من رسائل الإمام الشهيد حسن البنا



إنّ مثل الأمم في قوتها وضعفها وشبابها وشيخوختها وصحتها وسقمها، مثل الأفراد سواءً بسواء، فالفرد بينما تراه قوياً معافىً صحيحاً سليماً، فإذا بك تراه قد انتابته العلل وأحاطت به السقام وهدّت بنيته القوية الأمراض والآلام، ولا يزال يشكو ويئنّ حتى تتداركه رحمة الله بطبيب ماهرٍ ونطاسيٍّ بارعٍ يعلم مواطن العلّة ويُحسن تشخيصها ويتعرف موضع الداء ويخلص في علاجه، فإذا بك بعد حين ترى هذا المريض وقد عادت إليه قوته ورجعت إليه صحته، ربما كان بعد هذا العلاج خيراً من قبله.
قُل مثل هذا في الأمم تماماً، تعترضها حوادث الزمن بما يهدّد كيانها ويصدّع بنيانها ويسري في مظاهر قوتها سريان الداء، ولا يزال يلحّ عليها ويتشبّث بها حتى ينال منها، فتبدو هزيلة ضعيفة يطمع فيها الطامعون وينال منها الغاصبون، فلا تقوى على ردّ غاصب ولا تمنع من مطامح طامح. وعلاجها إنما يكون بأمور ثلاثة: معرفة موطن الداء، والصبر على آلام العلاج، والنطاسيّ الذي يتولى ذلك حتى يحقق الله على يديه الغاية ويتمّم الشفاء والظفر.
الإمام الشهيد حسن البنا
