الإخوان المسلمون في سورية

خطابٌ إلى ملح البلد (2)

موفق شيخ إبراهيم
لفت نظري قبل عقودٍ، ما جاء في مقالٍ قرأته للأديب الجِهبذ، محمَّد منلا غزيِّل رحمه الله: “قال لنا أستاذ العربية يوماً في تفسير قوله تعالى: ((فاصدع بما تؤمرُ)) أي شُقَّ يا محمَّد بنور حقِّك ظلمة الباطل!”. ومنها كذلك ذلك الشعار المنقوش على جدارٍ بحيِّ القلعة بمصر: “الإسلام يحطِّم الأغلال فعودوا إليه”.
ولا يخفى على أدنى متأمِّلٍ، أن وجود العالِم الربانيِّ في أوساط الناس، مصدر إشعاع وانبعاث نور، يضيء بنبراسه طريق السالكين ودرب الحائرين، وهو بالنسبة للعامَّة، سراجهم الذي يزهر في الليل، وشمسهم في النهار، وترجمانهم وسائحهم وطبيبهم ومربيهم ودليلهم في الفيافي والقفار، ومرشدهم في حالك الظلَم.
وعلى الضفَّة الأخرى فثمَّة علماء سوء، رضوا على أنفسهم أن يكونوا سدَنة لحكام ظالمين! أو أنهم دخلوا في رقِّ أهواء ذواتهم، فطلبوا العلم لغير مولاهم العليم الخبير.
علماء الدين فئام من الناس أنعم الله عليهم بنعمة الإيجاد، ثم تفضَّل عليهم بنعمة الإمداد، وجعلهم من الصفوة المختارة. فإن هم سلكوا السبيل الأمثل، نالوا رضا الله وتوفيقه، وعلَّمهم مولاهم الكتاب، والحكمة وفقَّههم في الدين، وفضلهم على سائر المؤمنين، وذلك في كل زمان وحين. وإن اختاروا نقيضه هلكوا وأصابهم الخسران المبين، وأفنوا أعمارهم، ليؤول علمهم حجَّة عليهم، وكانوا قوماً بُوراً.
وإذا كان الأنبياء هم ينابيع الهدى في أرض البشر الروحية، فإن ورثتهم من العلماء، هم أمَنةٌ جددٌ على الوحي، وامتداد لقافلة الرسل على مدار القرون والأجيال.
وحسب العلماء الربانيين، أنهم لا يبرحون مواقعهم المؤتمنون عليها، فهم مرابطون على ثغور الحق، مهما تعاظم حجم التضييق عليهم، ومهما لمع بريق المغريات أمام ناظريهم، قد أعدوا أنفسهم لقدر الله، راجين أن يكون لهم قدم صدقٍ عند ربهم، بعد أن أيقنوا أن معركتهم مع الباطل لا هدنة فيها، وعزاؤهم أنهم حفظوا للشريعة هيبتها.

محرر الموقع