ثالثاً: دائرة العلاقات الإسلامية
إن منطلق الجماعة في السياسة المتعلقة بدائرة العلاقات الإسلامية هو المبدأ الإسلامي الأساسي الذي نص عليه كتاب الله عز وجل: ((وأن هذه أمتكم أمة واحدة، وأنا ربكم فاعبدون))، والذي بينه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).
ولئن كان واقع المسلمين اليوم بعيداً عن هذا المثال الذي وضعه الرسول الكريم، فإن من واجبنا ونحن نتحدث عن السياسة الخارجية لبلادنا أن نبيّن أنّ هذا هو الهدف العام الذي نتمنّاه لعلاقاتنا في إطار العالم الإسلامي الذي يشكّل إحدى أكبر التجمّعات في عالم اليوم، ويملك طاقات هائلة على الصعيد البشري والاقتصادي وذخراً كبيراً من القيم والمصالح المشتركة.
والجماعة وهي تدرك أنّنا نعيش في عالم من التكتلات الإقليمية والدولية يقتضي أن تحول هذه الأماني إلى مؤسسات وأنظمة تغيّر من واقع المسلمين على الأرض، وتمكنّهم من التعامل مع تكتلات اليوم بنفس المنطق والأساليب، كتلة إسلامية عالمية تتشابك علاقاتها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، في إطار محكم ومتطور من التنظيم والفعالية تساعد المجتمعات الإسلامية على التخلص من تخلفها، وتساهم بإيجابية في تطور مسيرة الحياة البشرية، وتعتمد الحوار الحضاري بدلاً من الصراع في التعامل مع الآخرين.
واستناداً إلى هذه النظرة العامة فإنّ الجماعة ترى تبنّي السياسات التالية:
1- تشجيع كل فرص الحوار والتواصل والتعارف بين الشعوب الإسلامية، ونشر اللغة العربية لغة القرآن الكريم، وإقامة المؤسسات الثقافية والتعليمية والتربوية التي تعنى بتعميق الهوية الثقافية المشتركة للمجتمعات الإسلامية.
2- إقامة سوق إسلامية مشتركة، تشجّع على التبادل التجاري، وإقامة المشاريع المشتركة، وتسهّل حركة تنقل رؤوس الأموال والخبرات بين الدول الإسلامية، كي تستفيد من الإمكانيات الهائلة التي يزخر بها العالم الإسلامي، وتطوير هذه الإمكانيات لخدمة شعوبها.
3- توثيق الصلات مع الأقلّيات والجاليات الإسلامية في الدول المختلفة ( خاصة في أوربا وأمريكا)، للمحافظة على هويتها الإسلامية، والمشاركة البناءة في الدول التي تعيش فيها، وأداء دورها في خدمة القضايا العربية والإسلامية .
4- تفعيل وتدعيم مؤسسات العمل الإسلامي المشترك في كل مجال، مثل منظمة المؤتمر الإسلامي، والمساهمة الفاعلة في تطوير هذه المؤسسات لإنجاز مهامها بكفاءة واقتدار.
5- مواجهة التغلغل الصهيوني في بعض الدول الإسلامية، وإجراء المزيد من الصلات والعلاقات الهادفة إلى توسيع دائرة التفهم لقضية الحق العربي والإسلامي في فلسطين، وخطر المشروع الصهيوني على الأمة كلها.
6- تطوير العلاقات العربية باتجاه التنسيق ثم الوحدة، والنظر إلى وحدة العالم العربي الأساس الذي لابد منه لتحقيق عالم إسلامي متفاهم ومتعاون.
7- اعتبار العالم الإسلامي بعد العالم العربي، المجال الأول لحركتنا الدبلوماسية والسياسية، والعمل على توحيد مواقف الدول الإسلامية، لإبراز كتلة إسلامية مستقلة للوجود، تقوم على المصالح المشتركة فيما بينها، وتحافظ على الخصوصيات والاعتبارات السيادية.
المصدر: المشروع السياسي لسورية المستقبل- رؤية جماعة الإخوان المسلمين في سورية | الجزء الثاني: سياسات المشروع: البرنامج العملي للمشروع السياسي | الباب الأول: الأسس العامة للعلاقات الخارجية | الفصل الثاني: دوائر العلاقات الخارجية | ثالثاً: دائرة العلاقات الإسلامية