الإخوان المسلمون في سورية

المعارضة السورية والمآلات

محمد السيد

في 6 من كانون الأول “ديسمبر” 2020 ميلادي، وفي (مؤتمر المتوسط) الذي عقد في روما، أبان “سيرغي لافروف” وزير الخارجية الروسية المخضرم استراتيجية المماطلة الروسية في التعامل مع اللجنة الدستورية، التي تهدف إلى وضع دستورٍ جديد لسورية تجري على أساسه انتخابات تشريعية ورئاسية في سورية نزيهة وضمن بيئة آمنة، بحسب ياسر الفرحان واشتراطه، وهو عضو اللجنة السياسية في الائتلاف المعارض، حيث بيّن أن البيئة الآمنة تعني تغيرات جذرية في رموز النظام، وإجراء المساءلة عن الجرائم، وعودة اللاجئين، والتوافق الوطني على بناء دستور جديد بعيد عن الاستبداد والإرهاب. (1)

تصريحات لافروف هذه ومثيلاتها من أعوان القاتل بشار وأركان إجرامه، تشير إلى:

1- مماطلة وافية لتمييع عمل اللجنة الدستورية، وذلك بجعل توقيت عمل اللجنة الدستورية مفتوحاً بغير حدود، والوصول من خلال تخريب عمل اللجنة وتأجيلات لقاءاتها حتى وصلت إلى اللقاء الخامس الفاشل منذ أيام، وذلك لكي يصل الجميع إلى انتخابات نيسان 2020، وتأهيل الأسد لرئاسة في الواقع هي الثالثة، تحت شعار أنها الثانية المستحقة، حسب دستور بشار لعام 2012م المرفوض.

2- إن المعارضة السورية المتمثلة بالائتلاف هيّجتها جلبة مسلسلات التصريحات الأممية، وأناشيد المسؤولين الغربيين ذات “الأجندات” المتذرعة بالشفقة على مصير الشعب السوري، الذي شاركت دول أصحاب تلك التصريحات بذبحه؛ بالتصريحات والمواقف الداعمة مواربة للذبح ثم بالميدانيات مشبوهة العمليات والأهداف، أقول هيجتها تلك المسلسلات والأناشيد، لتقوم المعارضة بالسقوط في حبائلها، فتساعد في حملة موسكو وتابعها بشار، فتشكل ما سمي بـ”المفوضية العليا للانتخابات”، محددة أهدافها بـ”تمكين المعارضة من المنافسة في أية انتخابات قادمة؛ رئاسية كانت أم نيابية، أم محلية، وتهيئة الشارع لخوض غمار الاستحقاق الانتخابي”. (2)

3- إن هذا الركض من المعارضة السورية “الائتلاف” والمشاركين في اللجنه الدستورية منها للدخول باللعبة المدخولة بالمكر والكيد، دون تبصر بالعواقب والمآلات والدسائس، ودون امتلاك صف ائتلاف متماسك، عنده رؤية وهدف ووسائل وإمكانات، وتوافق سوري ثوري، هو قفزة في الظلام فوق أرض مزدحمة بالأفاعي والعقارب.

4- ألا يعلم هؤلاء أن ركضهم هذا قد يجمّدون به أنفسهم والحراك السياسي السوري والثوري، وأنّه قد يجعل مياههم راكدة، وحراكهم لا يجدي سوى مزيد من الارتماء في حضن المخططات الأممية المريبة، ومخططات موسكو وتابعها بشار وباطنية الصفويين الإيرانيين ومليشياتهم، وهم بذلك يقامرون بمصير شعب من أوعى وأنشط شعوب المنطقة، وأعلاهم فعلاً وقولاً ورفضاً للظلم والطغيان، بتمسكهم بمواويل الحرية والكرامة والإنسانية، والانتماء لأصول الأجداد ورايات أمية المهتدية بهدي السماء، ووطنية مؤنقة بمساواة وعدالة، تتوسد جميعها طيب المحتد.

5- فهل ما قاله قرار الائتلاف على لسان كبار أعضائه من “طرح أربع سلال، ليحقق تعرية للنظام وعدم شرعية انتخاباته”، (3) يجيب عن السؤال الوارد هنا: كيف سنصل إلى هذا الذي يقولونه:

– هل بمواصلة اللقاء خائب الرجاء في اللجنة الدستورية؟ مع أنه لا توافق مقبول، بين أعضاء الائتلاف، ومن الأدلة على ذلك، ما قاله العميد “عوض العلي” عضو اللجنة المصغرة للّجنة الدستورية السورية عن وفد المعارضة، في بيان استقالته من اللجنة السبت 30/1/2021م، حيث وصف العملية بالعبثية.

وهذا رئيس وفد المعارضة السورية “هادي البحرة” ينفض يده من الألاعيب والمماطلة لتمييع السير في اللجنة إياها، فيدعو المجتمع الدولي وروسيا على وجه الخصوص، للضغط على نظام الأسد من أجل التوصل لحل سياسي. (4)

ونحن نقول للسيد هادي البحرة: يا سيدي، هل ما زلت تثق بروسيا وبوتينها، الذين يريدون حلاً يكون أسد زعيمه وعرابه أيضاً؟ كفى يا سيدي بعداً عن روح الثورة السورية والشعب السوري، الذين يرابطون ويصابرون، وفي جعبتهم قلوب محتسبة صبرها وتضحياتها عند الله، من أجل سورية والمستضعفين الصامدين صمود شموخ جبالها وسهولها المعطاءة.

وهل ترى أن الأسد الذي تطلب الضغط عليه من روسيا على وجه الخصوص، يتصرف في الأمور من عنده؟ ألا يرى الجميع أنه دمية روسيا وإملاءاتها، وهي التي تملي عليه ذلك الصلف الظاهر من تصرفاته ومواقفه.

وكلمة أخيرة ليسمعها العالم أجمع: إن شعب سورية وثوارها؛ الطفل منهم والمرأة والرجل والشيخ: إن شعب سورية منارة العرب والمسلمين وثورته المباركة لن يقبل بعد اليوم أن يذكر اسم القاتل “بشار” في أرجائها بله رسمه.

وإن هذا الشعب الذي قدّم من التضحيات، ما لم يقدّمه أي شعب في عصرنا، لن يقبل بأي صفوي ثاوياً كالظلمة فوق أرضها، ولن يتوانى عن جمع الحشود الذهبية في وجه القابعين من الملالي في أرض فارس، أرض سلمان، فسلمان منّا وليس منهم، ولسوف يهزم جمعهم بتوفيق من الله ويولون الدبر، هم وبوتينهم قاتل الأطفال والنساء.

وكذلك فإنه يقول لبوتين الذي أعمت الأطماع الفانية بصره وبصيرته عن تأمل مآلاته في روسيا وفي سورية، وأنّ دَخْلته على غابة أسود سورية لسوف يكون مآلها خزي وندامة وانهدام لعرشه، ولسوف يكون مآل الانتخابات التي أوحى بها للدمية “أسد” ألا يشارك بها إلا كل متسلق، وهم قلة، ولن يقترب منها أي سوري حر، على حدّ قول يحيى العريضي في تصريح له لموقع قناة الحرة.

إن الاعتقاد الجازم لدينا هو أن اللجنة الدستورية ولدت ميتة، على وقع تشكيلها الذي لا يمثل أحداً في سورية، ولسوف تكون انتخابات الرئاسة لعام 2021م في نيسان منه، جملة معترضة خاسئة بائرة، غير معبرة عن أي معنى مفيد. مالكم لا تفقهون أيها السادرون خلف المواقع والمنابر البائرة؟ أليس منكم رجل رشيد؟ فالثورة أمامكم، وسورية الحرة الكريمة ذات الحسب والنسب الأموي في مواجهتكم، فأين أنتم ذاهبون؟!

——————————————–
(1)- موقع عنب بلدي، تاريخ 29 كانون أول (ديسمبر) 2020م.
(2)- نقلاً عن تلفزيون الحرة- واشنطن، 20 تشرين الثاني (نوفمبر) 2020م.
(3)- المصدر السابق
(4)- موقع الجماعة، الأحد 31/1/2021

محرر الموقع

أضف تعليقاً