التعددية العرقية والدينية وتحدي الوحدة الوطنية
يتكون النسيج الاجتماعي السوري من أكثر من عشرين مجموعة من الطوائف الدينية والعرقية، وتنظر الجماعة إلى هذا التنوع على أنه عامل قوة وغنى، وليس عامل تفتيت.
وقد شارك في تاريخ سورية الحديث رجالات من مختلف الأعراق والطوائف، لأنهم كانوا يحملون الأهلية والوفاء والانفتاح على الآخرين، كما شارك في قوائم الإخوان المسلمين الانتخابية في السابق مرشحون من غير المسلمين، وما وقع من إشارات للطائفية في مرحلة الأزمة بين الجماعة والنظام السوري كان يستنكر واقعا لم تكرسه الجماعة، ولم تبشر به، وقد آن الأوان لأن تختفي الممارسات الطائفية من سورية، وتحل محلها قيم التسامح والانفتاح.
إن الإشارة إلى الواقع الطائفي، ونقد الممارسات الطائفية والحديث عنها لا يعني الوقوع في فخها أو ممارستها، وهذا موقف آخر مغلوط، ومجاف للحقيقة، طالما عوملنا على أساسه
إن حقيقة الممارسة الطائفية في قطرنا واقعة مستعلنة[1]، لا تقبل المجاحدة، ويكفي للشهادة عليها تتبع الإحصاءات العامة في مفاصل البنية الوطنية: العسكرية والسياسية والإدارية والديبلوماسية والعلمية. وستكون نتائج الإحصاءات الفاقعة ناطقة بكل الحقائق التي تسيء وتريب. ولقد خلفت سياسات التمييز الطائفي في نفوس أبناء قطرنا شعوراً بالمرارة والأذى، وبالذل والمهانة. بل تعدت السياسات طورها، حين غدت تهمة إثارة النعرات الطائفية تهمة يوصم بها كل من ينادي بالإصلاح العام.
أما في إطار التعددية: العرقية، الكردية والتركمانية والشركسية، فلا نرى من منظور إسلامي في هذه الانتماءات مشكلات أقلية تحتاج إلى علاج، بقدر ما نرى خصوصيات أنبتها واقع متخلف ومستبد فكانت شكلاً من أشكال الاحتجاج عليه، وعندنا فإن المطالبة بالحقوق في سياقها الوطني، مطالبة عامة تشمل أبناء الوطن جميعاً. وما يزال الثابت الإسلامي يشكل مظلة أبعد مدى تشتمل على أبناء الأمة أجمع: الإنسان والتطلعات.
ومن هنا ترى الجماعة أن التعامل مع التنوع العرقي والطائفي يقوم على عدة مبادئ:
-
احترام حرية العقيدة والعبادة التي كفلها الإسلام بشكل بين وجلي (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي).
-
تعميق روح الحوار والتسامح والانفتاح على الآخر والتأكيد على أن لكل طائفة الحق في الاحتفاظ بمعتقداتها الخاصة، وأن يكون لها دورها الوطني الأصيل.
-
التوازن في النظرة إلى التدين والطائفية.. فالتدين نزعة أصيلة في النفس البشرية، والتزام بعبادات وسلوكيات وقيم إنسانية رفيعة، وتواصل مع الآخر، وحوار معه، بينما الطائفية تعصب وانغلاق وخوف من الآخر، وكره له, وهي من آثار غياب الفهم الصحيح للدين ، لا أثرا من آثار التدين.
-
تعميق روح المواطنة، واعتماد مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات، وكذلك اعتماد مبدأ الكفاءة وتساوي الفرص أمام جميع المواطنين[2] للمشاركة في مؤسسات الدولة السياسية والاقتصادية والتعليمية والعسكرية والأمنية.