الإخوان المسلمون في سورية

بيان مجلس الشورى لجماعة الإخوان المسلمين في سورية

بسم الله الرحمن الرحيم
بيان مجلس الشورى لجماعة الإخوان المسلمين في سورية
في دورته العادية الرابعة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين…
في أجواء مفعمة بالأمل والفرحة بعد تحرير سورية، وبعد نضال طويل امتد لأكثر من نصف قرن تُوّج بالنصر المؤزر بدماء الشهداء وتضحيات الشعب السوري، عقد مجلس الشورى لجماعة الإخوان المسلمين في سورية اجتماعه العادي الرابع في جوّ من التفاؤل بالمستقبل.
ونحمد الله أن مكننا من التخلّص من نظام الإجرام والاستبداد والتسلّط، ومن إيران وميليشيات القتل التابعة لها، وذلك بتوفيق الله عزّ وجلّ ثم بفضل صبر شعبنا وثباته على مبادئ ثورة الحرية والكرامة.
والمجلس يهنئ الشّعب السوري العظيم وسيادة الرئيس أحمد الشرع بهذا النصر، ويرجو له ولحكومته كلّ توفيق وسداد.
وقد ناقش المجلس المستجدّات الكثيرة على الساحة السورية والدولية، وما تقوم به الحكومة السورية من حراك دبلوماسي وسياسي نشط – تجدر الإشادة به – لإعادة سورية لدورها الإقليمي المؤثر، وإعادة الهويّة السورية لوضعها الطبيعي، ولفتح صفحة جديدة في تاريخ سورية القادم، وخلص إلى ما يلي:
1- يؤكّد المجلس على وحدة سورية أرضاً وشعباً، وبتمتّع جميع مكونّات شعبها بكامل حقوق المواطنة في إطار وحدة التراب الوطني، ويؤكد رفضه لسياسة التغيير الديموغرافي بكل أشكاله مهما كانت الظروف والمبررات.
2- كما يؤكّد المجلس أن موقف الجماعة من العهد الجديد هو موقف الداعم الناصح الأمين، الحريص على إنجاح عملية بناء الدولة المدنية الحديثة بمرجعية إسلامية، وأن الجماعة ستبقى دائماً تسدّد وتقارب، وتتلمس سدَّ الثغرات، إنجاحاً للثورة ومبادئها في بناء دولتنا الوليدة.
3- يؤكّد المجلس أنّ العدالة الانتقالية شرط واجب وأساس للسلم الأهلي والاستقرار المستدام في سورية، وهي وسيلة ناجعة لقطع الطريق على تجدّد النزاعات المسلحة؛ كما يؤكّد بالوقت نفسه رؤيته، أن الاستقرار يسهلُ نوالُه بإشراك جميع المكونات السوريّة بشكل فعّال في تنمية وبناء الدولة ضمن برنامج سياسي تعددي، وأنّ استشعار الأطراف السوريّة اليوم واطمئنانها أنّ الدولة – بعد المرحلة الانتقاليّة – تُبنى على أسُسٍ تشاركيّة تمثيليّة، وانتخابات نيابيّة تعدديّة حرّة، عاملٌ هامٌ في تثبيت الاستقرار.
4- يؤكّد المجلس أن تبني خطاب العيش المشترك، والابتعاد عن لغة التأجيج الطائفي، والدعوة لإعادة بناء جسور الثقة التي صدّعها النظام البائد، وبناء ثقافة مشتركة تعمل على بناء السلم الأهلي والاجتماعي، هي خير وسيلة لحفظ العباد والبلاد؛ ويغتنم المجلس هذه المناسبة ليحيّي السوريين الواعين، الذين تنبهوا ورفضوا الحسابات الطائفية وأعلوا صوت العقل منعاً للحروب الطائفيّة التي لا تبقي ولا تذر، وتفتح الأبواب مشرعة للتدخلات الخارجية تحت شعار حماية الأقليات. ومتابعة لهذا الأمر أقرّ المجلس وثيقةً تعكسُ رؤية الجماعة للعيش المشترك في سورية ومبادئ ضامنة لتحقيق سلمٍ أهليٍ واجتماعيٍ يشمل جميع السوريين، ولا تتعارض مع تاريخ شعبنا وأصالته وقيمه.
5- كما أكّد المجلس أن الجماعة كانت وستبقى كما عهدها الشعب السوري جماعةً سوريّة وطنية، مستقلة بقرارها، تسير في نهجها الإسلامي الوسطي، الذي يهدف إلى بناء الإنسان السوري، والحفاظ على كرامته ومستقبله.
6- يُدين المجلس العدوان الإسرائيلي المستمرّ على الأراضي السورية، وجميع المحاولات لتحقيق مشروعه وطموحاته في بلادنا.
7- يحثّ المجلس شعبنا السوري في المهاجر على العودة للوطن، ويدعو المجتمع الدولي إلى رفع نهائي وغير مشروط للعقوبات لإطلاق إعادة الإعمار وبدء التعافي الاقتصادي الذي يُمكّن المهجّرين من العودة لوطنهم والإسهام في إعادة بنائه.
8- يُحذّر المجلس من المشاريع الانفصالية التي تسعى إليها إسرائيل وبعض الدول.
9- كما يُحذّر المجلس من محاولات إيران العبث في استقرار البلاد، والتي ما زالت تقدّم دعمها لفلول النظام وأذرعها في المنطقة.
10- إنّ مجلس الشورى إذ يُحَيّي بطولات شعبنا الفلسطيني المجاهد في غزة والضفة الغربية، ويُحيّي صبره وصموده الأسطوري على أرضه، ليهيب بالشعوب العربية والإسلامية وأحرار العالم أن يقوموا بدورهم بمساندة الشعب الفلسطيني، لينال حقوقه كاملة على أرضه ووطنه، وأن يأخذوا دورهم في مكافحة المشروع الصهيوني، الذي يُعيد كتابة تاريخ المنطقة تحت شعار إعادة تشكيل الشرق الأوسط الجديد.
11- يتقدّم المجلس بالشكر للجمهوريّة التركيّة الصديقة حكومةً وشعباً على وقوفهم إلى جانب الشعب السوري، واستضافتهم لما يزيد عن أربعة ملايين سوري، ونشكرها كذلك على دعمها المستمر وإسهاماتها الهادفة في استقرار سورية.
12- يشكر المجلس دولة قطر أميراً وحكومةً وشعباً على مواقفها المؤيّدة للقضية السورية في المحافل العربية والدولية وعلى دعمها الإيجابي والإنساني للشعب السوري.
13- ويُثمن المجلس دور المملكة العربية السعودية في مواقفها المؤيّدة والمساندة لشعبنا في ثورته واستثمار علاقاتها الدوليّة لرفع العقوبات عن سورية.
14- ويشكر المجلس المملكة الأردنية الهاشمية على دورها الإنساني في استضافة اللاجئين السوريين. والشكر موصول أيضاً لجميع الدول العربية والأجنبية التي وقفت مع حقوق الشعب السوري وقدّمت وتقدّم للّاجئين العون والتسهيلات للإقامة على أراضيها.
وفي الختام، يَودّ المجلس تذكير الشعب السوري بوحدة الصف، واجتماع الكلمة، واستشعار روح المسؤولية في هذا الظرف الدقيق الذي يَمّر به بلدنا. ونسأل الله عز وجل أن يُنعم على أهلنا في سورية بالأمن والسلام والازدهار، إنّه لما يشاء قدير.
قال تعالى: ((واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا)). آل عمران “103”
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
صفر 1447 ه، آب 2025 م

محرر الموقع