأن المشكلة الأساسية في سورية ليست دستورية وإنما هي في الدكتاتورية والظلم والقتل، وإن التغيير يبدأ من هنا (الانتقال السياسي)، ثم نأتي الى الدستور، وهو يستحق المشاركة والدراسة لبناء سورية الغد. أما بالنسبة للحراكات المتنوعة والمطلوبة فنحن مع أي حراك سياسي يثبت حضور قضيتنا السورية محلياً وإقليمياً ودولياً وقضيتنا حية باقية.
12) بعد عام ونصف من تسلم د. عامر البو سلامة كرسي المراقب العام للاخوان المسلمين في سوريا، ما هي الرسالة الجديدة التي يحملها إلى الشارع السياسي السوري؟ .
هناك مجموعة من القضايا التي أركز عليها وأنصح بها:
أولها ورأسها وأهمها (وحدة الصف الوطني واجتماع الكلمة) لأن الفرقة شر وجاءت على الثورة السورية بكثير من السلبيات، وأدت إلى كثير من المشكلات، فالله في وحدة الصف واجتماع الكلمة وأن نكون يداً واحدة حتى إسقاط النظام ((وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ))، والمحافظة على المبادئ العامة للثورة والقواسم المشتركة التي تجمع الصف الوطني وتحشد الطاقات، والثبات على هذه المبادئـ وأن نمضي بإصرار وعزيمة بلا يأس ولا إحباط ولا قيود. وسرديتنا تقول: الثورة مستمرة ولن يضيع حق وراءه مطالب، تحدياً لسردية النظام ومن معه ويدعمه بأن كل شيء قد انتهى فما لنا إلا أن نسلم.
وعلى الجميع واجب القيام بإثبات حضور قضيتنا على كل المستويات وعلى الصعد كافة وبالأخص منها الحضور الدولي، والإعلامي والسياسي، فلا ندع فرصة من الفرص المتاحة في هذا المجال إلا ويكون حضورنا لافتاً وواضحاً نصرة لقضيتنا وثورتنا، ونوصي النخب السياسية والثقافية بتأسيس المراكز والمؤسسات التي تعني ببناء الإنسان لأن الإنسان هو الغاية والهدف.
13) سابقاً لوحظ قلة عدد المشاركات من النساء في الهيئات العامة للجماعة، كيف يسعى الإخوان المسلمون في سورية لتمكين المرأة والشباب داخل الجماعة وفي المجتمع السوري بشكل عام.
أما الشباب فقد تحدثنا عن ذلك في سؤال سابق، وأؤكد على دور الشباب وضرورة حضورهم وأنهم هم الحاضر والمستقبل، وهم صنَّاع البناء في المشهد السوري، ويجب أن يُمكن الشباب من أخذ دورهم المنشود. والمرأة نصف المجتمع ولها أثرها البالغ في بناء الحياة، لذا لزم إعطاؤها الدور الكافي والرائد الذي يناسب، مع أهمية حضورها وعلى الجميع أن يسعى لتمكين المرأة في دورها الإيجابي الفاعل الذي نحتاج إليه كثيراً، وإن تهميشها وعزلها خطأ كبير على الجميع أن يتجاوزه خصوصاً أمام هذه التحديات الكثيرة التي نشهدها في ساحتنا السورية، وإن حصل تقصير فعلينا أن نتلافى جميعاً هذا التقصير…
14) ما هو موقفكم الرسمي من إيران ودورها في المنطقة؟
النظام الإيراني نظام إجرامي دموي فاسد ومفسد على الأصعدة وقد تجلى للجماعة هذا الأمر منذ عام 1980، فالجماعة لها موقفها الواضح والمعلن من هذا النظام وأنه لا يوجد بينها وبين الجماعة أي علاقة، بل نحن مصطفّون مع أهلنا وشعبنا وثورتنا يداً واحدة في وجه هذا العدو المحتل، الذي يشارك النظام في قتل شعبنا وتهجيره وتغيير بنيته الاجتماعية والثقافية وتدمير مدننا وقرانا وما المخيمات إلا دليل وشاهد على ذلك.
15) ما هي رؤية الإخوان للتعاون مع التيارات السورية الأخرى الآن؟ وهل النوافذ مغلقة أم مفتوحة مع المعارضة واليسار على وجه التحديد؟ لماذا نترك السوريين متباعدين ونكتفي بالتأمل؟
التشاركية من مبادئ عمل الجماعة، والتعامل مع التيارات السورية أصل أصيل في سياسة الجماعة وهي منفتحة على الجميع وليست منغلقة ولا منكفأة على ذاتها، إنما هي منفتحة لا تحفظ على أحد ضمن الثوابت الوطنية التي أساسها وحدة سورية، وهذا الأمر معروف ومعلوم منذ نشوء الجماعة وإلى يومنا هذا.

محرر الموقع