الإخوان المسلمون في سورية

في الذكرى ال “43” لمجزرة حماة الكبرى (2 شباط 1982م)


إخوان سورية
وكان تاريخ نظام الكراهية والبغضاء والعدوان في وطننا الحبيب، تاريخاً للملاحم والمجازر وسفك الدماء، وانتهاك حقوق الإنسان بمستوياتها كافة، وتدمير العمران.
وهكذا كان في تاريخ سورية الحديث، منذ الثامن من آذار 1963م..
وما زال السوريون الشرفاء الأحرار يركبون سفينة الثورة طبقاً عن طبق، حتى أذن الله بالنصر وبالفتح، فله الحمد وله الشكر.
وفي كل جولة من جولات الصراع مع الباطل وأهله، كان دائماً لمدينة حماة الأبية، قدحها المعلّى في النكاية في العدو، وفي الصبر على الأذى.
وربما يحتاج المؤرخ المنصف إلى توثيق ديوان في “غولاغ” المجازر التي ارتكبتها فئة الإجرام ضد أبناء الشعب المسلم الحر من قبل ومن بعد.
ومع هول كل ما جرى وعنفه وعمق الأذى الذي فيه، في جسر الشغور وسرمدا وحلب ووراء أسوار تدمر؛ تبقى مجزرة حماة الكبرى بأبعادها الكارثية المتعددة الوجوه، هي الأشد هولاً، والأعمق اثراً، والأوسع دائرة.
وحين تحدثنا الوقائع عن ما يقارب الأربعين ألف شهيدة وشهيد، ذبحوا في غضون أيام على أيدي مجرمين، تاريخهم منذ كانوا تاريخ الغدر والاستبداد والإجرام..
ويروي لنا بعض من نجا كيف سحب السادي الأسديُ الرضيعَ من حضن أمه، ووضع رأسه تحت بسطاره العسكري فهصره..
ولن نزيد الحديث تفصيلاً فنسترسل في ذكر أشكال العدوان، وحجم الكارثة وكمها وكيفها، فهذا له مكانه في تقارير الحقوق.. وإنما نريد من وقفة الذكرى هذه أن تكون تلك الملحمة بكل ما كان فيها، محطةً للعبرة والذكرى، فلا نخدع، ولا نضل، ولا نخزى؛ وحافظ وبشار الأسد لم يكن كل واحد منهما إلا فرداً في قطيع، لو تمكن أي واحد منهم اليوم لعاد؛ وبرهاننا أن مجزرة حماة لعام 1982 لم تكن الأولى ولا الأخيرة، بل سبقها وتبعها من جنسها إخوة وأخوات..
لا يجوز لأي سوري حر تخدعه بعد ما كان، عناوين الزور والخداع؛ وهذا هو الدرس.. والدرس الثاني والمهم، والذي لا يجوز أن يتجاهله أحد، أن هذه الثورة المباركة التي أعلنا انتصارها في 2024/12/8م، كانت انتصاراً تراكمياً شارك في إنجازه كل سوري صرخ في وجه الطغاة ساعة من نهار: الله أكبر..
من شهداء حي المشارقة في حلب في صبح عيد، إلى مجزرة جسر الشغور، إلى وقائع حماة الصغرى والكبرى، ومنذ كانت حماة كانت الثورة، إلى دماء الأبرياء وعذابات المعذبين في سجن تدمر بكل هوله وفي سجن صيدنايا بكل رعبه..
كان نصرنا هذا نصراً حققته أرملة الشهيد، ظلت تهدهد طفلها: نم يا صغيري إن هذا المهد يحرسه الرجاء.. أو صوت المنادي يجهر بصوته يرد كلام العدواني “إبراهيم خلاص” يوم كتب في مجلة جيش الشعب: “إن الله والأديان والإسلام والمسيحية دمى محنطة في متاحف التاريخ”!!
واشتعلت يومها سورية، واقتحم الأموي بدبابة كان يركبها بعثي جلف، واستشاطت حمص، وهبت حماة، وأغلق السوق التجاري في حلب، وكان الكل ينشد:
في سبيل الله ثرنا نبتغي رفع اللواء.. فليعد للدين مجده أو ترق منا الدماء..
وأريقت في سبيل الله الدماء.. وصلى الله وسلم وبارك على من قال: الكبرُ بطر الحق وغمط الناس.. ليت الناس تعلمت معنى: غمط الناس!!
أيها السوريون الأحرار.. إلى أولياء دم كل شهيدة وشهيد..
نكتب هذا لنذكر أن الولاية على الدم في شريعتنا فردية، وأن واجب من يلي الولاية الكبرى أن يمكن ولي الدم المباشر من حقه في القصاص، ولا يحق له أن يتجاوز، ولا أن يعفو عما لا يملك مناط العفو عنه أصلاً، فإذا كان لا ندعو نحن ولا شريعة الإسلام إلى فوضى أصلاً.. إلا أن أصل الأمر في الشًريعة أن تؤدى الأمانات إلى أهلها..
وإن من حق كل صاحب ولاية على دم أو عرض أو مال، أن يجهر بحقه بإظهار لا بإخفاء ولا بإدغام..!!
وفي فضاء الحرية التي نعيش، ندعو جميع مواطنينا السوريين، إلى عمل منظم لتوثيق وقائع الجرائم والمذابح التي ارتكبت بحق أهلينا وإخواننا وأبنائنا، على مدى ستة عقود.. داعين إلى جعل اليوم الأغبر في مطلع شباط من كل عام، يوماً رمزياً لكل المجازر ولكل الأبطال من الجنود المجهولين..
ماضون على الدرب، لا نقيل ولا نستقيل..
والله أكبر ولله الحمد..
جماعة الإخوان المسلمين في سورية
1 شباط 2025م
2 شعبان 1446ه‍

محرر الموقع