الإخوان المسلمون في سورية

ثورة حرية وكرامة

أصالة.. ونبع صمود وبطولة

محمد السيد

انتخابات في سورية؟! وموعد نيسانيّ؟! ينطفئ اسمها وموعدها على وقع سرادقات المراثي، المزدحمة بشتى المجازر، وثورة سورية سجّلت في دفاترها الفذّة طلائع نصر موعود، يحدوه الصمود، ورفض القعود، وانبعاث ذلك الضياء الباهر، الذي حملته للأجيال فتوحات رسالية رحمانية أمويّة اليد والساعد، رفيقة درب الساعين لحريةٍ وكرامةٍ وحق.

وعندما استدار الوقت، وخمّن الماكرون من هياكل المعتوه أسد الأمنيين كما يدعون من أمثال بهجت سليمان الهالك بالكورونا، وزمرة العصابة الرافضية، أنّ روح هذه الثورة هي الرسالية، التي اختيرت من بين مزدحم المنطلقات، كشّر الأشرار المحليون والإقليميون، توابع العالميين عن أنيابهم، فغرزوها في الجسد الطاهر ونفثوا فيه سمومهم، فجاسوا خلال الديار؛ ديار سورية الشام، فكان دمار شامل، وأهل مهمّشون مهجّرون، معذّبون، مقتولون، وتغيير ديموغرافي إحلالي، إذ حلَّ  شيعة غرباء مرتدّون من إيران والعراق وباكستان وأفغانستان ولبنان مكان السوريين السنة، فهم (عصابات الحكم) يغتصبون أرض الوطن وعقاراته من أصحابها السنّة ليملّكوها للغرباء من الروافض، الصائلين على سورية وغيرها من أقطار المسلمين، بالموت والدمار وخرافات المطبّرين المجوسية والغنوصية، وذلك بدعم وتواطؤ دولي، خارج من دهاليز الصهيونية المخزونة في الأوهام التلمودية، المقتدية بها باطنية الصفوية الإيرانية الفارسية وتوابعها من حزب اللات في لبنان رضيع الروافض من فرس إيران، الذي زحف إلى سورية برضىً (صهيو أمريكي)، تحت شعار “يا حسين”، وحسين رضي الله عنه بريء من هؤلاء الخرافيين المتشكلين على عين عبدة النار، يحدوهم حقدٌ أسودٌ على دين الإسلام، الذي جاء ليخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الواحد الديّان، وتلك هي حرّية وكرامة الإنسان، وحياته السعيدة في دنياه وآخرته. ثم إنّ مرتزقة هذا الحزب، أرادوا إيقاف قطار الحرية والكرامة، الذي نادت به ثورة شعب سورية، وكانت قد لقّنت الطاغية بشار والغزاة المرتدين طعم الذل والهزيمة، ومن ثم ليستنجد الطاغية بالروس، بعد أن أيقن بالنهاية، رغم الدعم الإيراني الصفوي وتابعهم حسن نصراللات، وهؤلاء الروس جاؤوا يحدوهم كما قال الشاعر قولاً لنسمعه لطائراتهم وشتى أنواع أسلحتهم، ومن بعد لنقول لهم: تسللتم إلى بلدنا، ولكن كيف الخروج؟! فقد قال الشاعر شعراً ينطبق على حال كل المتواطئين، إذ يتداخلون بتداخلهم المشين ضد الإنسان السوري:

شبران ولا تطلب أكثر

لا تحلم في وطنٍ أكبر

هذا يكفي

فالشرطة في الشبر الأيمن

والمسلخ في الشبر الأيسر

قالت خيبر:

إنا أعطيناك المخفر

فتفرغ للثورة وانحر

وحين تسلل الروس بضوء أخضر أمريكي غربي إلى سورية، كانت غايتهم جميعأً إسكات الصوت السوري المتغيي الحرية والكرامة والأصالة، وليعيثوا في الأرجاء قتلاً وتشريداً وهدماً ونهباً أمام مرأى العالم وسمعه، فلا يهتزّ لأحدٍ عرق ولا شعرة، بل هم ما زالوا يؤيدون أنّ القاتل الفاجر، “بشار” وحكمه شرعي، فهذه منظمة UN Watch توجّه توصية للمنظمة الدولية بتنصيب ممثّل بشار في الأمم المتحدة (الصباغ) في مقام رفيع في لجنة “إنهاء الاستعمار” الأممية المكلفة بدعم حقوق الإنسان، على حد تعبير من أورد الخبر، وإنه لتوجيه عبثي لا أخلاقي. ولكن صمود ثورة الشعب السوري وإصراره على نيل حريته وكرامته وقراره أفشل الخطط الروسية، رغم قلة النصير وتآمر حتى الصديق المدّعى، ممّا حدا ببوتين في مؤتمر استنبول السابق قبل سنوات لمحاولة شرعنة موضوع الانتخابات وعودة اللاجئين وإعادة الإعمار، لكن عدم حضور الولايات المتحدة لذلك المؤتمر، جعله يغضّ النظر عن ذلك، لأنّه كان يرغب بموافقة أميركية، ولم تحضر أميركا وكان الموقف الأوروبي (ألمانيا- فرنسا) الذين رفضوا الانتخابات أولاً وعودة اللاجئين، وطالبوا بحل ٍّسياسيٍّ يبدأ بحكومة سورية انتقالية، تملك كل الصلاحيات، وذلك استناداً إلى القرار الأممي (2254)، وبعكس ذلك فقد خرجت تركيا من تلك القمّة رابحة؛ إذ شرعنت بها حراكها في إدلب، وعززت دورها في المصير السوري لمصلحة الشعب والثورة، ولحماية الحدود التركية من إرهابيي “بي كي كي” وتنظيم الدولة.

وها هم الروس يعودون اليوم إلى طرح وقوعات الحل السياسي من جديد الذي هو قديم، وذلك من خلال دفع بشار (الألعوبة) موضوع الانتخابات الرئاسية في نيسان 2021، من أجل تأهيله وفرض الأمر الواقع دولياً بوجوده على رأس سورية لسنوات سبع جديدة، إذ يدير الروس من خلاله مصير البلد، ويستزيدون من الاستيلاء على مرافق البلد ومواقعه الاستراتيجية، ومحاولة منهم أيضاً لدمج أجزاء من المعارضة (الائتلاف) إلى مشروعهم، حيث سارع الائتلاف المخترق بالمنصّات، وببعضٍ ممّن يسمّون بالمستقلين، سارع إلى تشكيل لجنة انتخابات، بحجة تأهيل الناس لمشاركة في الانتخابات (المهزلة) التي ستعمل على تأجيل الحلول للقضية السورية، سواء كانت حلولاً ثورية شعبية، أم حلولاً سياسية دولية، ولكن الثورة السورية وشعبها لكل ذلك بالمرصاد، ومعهم كل الصالحين والمصلحين من الأمّة؛ متابعة للأحداث، وزيادة للّحمة مع الأصدقاء، وتطوير الموقف وصيغ الحراك وتحسين الأداء السياسي والإعلامي والأمني، والتعامل مع المستجدات بفهمٍ وعمقٍ وتحليلٍ علمي دقيق، وبحراك متطور الأدوات والآليات، مكافئ للمستجدات، وبفهم عميق لتهديدات (بشار) المستمرة لإدلب وللثوار الأبطال، حيث تتخفى الأهداف الروسية خلف تلك التهديدات، وبتوظيفها يخبّئ الروس المحتلون انتهاكاتهم اليومية التدميرية القاتلة، بالاشتراك مع أسد، لاتفاقات خفض العنف.

إنّ العدوان على الشعب السوري المقدام هائل وممتدّ، وانظر إذا شئت إلى تصريحات وزير خارجية أمريكا الجديد “بلينكن”، التي جاءت في مؤتمر الأمم المتحدة لنزع السلاح، بتاريخ 22/2/2021، إذ يقول: “إنّ أمريكا سوف تحاسب أسد على استعمال السلاح الكيميائي”!! أيا بلينكن.. هل علمت أنّ ما قتله أسد بالبراميل المتفجرة أضعاف أضعاف من استشهدوا بالكيماوي، وأنّ من استشهدوا من المدنيين الأطفال والنساء والرجال، هم عشرات أضعاف من قتلوا بالكيماوي، وكذلك بالقنابل الروسية الارتجاجية والفوسفورية والعنقودية؟! فماذا نسمي تصريحك هذا، إلا إذناً بالقتل الجماعي بكل الأسلحة إلا الكيماوي، لأنّ السلاح الكيماوي يحرج وجوههم أمام العالم. ثم ها هم في الغرب يتطرّقون إلى الخطة الروسية بإجراء انتخابات رئاسية في سورية (نيسان 2021)، لتأتي تصريحاتهم بشأنها خجلة متثاقلة غير محددة ولا جازمة، حيث كان الموقف الأمريكي من القضية السورية يتسم بأنه تعامل مع الملف من باب إدارة الأزمة، وليس البحث عن حلول جذرية، على حدِّ تعبير نصر الحريري، رئيس الائتلاف الوطني السوري، وهذه هي الحقيقة الصلعاء لمواقف الغرب كله.

فما هي هذه الانتخابات؟! إنها روسية بغطاء أسدٍ المارق.. أفبعد قيامه وزبانيته وجلاوزته بتدمير سورية، وتغيير سكانها (الديموغرافي) وتشريد أكثر من نصف شعبها، وجعل الباقين تحت سيطرته يعيشون حياة الذل والمسكنة وضنك العيش وانهيار الليرة إلى حدود انهيارٍ لا يبقي لها قيمة، كما جعل الاقتصاد في مناطق هيمنته ونفوذه الهلامي عدماً وأضحوكة العالم، هذا فضلاً عن ندرة الأعمال والبطالة القياسية.. أبعد القتل الجماعي والانتهاك الإنساني وجرائم الحرب الكبرى، التي اقترفها هذا المأفون، الذي جلب كلّ شرار العالم ليعيثوا هدماً وخراباً وذبحاً ونهباً واغتصاباً وتغييراً ديموغرافياً في سورية الغالية العريقة في الحضارة والمدنية والعيش الكريم.

ونقول من جديد.. أبعد هذا الإجرام الحربي والإنساني، يظلّ هذا الإرهابي القاتل المعتوه مؤهلاً لإدارة هذه الانتخابات، وترشيح نفسه لرئاسة بلدٍ من أقدم وأعرق بلدان العالم، ولرئاسة شعب من أوعى شعوب العالم.. إنّ بشاراً وآله، إذا عدت إلى أصولهم، لوجدتهم غير سوريين وليسوا عرباً، وذلك باعتراف عميدهم “رئيس جمعية المرتضى” شقيق حافظ أسد، عمّ بشار، إذ قال علناً: إنهم (كاكائيون) إيرانيّو المنشأ.

لكنّ الأعجب من المواقف، التي تحير العقول والأفكار، وترسم في الآفاق دهشةً وأنيناً ووجعاً، من سؤال كبير قائل: كيف ينسىٌ أناس من بني جلدة سورية كل تلك الفواحش والجرائم والخراب الذي أحدثته في سورية عائلة أسد وجلاوزتهم من الروافض المارقين، فيسيرون في ركاب هؤلاء المغتصبين للحكم والسلطة بالمدفع والدبابة، وحتى درجة المشاركة في إجرامهم وتخريبهم في البلد وتفريغها من مضامين قوتها، كرمى لعيون الصهاينة، وتثبيتاً لكيانهم المصنوع عدواناً على حق شعب فلسطين، كما صنع حكم أسد بالغدر والعدوان على حقوق الشعب السوري، وذلك ليتعاون الكيانان الأسدي والصهيوني، مع الكيان الصفوي، في كل ما يدمّر المنطقة وعروبتها وثقافتها وأصولها.

ومن جديد نقول: إن الشعب السوري المقدام وثورته المجيدة لن يحتاروا عند مفترق الطرق، فقد اختاروا ومعهم كل شرفاء الأمة؛ اختاروا طريقهم، وهو طريق الثورة على الظلم والطغيان وعلى الاحتلال الروسي- الأميركي- الصفوي- الصهيوني، وإنها لثورة غير مسبوقة بشموخها وأهدافها وتضحياتها وصمودها رغم كل الأهوال، ورغم ما قوبلت وتُقابل به من مكرٍ وخداعٍ وتلاعبٍ بالألفاظ، وتآكلٍ في المواقف من القريب والبعيد.. فهذه نائبة رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الأوروبي تصرّح بقولها: قضية سورية لم تَعُدْ ضمن الأولويات الدولية، وأضافت: إن مساهمة الاتحاد الأوروبي في إعمار سورية، مشروطة بدخول نظام الأسد في مفاوضات حقيقية.

أرأيتم..؟ إنهم لا ينفكون يهيئون لقبول المجرم بشار رئيساً لبلد جعله محتلاً من مختلف المغامرين والمقامرين بمصائر الشعوب! فما الذي يعنيه تصريح هذه السياسية؟ إنها تعطيه شرعية وتأهيلاً للقتل والهدم والتخريب ومزيداً من التهجير!! لقد أضحت السياسة الغربية بالنسبة للمسلمين بلا أخلاقٍ ولا قيم.

لكن شعبنا السوري خاصة، والشعوب العربية عامة وثوراتهم، لكل هذه الفوضى الأخلاقية، ولكل الطغيان والطغاة بالمرصاد.

((وَاللهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون))

 ((يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا..))

وحقّ لنا أن نفخر ونعتزّ بأن ثورتنا ثورة الحرية والكرامة، إن هي إلا أصالةٌ ونبعُ صمودٍ وبطولة.

محرر الموقع