الإخوان المسلمون في سورية

بين المحنة والمنحة

الإمام  الشهيد حسن البنا *
((وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)) (2) [سورة الأنبياء، 35].
وهل تتّضح الموهبة ويصفو الجوهر النقيّ الحرّ إلا بين المنحة والمحنة. وتلك سنّة الله تبارك وتعالى فى تنشئة الأفراد وتربية الأمم وسبل أصحاب الدعوات، ممن اصطنع لنفسه من عباده، وصنع على عينه من خلقه ليكونوا أئمة يهدون بأمره ((وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ)).
والأمّة الاسلامية اليوم بين منحة ومحنة، إن فهمت وأدّت ما وجب عليها من حقها، وشكرت النعمة وثبتت، وصبرت على الشدة وواصلت السير في قوة إلى الغاية، فهي واصلة بإذن الله تبارك وتعالى إلى ما تريد، مهما اعترضها من صعاب وواجهها من عقبات. ونصر الله قريب ((وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)) [سورة الحج، 40].
وصدق رسول الله القائل: (عجبت لأمر المؤمن، إن أمره كلّه خير، إن أصابته النعماء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته الضراء صبر فكان خيراً له).
والإخوان المسلمون اليوم، وهم الأمة الجديدة، القائمة على الحق، المهتدية بنور الله، الداعية إلى صراطه المستقيم، بين منحة ومحنة، وعليهم أن يشكروا الله أجزل الشكر، على ما أولاهم من نعمته، وأغدق عليهم من فضله ونعمه، وأن يصبروا أكمل الصبر على المحنة مهما علا ضجيجها، وأرعد برقها وعظم هولها، وأجلبت بخيلها ورجلها، وليثقوا بموعود الله تبارك وتعالى لسلفهم الصالحين من قبل ((وإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ۗ إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)). [سورة آل عمران، 120]
يا أيها الإخوان المسلمون: ستنكشف الغمة، وتزول المحنة إن شاء الله، وتخرجون من البلاء خروج السيف من الجلاء، أنقياء أتقياء، والله تبارك وتعالى يربيكم بالمنحة والمحنة ((سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ)) [سورة غافر، 85]. ((وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ)) [سورة غافر، 78].
فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.
“والله اكبر ولله الحمد”.

• المصدر: مقتطفات من آخر ما كتب الإمام حسن البنا، بعنوان (بين المحنة والمنحة)، نُشر في جريدة (الإخوان المسلمون)، العدد (794)، بتاريخ 2 صفر 1368هـ – الموافق 3 ديسمبر 1948م.

محرر الموقع