الإخوان المسلمون في سورية

خاب وخسر من لا يعرف قيمة هذه الأيام!

د. خالد رُوشه

إن من الخسران أنواعاً شتى، وقمة الخسران خسران الخير، وفقدان الثواب، وفوات الرضا والهدى.

 

ومن الناس من بلغت غفلته منتهاها، حتى غفل عن مآله وآخرته، وغفل عن الثواب والأجر، وغفل عن الموت والخاتمة، وغفل عن يوم الحساب وساعته.

 

والله سبحانه، من رحمته بعباده يرسل لهم من يذكرهم ويفيقهم من غفلتهم من رسل واتباع الرسل من الصالحين.

 

ولأنه لطيف بعباده، يفتح لهم أبواب رحمته، وييسر لهم طاعته، ويمنحهم الثواب الجزيل على العمل المخلص القليل، ويدعوهم إلى سبيله المستقيم.

 

رب كريم، يجعل لعباده أيام الفضل، ويضاعف لهم الأجر، ويجزل لهم العطاء.

 

وهو رب رؤوف، علم أن من عباده من لن يقدر على الحج ولن يستطيعه، فشرع لهم أيام العشر، يشارك فيها المقيم المسافر، ويستشعر فيها من لم يحج بشعور الشعائر.

 

قال ابن رجب الحنبلي: “لما كان الله سبحانه قد وضع في نفوس عباده المؤمنين حنيناً إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادراً على مشاهدته كل عام، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره، وجعل موسم العشر مشتركاً بين السائرين والقاعدين”.

 

يقول صلى الله عليه وسلم : «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام -يعني أيام العشر-» (أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله عنه).

 

وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم: «ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى» (رواه الدارمي عن ابن عباس وحسنه الألباني).

 

وأمر فيها صلى الله عليه وسلم بكثرة الذكر، إذ يقول صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد» (أخرجه أحمد عن ابن عمر).

 

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، فقد أخرج النسائي وأبو داود وصححه الألباني عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر؛ أول اثنين من الشهر وخميسين”. قال الإمام النووي عن صوم أيام العشر: “إنه مستحب استحباباً شديداً”.

 

وأمر بصيام يوم عرفة، فقد روى مسلم عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة، فقال: «يكفر السنة الماضية والباقية»، وروى الطبراني عن ابن عمر أنه قال: “كنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعدله بسنتين” (وصححه الألباني).

 

 

يقول الإمام ابن حجر في فتح الباري: “والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة؛ لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج، ولا يتأتى ذلك في غيره”.

 

وكان التابعي الجليل سعيد بن جبير “إذا دخلت العشر اجتهد اجتهاداً حتى ما يكاد يقدر عليه”، وروي عنه أنه قال: “لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر”؛ يريد قراءة القرآن وصلاة الليل.

 

وقال ابن القيم مقارناً بين فضل تلك الأيام: (خير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر، كما في سنن أبي داود عنه صلى الله عليه وسلم قال: «إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر، ثم يوم القر». ويوم القرّ هو يوم الاستقرار في منى، وهو اليوم الحادي عشر. وقيل: يوم عرفة أفضل منه؛ لأن صيامه يكفر سنتين، وما من يوم يعتق الله فيه الرقاب أكثر منه في يوم عرفة؛ ولأنه سبحانه وتعالى يدنو فيه من عباده، ثم تباهي ملائكته بأهل الموقف).

 

هذه العشر فيها الخير كله، فما من عمل صالح إلا ويستحب فيها، وما من أيام هذا العمل الصالح فيها خير منها.. فهي خير محض للنفس الطاهرة النقية، وهي دورة روحية إيمانية تتبوأ من العام مكان الصدارة من حيث خيرية الأيام.

 

موقع المسلم

إخوان سورية

أضف تعليقاً