الإخوان المسلمون في سورية

القضية السورية.. حقيقة الصراع بين السلطة الحاكمة والشعب السوري (رؤية جماعة الإخوان المسلمين في سورية): مقدّمة

مقدّمة

لقد كانت سورية إحدى ضحايا التآمر والانقلابات العسكرية خلال أكثر من نصف قرنٍ من الزمن، وحُرِّم عليها الاستقرار، إلا الاستقرار الوهميّ على أيدي صُنّاع الموت وحمّامات الدم والاستبداد، من القافزين إلى السلطة على ظهور الدبابات، الذين أغرقوا البلاد والعباد بالفوضى والتخبّط والتخلّف، وأخذوا يزاودون ويحاولون عبثاً، إلصاق نتائج ما اقترفته أيديهم، بغيرهم من أطراف المعارضة، خاصةً المعارضة الإسلامية، وبشكلٍ خاصٍ الحركة الإسلامية أو (جماعة الإخوان المسلمين)!..
إنّ الإخوان المسلمين في سورية ليسوا حزباَ سياسياً عابراً يضمّ أطراً تنظيميةً ضيقة، فهم يمثلون تياراً واسعاً في الشعب السوري، يضرب جذوره في الأعماق، ويمثلون الصحوة الإسلامية المستنيرة التي شع نورها في أرجاء الأرض، وتاريخهم يشهد لهم أنهم كانوا دائماً دعاة خيرٍ وتسامحٍ وحوارٍ وإصلاح.. وقد شاركوا في إثراء الحياة السياسية في كل العهود الديمقراطية، كما شاركوا في مقارعة الاستعمار، وفي حرب فلسطين، وفي الحياة الثقافية والفكرية والاجتماعية، وكان لهم نواب ووزراء في العهود الديمقراطية، وصحف، ونوادٍ، ومستشفيات، وجمعيات خيرية.. لذلك لا يمكن تجاهل دورهم في بنية المجتمع السوري الحرّ، وبالتالي إلغاؤهم بقانون، أو إلغاء دورهم بِجَرّة قلم، فهم يدعون إلى الله عز وجل على بصيرةٍ بالحكمة والموعظة الحسنة، وبرنامجهم هو الإسلام، ومرجعيّتهم كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، شأنهم في ذلك شأن الحركة الإسلامية في كل أقطار الأرض.. وكذلك هم يرفضون كل أشكال العنف والتطرف، ويؤمنون بالتدرج في الخطوات، ويؤمنون بمبدأ الحوار لحل أي خلاف، وتاريخهم يشهد أنهم رجال دعوةٍ وفكرٍ وسياسة، يحترمون القوانين، ولا يَضيقون ذرعاً بالرأي الآخر، ولا يتطلّعون إلى مكاسب حزبية، بل يقدّرون كل جهدٍ يبذله غيرهم في هذا السبيل ويدعمونه.
من حق أبناء الجيل الحالي والأجيال القادمة، في سورية وخارجها.. أن يعرفوا الحقائق التاريخية والسياسية، ويطّلعوا على حقيقة موقف الإسلاميين والحركة الإسلامية في سورية، من مختلف القضايا الوطنية التي مرّت على الوطن، وما تزال تتفاعل منذ أكثر من نصف قرن من الصراع المرير بين السلطات الحاكمة المتعاقبة.. والإسلام!.. وذلك للاستفادة من دروس الماضي وعِبَرِه، وللتأسيس لمستقبلٍ وطنيٍ جديد، يقوم على الانفتاح واحترام مبادئ حقوق الإنسان، التي كفلتها شرائع السماء، وكل المبادئ الحضارية لإنسان هذه الأرض!..
* * *

محرر الموقع