(العدل أساس الملك) عبارة تراثية، وحكمة تناقلها الخلف عن السلف، بل اعتبرت من التراث السياسي الإنساني فهي منقولة عن الهند والصين وفارس.
والعدل اسم من أسماء الله الحسنى، وقيمة عليا تفرض وجودها على حياة الناس، لتحمي حقوقهم، وتجسد مفهوم المساواة المجرد في لبوس واقعي معيش. فهو حالة عامة: قانونية، وسياسية، واقتصادية، وثقافية، واجتماعية، وفي كل ميدان من ميادين الحياة.
لقد اعتبر القرآن الكريم العدل من الدواعي الأساسية لإرسال الرسل وإقرار الشرائع ((لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط)). كما اعتبر أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه العدل بين الناس من العزائم التي لا رخصة فيها فقال: (أما العدل فلا رخصة فيه في قريب ولا بعيد، ولا في شدة ولا رخاء) وقال ابن تيمية رحمه الله تعالى: (عاقبة الظلم وخيمة وعاقبة العدل كريمة. ولهذا يروى أن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة) ويقول في موضع آخر من كتابه الحسبة (العدل نظام كل شيء، فإذا أقيم أمر الدنيا بعدل قامت، وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، وإن لم تقم بعدل لم تقم، وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يُجزى به بالآخرة.)
في مشروعنا الحضاري، نعتبر العدل بأبعاده كافة، هدفاً عاماً لمشروع الاستخلاف الإنساني ينبغي أن يتحقق في حياة الناس بأبعاده المادية والمعنوية. فالعدالة في قضاء قاض، كالعدل في فرصة وطنية تصل إلى مستحقها، كالعدل في حظ مواطن من ثروة وطنه.
ومن العدل خاصة العدالة في توزيع الثروة والفرصة. مع مشروع متكامل لإعطاء صاحب الحق حقه بعيداً عن الضنك والشقاء، وفي بعد العدالة هذا يتساوق النظام السياسي مع النظام الاقتصادي، لتحقيق هذا المطلب الإنساني العام.
المصدر: المشروع السياسي لسورية المستقبل- رؤية جماعة الإخوان المسلمين في سورية