الإخوان المسلمون في سورية

من الذاكرة السياسية للإخوان عن نظام إيران: بيان من قيادة الثورة الإسلامية في سورية حول مواقف النظام الإيراني

من الذاكرة السياسية للإخوان عن نظام إيران
مجلة النذير – العدد ٤٥ – ١٩٨٢
بيان من قيادة الثورة الإسلامية في سورية حول مواقف النظام الإيراني
لم يكن التصريح الأخير لوزير خارجية النظام الإيراني ضد الإخوان المسلمين في سورية هو الوحيد من نوعه، في الإساءة إلى الإسلام والمسلمين في سورية وإيران وفي العالم أجمع، ولكنه كان بمثابة الاستفزاز الذي لا يمكن تجاوزه أو السكوت عليه، إحقاقاً للحق الذي يحجبه حكام إيران بمزاعمهم التي غدت مفضوحة لكل العقلاء والمنصفين. الأمر الذي يقتضينا بيان ما يلي:
لم يكن للإخوان المسلمين أي علاقة بحكام إيران في يوم من الأيام، حتى يتحدث المتحدثون عن تدهور تلك العلاقة، بل كان حيفٌ وتجاوزاتٌ من طرف المتعاقبين على الحكم في إيران تجاه الإخوان المسلمين، يقابله ضبط للنفس، وتغليب للحكمة، وتسام عن المهاترات من جهة الإخوان المسلمين، الأمر الذي أساء فهم هذا الصبر وتلك الحكمة.
فحين تعصب حكام طهران لمذهبهم دون سائر المذاهب الإسلامية في إيران وأفغانستان، التمسنا لهم المبررات، وطردنا الشكوك، في حين لم يكن لهم ما يبرر مثل هذا التصرف.
وحين مدوا أيديهم إلى نظام حافظ أسد، تساءلنا عن ذلك فأجابنا المتعاطفون معهم: إنه التكتيك وحسب.
وحين عمقوا التحالف معهم وتبادلوا العلاقات الأمنية والعسكرية، سوّغ لهم المسوّغون ذلك زاعمين بأن أوضاعهم الداخلية والخارجية تضطرهم إلى مثل هذا التعاون.
ولكنهم لم يقفوا عند هذا الحد، بل عمدوا إلى التعاون والتحالف مع أعداء الإسلام في المنطقة العربية والمحافل الدولية، وإذا مؤتمراتهم تغصّ بأنواع المنظمات في العالم إلا المنظمات الإسلامية. من فيتنام إلى كوريا إلى طغاة عدن إلى طغاة أثيوبيا. وتوّجوا انحرافاتهم هذه بشرائهم الأسلحة من العدو الصهيوني.
وطوال هذه المسيرة نقلت وكالات الأنباء –لا سيما السورية منها– تصريحات عدد من مسؤوليهم، تنال من ثورتنا الإسلامية، ومن جماعة الإخوان المسلمين خاصة. وكانوا يسارعون إلى التنصل من تلك التصريحات –بين وقت وآخر– باتهام وكالات الأنباء بالتحريف والتزييف. حتى جاء تصريح وزير خارجيتهم هذا، وتناقلته وكالات الأنباء دون أن يعقّب عليه بنفي أو تعديل، وهذا يعني فيما يعنيه أنهم عزموا على الجهر بالعداوة، وإعلان الحرب على جماعة الإخوان المسلمين، وعلى كل من التمس لهم العذر، وتمنى لهم الشفاء من عقد الماضي، ورواسب المذهبية الضيقة، وأنهم يخططون لتمزيق العالم الإسلامي كما مزّقوا إيران. إنهم أرادوها شعوبية سوداء، تحالف الصهيونية ضد العروبة والإسلام، وأرادوها حزبية مذهبية تؤكد الطائفية السياسية ضد المصالح العليا، وضد العدالة الاجتماعية التي شرعها الله للعباد، وأرادوها معارك جانبية.
إن المواطن السوري، وإن الأخ الفلسطيني، بل إن كل من تحمس لحكام طهران سرعان ما انقلب عليهم، سواء في ذلك، رموزهم الدينية والسياسية، وأدان وقوفهم المخزي مع النظام الطائفي الخائن في دمشق، ضد شعب سورية الثائر، ولم يعد العرب والمسلمين يسألون عن الشواهد التي تثبت شراء طغاة إيران الأسلحة من الصهاينة، لأنه صار في غاية الوضوح. وتحالفهم مع الطاغية الخائن حافظ أسد أكبر شاهد على ذلك.
أما عن تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في سورية والعالم أجمع، وعن جهادهم في فلسطين، ووقوفهم في وجوه الطغاة والمستعمرين، وقضائهم على عوامل الفرقة والانقسام، فلا يسأل عنه حكام طهران الذين أساؤوا إلى الإسلام والمسلمين، وأسقطوا الاهتمام بهم من حسابهم، وربطوا مصيرهم بمصير الأعداء، وجعلوا مواطنيهم وإخوانهم الذين هم حلفاؤهم الطبيعيون لهم، جعلوهم أعداء لهم بنص الدستور.
كان الأولى بحكام طهران أن يحذوا حذو جماعة الإخوان المسلمين في نبذ التعصب، وجعل المصالح العليا في رأس سلم الأولويات، وتصنيف الأعداء بعدل ودراية وفهم سياسي صحيح، وبذل الود والعون للأشقاء والأصدقاء.
أما إذا اختار حكام طهران الانتحار والإساءة لأنفسهم ولشعوبهم، ثم الإساءة إلى الإسلام والمسلمين فهذا اختيارهم وقدرهم، وليتحملوا نتائج ذلك. “إن ربك لبالمرصاد” “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلبٍ ينقلبون”.
دمشق في /15/ جمادى الأولى /1402
الموافق /11/آذار/ 1982
قيادة الثورة الإسلامية في سورية

محرر الموقع