الإخوان المسلمون في سورية

ذهاب الطغيان وثورة الأوطان

بيان رسمي

بسم الله الرحمن الرحيم
يحتفل الشعب السوري اليوم بالذكرى الأولى للنصر والتحرير، ولم يكن هذا النصر انتصاراً عسكرياً مؤزراً فحسب، ولكنه انتصار للعدل على الظلم، والأمل على اليأس، وانتصار للدم على الرصاص، وللحديد المسلح بالإيمان على الحديد المسلح بالجور والطغيان.
وهي ذكرى عودة الوطن إلى أهله، وعودة الذاكرة للتصالح مع الحاضر والجغرافيا والتاريخ، فأرض سورية تعرف أبناءها، ولم تنس من شكل هويتها ورسخ إرادتها.
وقد كانت الثورة في أعماقها حدثاً إنسانياً قبل أن تكون حدثاً سياسياً.. وكانت تعبيراً عن رغبةٍ في ترميم الكرامة المجروحة، والانعتاق من الظلم، وإعادة بناء الإنسان السوري الجديد.
ستون عاماً والدم السوري يسيل.. وإرادة السوريين لا تنكسر.. فتحت كل ذرة تراب قطرة دم شهيد، وخلف كل جدار مهدوم حقيبة طفل مدرسية تحت الأنقاض.
وبعد تجربتها المريرة، لن تعود سورية مرة أخرى لعهود الديكتاتوريات والطائفيات، فدون ذلك أشلاء ودماء، ووعي مسلح بعبر التاريخ ورؤى المستقبل.
لقد لفظت هذه الأرض كتائب وعصائب الشتامين واللعانين والمطبرين المسكونين بأحقاد التاريخ، من نظام إيران وأذرعها الذين يعيشون في سراديب الماضي ليسقطوه حمماً وبراميل متفجرة على النساء والأطفال في بلاد الشام.
وقد علمتنا سرعة انهيار النظام البائد في معركة ردع العدوان؛ أن ذلك الباطل الذي جثم على رؤوس البلاد والعباد هش، وأن إرادة الظالمين لا تصمد أمام إرادة الشعوب، والحق منتصر ولو بعد حين.
لقد قالت سورية كلمتها: نعم للعدالة والمواطنة، ولا للديكتاتورية والطائفية والتهميش والإقصاء.
نعم لوحدة البلاد وتعايش المواطنين، ولا للانفصال والتشرذم والتفتيت.
لقد قدم الشهداء أرواحهم ليحموا أرضهم ودينهم وعرضهم ووحدة بلدهم.. فالاستعانة بالعدو الصهيوني ليست حرية رأي، والخيانة ليست خياراً.. ومن أراد الانفصال فلا يلومن إلا نفسه..
وفي الختام، نهنئ شعبنا ورئيسنا السيد أحمد الشرع وحكومتنا بهذا النصر العظيم.
لقد انتصرت الثورة وأنجزت في عامها الميمون الأول خطوات كبيرة على الصعيد الداخلي والخارجي، ولكن التحديات ما زالت كبيرة، فالانتصار الحقيقي ليس بكسب المعركة ضد الطغيان والطائفية والمناطقية فحسب، ولكنه عودة الوعي والرؤية الحقيقية لما يجب أن يكون عليه الوطن.
سورية تحتاج كل أبنائها لبناء وطن الحوار والعدالة، والتشارك السياسي والازدهار الاقتصادي، في نهضة وطنية تقوم على العلم والعمل، والوحدة والتحرر من ربقة الهيمنة والعقوبات الدولية، لبناء مستقبل للسوريين وأبنائهم يليق بتضحياتهم وحقهم في الحياة الحرة الكريمة.
هنيئاً لك أيها الشعب السوري العظيم، وتحية إلى الأجيال المتعاقبة من الثوار الذين قارعوا الظلم دون هوادة منذ ستة عقود، وحقق الله أخيراً على أيديهم هذا النصر العظيم [وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ].
والحمد لله رب العالمين.
جماعة الإخوان المسلمين في سورية
8 كانون الأول 2025م
17 جمادى الآخرة 1447هـ

محرر الموقع