الإخوان المسلمون في سورية

جماعة الإخوان المسلمين في سورية تنعى الداعية الأستاذ “عصام العطار” المراقب العام الثاني للجماعة

إخوان سورية
بسم الله الرحمن الرحيم
لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى..
بتسليم لقضاء الله وقدره، تنعى جماعة الإخوان المسلمين في سورية الأخ المجاهد الداعية الكبير الأستاذ “عصام العطار”، والذي وافاه الأجل، فجر يوم الجمعة 3 أيار 2024م الموافق 24 شوال 1445هـ، في مدينة “آخن” بألمانيا، عن عمر تجاوز ال97 عاماً، بعد عقود من العمل والجهاد، ومقارعة نظام الفساد والاستبداد.
ولد الأستاذ “العطار” في دمشق عام 1927م، ونشأ وتربى في أكناف أسرة سورية لها مكانة اجتماعية متميزة، فعائلته عريقة، عُرفت بالتقوى والعلم، وتلقى دروسه على أيدي شيوخ الشام الأفذاذ، وعمل في مجال التربية والتعليم, ثم وهب حياته للدعوة إلى الإسلام، وتفرغ للعمل الحركي والسياسي الإسلامي.
تعرف “عصام العطار” على الأستاذ “مصطفى السباعي” سنة 1945م، ومنذ ذلك الوقت أصبح العطار من شباب الإخوان المتميزين في سورية، ولمح منه الأستاذ السباعي ذلك التميز فقدمه، وأوكل إليه مهمات لا تتاح إلا للمشايخ ذوي الثقة والخبرة والقدرة على التأثير. واشتهر الأستاذ “العطار” بانفتاحه على جميع التيارات والجماعات التي تتفق، أو تختلف مع فكر الإخوان المسلمين، محاولة للمّ الشمل السوري تحت مطالب أساسية تهدف لخدمة الوطن.
وفي سنة 1951م هاجم العطار الحكم الاستبدادي هجوماً شديداً، فصدر أمر اعتقاله، فنصحه المقربون منه بالخروج، فخرج إلى مصر مجبراً، حيث أحسن الإخوان في مصر استقباله، فقابله الإمام “حسن الهضيبي”، والأستاذ “عبد القادر عودة”، كما قابل الأستاذ “العطار” في مصر عدداً من رموز وقادة العمل الإسلامي، من بينهم الشهيد “سيد قطب”. ثم عاد إلى دمشق قبل وفاة والده بأيام عام 1952م.
انتخب عضواً في المكتب التنفيذي لجماعة الإخوان المسلمين عام 1954م، وقاد المظاهرات الحاشدة احتجاجاً على الاستبداد الناصري الذي أعدم الدعاة عام 1954م. وفي سنة 1955م عقد المؤتمر الإسلامي في دمشق، وضمّ شيوخ سورية الكبار، واختير “عصام العطار” أميناً عاماً لهيئة المؤتمر الإسلامي، وكان وقتها في الهيئة التشريعية والمكتب التنفيذي للإخوان، وعضواً في مكتب دمشق للجماعة.
ندد الأستاذ “العطار” بالطغيان الناصري، وفضح أساليب الاستبداد، وكان يخطب بجامع “تنكز”، فكانت خطبه تستقطب الجماهير الإسلامية ومنها آلاف الشباب.
وبعد الانفصال وعودة الإسلاميين للعمل الحزبي، أجمع الإسلاميون في عام 1961م على ترشيحه في الانتخابات البرلمانية، فخاض الانتخابات النيابية على رأس قائمة إخوانه، ففاز بالنيابة عن دمشق فوزاً ساحقاً تجاوز فيه السياسيين الكبار، وأثار ذلك الفوز حفيظة أعداء الحركة الإسلامية، فراحوا يدقون أجراس الخطر، ويحذرون من فوز عصام العطار وإخوانه، وما يمثله من نهضة إسلامية شعبية.
رفض الأستاذ عصام العطار الانقلاب البعثي سنة 1963م، ورأى فيه الوجه الطائفي، وأعلن ذلك في مسجد الجامعة، وبقي يمارس العمل الإسلامي، وشعبيته القوية حمته من الاعتقال.
ولما ذهب إلى الحج عام 1964م، أغلقت السلطات الطريق في وجه عودته، ومنع من دخول سورية، فذهب إلى لبنان ثم سرعان ما غادرها إلى بلجيكا.
وعندما انتخب مراقباً عاماً للجماعة كان هو في منفاه، وحاول مرات عديدة الاعتذار والتخلي عن المناصب، ولا سيما عقب مرضه بالشلل في بروكسل، إلا أن اعتذاره رفض من قادة الجماعة، فاستمر مراقباً عاماً في سورية حتى عام 1973م.
ثم انتقل من بلجيكا إلى ألمانيا، فتفرغ للعمل الإسلامي، مؤسساً المراكز الإسلامية, وخطيباً للجمعة في المركز الإسلامي في مدينة “آخن” (مسجد بلال).
وفي 17-3-1981م، وفي واحدة من أبشع جرائم الأسد، أقدم النظام على محاولة اغتيال الأستاذ عصام العطار، حيث اقتحم المجرمون شقته فلم يجدوه، فاغتالوا زوجته “بنان علي الطنطاوي”، وأطلقوا عليها 5 رصاصات غادرة، في جريمة نكراء أكّدت وحشية هذا النظام واستبداده، وأنهت حياة بنت الداعية الشيخ “علي الطنطاوي” في السابعة والثلاثين من عمرها، والتي ساندت زوجها طوال سنوات نضاله، وعاشت الغربة 17 عاماً إلى جانبه تدعو إلى الحق والرشاد.
ولما انطلقت ثورات الربيع العربي، لم يلبث أن أيدها، ووجه عدة نداءات يدعو فيها الشعب السوري الثائر إلى سلمية الثورة، والبعد عن الطائفية، وعدم الاستقواء بالأجنبي.
رحم الله الداعية المجاهد الأستاذ “عصام العطار” وأجزل له الأجر والمثوبة، وعوّض الأمة العربية والإسلامية خيراً، وألهم أهله وإخوته ومحبيه الصبر والسلوان.
نسأل الله تعالى الله أن يتقبل جهده وبذله وسائر عمله، وأن يرفع مقامه في عليين، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
وإنا لله وإنا إليه راجعون.
جماعة الإخوان المسلمين في سورية
3 أيار 2024، الموافق 24 شوال 1445هـ

إخوان سورية