الإصلاح الدستوري وسيادة القانون
تعتبر سيادة القانون عنوان الحياة الإنسانية المتحضرة والرشيدة، وفي حال غياب (سيادة القانون) عن الحياة العامة فكل ما يكتب أو يقال في مضامير السياسة، عبث ولغو وباطل.
في رؤيتنا الحضارية المستقبلية، أن الخطوة الأولى في سبيل الإصلاح الدستوري هي في توفير الاحترام التام لنصوص الدستور، والسمو به عن أن يكون ألعوبة بأيدي الممسكين بالسلطة، أو مادة للامتهان يفصلها أصحاب السلطان على مقاساتهم.
إن إضفاء الشرعية الحقيقة، على النص الدستوري، مع ما يمكن أن يكون فيه، واحترامه الاحترام اللائق به كوثيقة وطنية لا يقرب حماها، ولا يتجاوزها قوي بقوته، ولا صاحب سلطان بسلطانه، يولد في نفس المواطن أنه يأوي إلى ركن رشيد من الوقاية الوطنية التي تصون وجوده وتحمي حقوقه.
إن إقامة دولة (المؤسسة) التي يسودها القانون، هي جزء من المشروع الوطني الحضاري العام، الذي ينبغي أن تتضافر عليه جهود أبناء الوطن جميعاً، في موقف موحد تحت راية الحديث الشريف (حتى تأطروهم على الحق أطرا) إنه قبل الخوض في الحديث عن مواد الدستور، أو مفردات القانون، لا بد للجهد الوطني الجمعي أن يتساوق حتى تقوم دولة الدستور، ويعلو صوت القانون.
حتى حالة الطوارئ التي تعتبر استثناء دستورياً، تبقى حالة لها أبعادها القانونية، التي لا تسمح بانفلات أمر الوطن، وضياع حقوق المواطن، وجعل حياته أو موته، رهن شفتي فرد، أو إرادة طاغية.
هذا ولا بد أن يمثل الدستور القيم العليا للأمة، والنظام السياسي الذي يحكمها، وحقوق المواطنين وواجباتهم تجاه وطنهم، وأن يكون بعيدا عن الخوض في الجزئيات التي تضطر المشرع إلى النيل منه بالحذف والتعديل.
إنه بعد أن يأخذ الدستور موقعه، وتعنون لسيادة القانون إرادة الجميع، يبقى أمر الإصلاح الدستوري سهل المأخذ قريب المنال، وفي رؤيتنا الحضارية، لا بد أن تشترك في صياغة الدستور إرادة شعبية جمعية، عبر مجلس تأسيسي تمثيلي ومتخصص، ليكون الدستور معبراً عن إرادة المجموع.
ولكن الذي ينبغي أن نؤكد عليه، أنه لا يجوز في أي حالة من الأحوال، أن يجور الدستور على حقيقة المساواة بين الموطنين: أفراداً وجماعات وأحزاباً وتنظيمات. إن فرض الوصاية على إنسان القطر، وعلى العمل السياسي فيه، من خلال الدستور القائم، الذي تمخض عن جهد سلطوي، وإقرار لحزب معين أن يكون قائدا للدولة والمجتمع! لمما يشين واقع الحياة السياسية في قطرنا العربي السوري، ويؤثر سلباً على مكانته الحضارية بين الأمم والشعوب.
المصدر: المشروع السياسي لسورية المستقبل- رؤية جماعة الإخوان المسلمين في سورية | الجزء الأول: المنطلقات النظرية والفكرية للمشروع | الباب السابع: في النظم والمناهج | الفصل الأول: الإصلاح الدستوري وسيادة القانون