الإخوان المسلمون في سورية

الأمة التي تستثقل أعباء الكفاح..

محمد الغزالي
الرجل الذي يعيش لنفسه فقط، لا ينتفع به وطن، ولا تعتز به عقيدة ولا ينتصر به دين، ولا قيمة لإنسان يكرس حياته لإشباع شهواته وقضاء لباناته، فإذا فرغ منها لم يهتم لشيء ولم يبال بعدها بمفقود أو موجود!
مثل هذا المخلوق لا يساوي في ميزان الإسلام شيئا، ولا يستحق في الدنيا نصراً ولا في الآخرة أجرا!
لا قيمة للإنسان إلا إذا آمن بربه ودينه، ولا قيمة لهذا الإيمان إلا إذا أرخص الإنسان فى سبيله النفس والمال..
وقد بين لنا القرآن الكريم أن الرجل قد يحب أن يعيش آمناً فى سربه، وادعاً بين ذويه وأهله، سعيداً في تجارته، أو مطمئناً فى وظيفته، مستقراً فى بيته ومستريحاً بين أولاده وزوجته..
بيد أنه إذا دعا الداعي إلى الحرب وقرعت الآذان صيحات الجهاد فيجب أن ينسى الإنسان هذا كله، وأن يذهل عنه فلا يفكر إلا في نصرة ربه وحماية دينه وإنقاذ آله ووطنه، وإلا فإن الإسلام منه بريء: ((قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين))
والأمة التي تستثقل أعباء الكفاح وتتضايق من مطالب الجهاد إنما تحفر لنفسها قبرها وتكتب على بنيها ذلاً لا ينتهي آخر الدهر!
وما ساد المسلمون إلا يوم أن قهروا نوازع الخوف، وقتلوا بواعث القعود، وعرفتهم ميادين الموت أبطالاً يردون الغمرات ويركبون الصعاب.. وما طمع الطامعون فيهم إلا يوم أن أخلدوا إلى الأرض، وأحبوا معيشة السلم، وكرهوا أن يدفعوا ضرائب الدم والمال، وهي ضرائب لابد منها لحماية الحق وصيانة الشرف، ولا بد منها لمنع الحرب وتأييد السلام، إن كرهنا الحرب وأحببنا السلام..
________
المصدر: محمد الغزالي، كتاب “الحق المر”، الجزء الثاني.

محرر الموقع