بقي على صهوة جواده منذ ثورة الثمانينات لم يفتر ولم يكل ولم يمل.. وجددت ثورة أطفال درعا همته بعد أن أخذ استراحة المحارب عمل خلال هذه الاستراحة بتجارة التحف والأدوات المنزلية فجدد سيرة التجار المسلمين الذين نشروا الإسلام عبر تعاملهم الملتزم بأخلاق دينهم فترك سيرة عطرة في أوساط التجار في الأردن: سماحة بالبيع سماحة بالشراء سماحة بالتعامل. غض نظر عن المعسرين وإمهالهم دون منة أو ضغوط فحباه الله الكثير في هذه التجارة وهذه الأخلاق.
وعندما بدأت إرهاصات ثورة شامة الدنيا لم يتردد لحظة واحدة في تقديم الثورة على الثروة والتجارة. فسرعان ما انخرط في مسار الثورة وأوجد شبكة تواصل مع الناشطين فيها في المنطقة الشرقية بكاملها: دير الزور، الحسكة، الرقة بقراها ومدنها وبلداتها فكان يمضي الهلال والهلالين في الداخل متنقلاً بين هذه المناطق الشاسعة يلتقي بأطياف المشاركين في الثورة من شتى المشارب والاتجاهات على كثرتها. وبإخلاص وحكمة قل نظيرها كان يعالج المشكلات المتولدة أثناء حركة الثورة والثوار.. بخاصة إبّان الكَلب الذي أصاب (قادة الفصائل) الذين ركبهم الشبق للمال المغموس بدماء الشهداء، وإبّان حركة (داعش) المحمومة الموتورة التي شوهت وجه الثورة وتركت فيه ندوباً لم ولن تندمل إلا أن يشاء الله.. وكانت حركة أبي عمرو في حقول الألغام هذه مثار إعجاب جميع من يتصل بهم وينسق معهم ويخطط معهم ويشير عليهم بما آتاه الله من الحكمة والحلم؛ فرسم خلال هذه الحركة صورة ناصعة لجماعته جماعة الإخوان المسلمين بعد أن كانت مشوهة بفعل الإعلام النصيري الحاقد الذي كان يضخ الأكاذيب والافتراءات الموجهة بإحكام من أجل شيطنة هذه الجماعة المباركة.. فتمكن، بفضل الله، من تصحيح تلك الصورة الشوهاء حتى قال قائلهم لقد كنا ظالمين لهذه الجماعة الطيبة.
وبعد أن تعقدت الأمور وبعد أن باع (قادةُ) الفصائل الثورةَ بالملايين الطائلة التي ضخها الغرب هو ومن سمي بـ (أصدقاء الثورة السورية) اضطر أبو عمرو إلى اختزال نشاطه على التواصل مع النظيفين ممن ربطته بهم علاقات العمل الثوري النشط فكان يتواصل معهم عبر شبكات التواصل وعبر بعض اللقاءات التي كان ينظمها في بيته في إسطنبول لـرموز المنطقة الشرقية من ثورين وسياسيين وممثلين عن العشائر.. قبل أن تأتي جائحة كورونا وتغلق عليه معظم المنافذ التي كان ينفذ من خلالها إلى تصويب مسار العمل في المنطقة الشرقية ولم يتخلَ عن راية الثورة حتى آخر رمق من حياته الحافلة بالحركة والنشاط الدؤوب فوداعاً أبا عمرو