أسامة محمد الحمصي
زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ الْأَسَدِيَةُ رضي اللهُ عنها:
السيدة الجليلة أمّ المؤمنين زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ الْأَسَدِيَةُ القرشيّة، وتُكنّى: أمّ الحكم. الْخَاشِعَةُ الزاهِدَةُ الرَّاضِيَةُ الْأَوَّاهَةُ الدَّاعِيَةُ المُحسنةُ المُتصدّقةُ.
وأمّها أميمة بنت عبد المطلب عمّة النبيّ صلّى اللهُ عليه وسلّم.
تزوّج النبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم زينبَ رضي الله عنها بعد طلاقها من مُتبّناه زيد بن حارثة رضيَ اللهُ عنه، وبعد زواجه مِن أمّ سلمة رضي اللهُ عنها، سنة ست من الهجرة.
جاء في السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني:
(وقد أمر اللهُ رسولَه بتزوجها بعدما كان يخشى صلّى اللهُ عليه وسلّم قالةَ الناس؛ لأنه صلّى اللهُ عليه وسلّم هو الذي زوجّها لمولاه زيدِ بن حارثة رغم معارضتها، وقد تعوّد الناسُ أن لا يتزوج السيدُ مُطلّقَةَ مولاه، وحتى لا يَتحدّث الأفّاكون عن طلاقها من زيد، وزواجها من رسول الله صلّى اللهُ عليه وسلّم لجمالها وحسنها.
والحكمة واضحة في الآية: “فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا” الأحزاب: 37.
ذلك أنّ العرب كانوا يَعُدُّون الابنَ بالتبنَي مثل الابن الأصليّ، في تحريم زوجته إذا دخل بها على والده، ولذلك زوّج اللهُ نبيَّه بزينب، قطعًا لهذه العادة التي لا سند لها في شرع الله تعالى.
وقد قطعَ النبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم بزواجه من زينب عادةً جاهلية أخرى، وهي استعلاء السادة عن الزواج بزوجات مواليهم كبرًا وفسادًا).
من فضائل أمّ المؤمنين زَيْنَب بِنْت جَحْشٍ رضي اللهُ عنها:
1 – جاء في صحيح مسلم:
قَالَتْ عَائِشَةُ رضي اللهُ عنها، فَأَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ، زَوْجَ النَّبِيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْهُنَّ فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم، وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ، وَأَتْقَى لِلَّهِ وَأَصْدَقَ حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ، وَأَعْظَمَ صَدَقَةً، وَأَشَدَّ ابْتِذَالًا لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَصَدَّقُ بِهِ، وَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهَا، تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ.
2 – في صحيح البخاري:
عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي اللهُ عنه: نَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَأَطْعَمَ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ خُبْزًا وَلَحْمًا، وَكَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أَنْكَحَنِي فِي السَّمَاءِ.
3 – عن زَيْنَب بِنْت أُمِّ سَلَمَةَ رضي اللهُ عنهما، قَالَتْ: كَانَ اسْمِي بَرَّةَ، فَسَمَّانِي رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم زَيْنَبَ. قَالَتْ: وَدَخَلَتْ عَلَيْهِ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَاسْمُهَا بَرَّةُ فَسَمَّاهَا زَيْنَبَ. صحيح مسلم.
4 – جاء في شرح السنة للبغوي:
عَنْ أَنَس بن مالك رضي اللهُ عنه خادم رسول الله صلّى اللهُ عليه وسلّم، قَالَ: “مَا أَوْلَمَ النَّبِيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم عَلَى شَيْءٍ مِنْ نِسَائِهِ مَا أَوْلَمَ عَلَى زَيْنَبَ، أَوْلَمَ بِشَاةٍ”. هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ.
وجاء في بعض الروايات: قالَ: فَأشْبَعَ النَّاسَ خُبْزاً ولَحْماً.
5 – جاء في صحيح البخاري:
عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي اللهُ عنها أَنَّ النَّبِيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّم، دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: “لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ” وَحَلَّقَ بِإِصْبَعِهِ الإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا، قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: “نَعَمْ إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ”.
وفي رواية صحيح مسلم:
عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي اللهُ عنها، أَنَّ النَّبِيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّم اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ وَهُوَ يَقُولُ: “لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ الْيَوْمَ مِنْ رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مِثْلُ هَذِهِ” وَعَقَدَ سُفْيَانُ بِيَدِهِ عَشَرَةً، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ قَالَ: “نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ”. وسفيان أحد الرواة في سند الحديث.
6 – هي أوّل أزواجه لحوقًا به بعد موته صلّى اللهُ عليه وسلّم.
جاء في صحيح البخاري:
عَنْ عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها: أَنَّ بَعْضَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم، قُلْنَ لِلنَّبِيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّم: أَيُّنَا أَسْرَعُ بِكَ لُحُوقًا؟ قَالَ: “أَطْوَلُكُنَّ يَدًا”، فَأَخَذُوا قَصَبَةً يَذْرَعُونَهَا، فَكَانَتْ سَوْدَةُ أَطْوَلَهُنَّ يَدًا. فَعَلِمْنَا بَعْدُ أَنَّمَا كَانَتْ طُولَ يَدِهَا الصَّدَقَةُ، وَكَانَتْ أَسْرَعَنَا لُحُوقًا بِهِ وَكَانَتْ تُحِبُّ الصَّدَقَةَ.
وفي رواية صحيح مسلم:
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي اللهُ عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم: “أَسْرَعُكُنَّ لَحَاقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا” قَالَتْ: فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا، قَالَتْ: فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَدًا زَيْنَبُ، لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَتَصَدَّقُ.