إنّ الإخوان المسلمين في سورية ليسوا حزباً سياسياً عابراً يضمّ أُطُراً تنظيمية ضيّقة، بل هم يمثّلون تياراً واسعاً في الشعب السوري، يضرب جذوره في الأعماق، ويمثّلون الصحوة الإسلامية المستنيرة التي شعَّ نورها في أرجاء الأرض. وتاريخهم يشهد لهم أنهم كانوا دائماً دعاة خيرٍ وتسامحٍ وحوارٍ وإصلاح.. وقد شاركوا في إثراء الحياة السياسية في كل العهود الديمقراطية، كما شاركوا في مقارعة الاستعمار، وفي حرب فلسطين، وفي الحياة الثقافية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية، وكان لهم نواب ووزراء في العهود الديمقراطية، وصحف، ونوادٍ، ومستشفيات، وجمعيات خيرية.. لذلك لا يمكن تجاهل دورهم في بنية المجتمع السوري الحرّ، أو إلغاؤهم بقانون، أو إلغاء دورهم بِجَرّةِ قلم، فهم يدعون إلى الله عز وجل على بصيرةٍ بالحكمة والموعظة الحسنة، وبرنامجهم هو الإسلام، ومرجعيّتهم كتاب الله عزّ وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، شأنهم في ذلك شأن الحركة الإسلامية في كل أقطار الأرض.. وكذلك هم يرفضون كل أشكال العنف والتطرف، ويؤمنون بالتدرّج في الخطوات، ويؤمنون بمبدأ الحوار لحل أيّ خلاف، وتاريخهم يشهد أنهم رجال دعوةٍ وفكرٍ وسياسة، يحترمون القوانين، ولا يَضيقون ذرعاً بالرأي الآخر، ولا يتطلّعون إلى مكاسب حزبية، بل يقدّرون كل جهدٍ يبذله غيرهم في هذا السبيل ويدعمونه.
المصدر: القضية السورية.. حقيقة الصراع بين السلطة الحاكمة والشعب السوري (رؤية جماعة الإخوان المسلمين في سورية) | مقدمة