الإخوان المسلمون في سورية

نحن لم نصنع الطائفية.. نحن كنا من ضحاياها.. ونأبى أن نكون من مطايا الطائفيين

وأرسل إليّ أخ كريم نسخة إلكترونية من كتاب بعنوان: “كيف صنعنا الطائفية” لمؤلفه..
‏وأقول لأخي الكريم إن الكتاب الذي بُني عنوانه على الخطأ، لا يستحق القراءة، مهما كان مؤلفه قد قرر فيه. يعلم الذين يكتبون، أن أهم شيء فيما نكتب العنوان. ومن المثل السائر ” المكتوب يُعرف من عنوانه”.
‏نحن لم نصنع الطائفية، ولم نشارك في صنعها؛ نحن كنا ضحاياها. على مستوى قطرنا الشامي الذي مزّقه سايكس بيكو أشلاء بسكين الطائفية، ثم على مستوى قطرنا السوري الذي فخّخه المستعمر الفرنسي بجيش الشرق، ولم يزل.
‏لا تنضموا إلى جلادينا، والذي فينا يكفينا، نحن لم نضع على لسان المجرم الروسي لافروف عبارة “من الخطر أن يحكم أهل السنة سورية” والتي تعني الإصرار على تسليط سيف الطائفية على رقابنا…
‏نحن لم نكن نملك طائرة نحمل عليها عقل طائفي مأفون عشعش فيه الجهل، إلى طهران، في أزهى صورة لانقلاب عالمي، في صورة ثورة، لنمرّق به المنطقة العربية المسلمة، بحراب الطائفية والشعوبية..
‏نحن لم نصنع الطائفية..
‏نحن رفضناها وقاومناها وأبيناها، وأسقطنا كل ذرائعها…
‏انظر في أديم الدولة الإسبانية لعلك تجد أثراً للداخل عبد الرحمن، أو لابن عربي أو لابن العربي أو لابن رشد أو لابن حزم
‏وها نحن بين ظهرانينا كانوا وما زالوا من يعبد الشيطان ولا نبالي. وعندما أراد الشيطان الأكبر أن يتاجر بهم، أنشأ فسيلاً رخواً صنعه على عينه، ليجعل منهم قضية طائفية، ما تزال الأبواق الأمريكية تضخ عنهم.. وتعدادهم الكلي لا يوازي عدد شهداء بلدة من البلدات السورية، ويقرعوننا على الطائفية!!
‏وها نحن بين ظهرانينا من يعبد الذي للمراة، وأستحيي من تسميته، ولو شئتَ ذكرتُ لك بعض ترانيم مناجاتهم له، ولا يزال لهم بين ظهرانينا بقية.. وليس لعبد الرحمن الداخل في الأندلس بقية..
‏نحن لو كان الذي في رأس المهووس العائد من باريس على الطائرة الفرنسية مقتصراً على هوس “تفخذ الرضيعة” ما كنتَ ستجدنا نقف عنده، أو سنبالي به إلا كما يتذاكر المثقفون أحياناً ثقافة تقديس الفئران والأبقار والعناكب السوداء..
‏نحن لم نصنع الطائفية..
‏السورة من كتاب الله التي سُنّ لنا قراءتُها في صلاة الوتر عند العشاء، وصلاة الفجر من أول النهار، أن نقول للمخالفين:
‏لا نعبد ما تعبدون.. لكم دينكم ولنا دين.
‏خمسة أجيال منذ غرس المؤسسون للطائفية حرابهم في صدورنا، خمسة أجيال منذ غرس الممارسون للطائفية حرابهم في طهورنا، ونحن لا يُكاد يُسمع منا الأنين…
‏نحن لم نصنع الطائفية، وكفوا عنا جشاءكم أيها المتجشّؤون في وجوهنا، نحن الذين أبيناها ورفضناها، وكل ما في الأمر أننا رفضنا أن نكون من مطاياها.. فكان من بعض الناس كل هذا الجعير..
‏نحن لم نصنع الطائفية.. ولن نكون من مطاياها، وسنظل نفضح كل الطائفيين..
‏وسيظل الأحمق الحلبي صاحب عنوان “عيب ياشباب” محتفظاً بلقبه الذي خلعه عليه مواطنوه..
‏نحن لم نصنع الطائفية، نحن الذين اكتوينا بنارها، ونحن الذين سنظل نأبى أن نكون من مطاياها..
‏نصف قرن هجّرني الطائفيون، كنت أدعو الله أن أجد فرصة لأعود…ثم دعوته لأولادي، ثم ها أنا ذا أدعوه لأحفادي.. ويأبى عليّ الطائفيون..
‏ومن سمعني يوما أسميهم بغير هذا الوصف المقيت فليرجع إليّ بأنني طائفي..
حديث سياسي باللغة الطائفية المقشرة… ولست طائفياً…
ماذا لو انقلب بشار الأسد على تحالفه مع الولي الفقيه و”حزب الله” وتخلّص من الكثير، ومن أهم ما يحب بشار الأسد أن يتخلص منه، الهيمنة، وثقل القروض، والاتفاقات المجحفة.
حتى لا أفجؤكم أنا أعتقد أن بشار الأسد نصيري انتماء، براغماتي ليبرالي عملياً، دينه مصلحته ومصلحة أسرته في دوائر لولبية لا حدود لها.
تاريخياً بين النصيرية النميرية وبين الاثني عشرية ما صنع الحداد..
فموسى بن نصير النميري منشق أصلاً عن الطائفة الموسوية الاثني عشرية.. وليس عن أهل السنة.. فهو فرع في شجرة الشر التاريخية العفنة..
وطائفته مكفّرة عند متكلمي الاثني عشرية.. وهم -أي أئمة الاثني عشرية- يجمعون على كفرهم.. وهم يجمعهم في تحالفهم الحالي أمران: مصالحهم الآنية، وكراهيتهم للإسلام وللمسلمين..
وأعود وأسأل ماذا لو حاول بشار الأسد، في هذا الزحام، أن يفك حلفه مع الولي الفقيه؟؟ وأن يتخلص من ثقل القيود في عنقه، ويقبض ثمن الانفكاك ليس مالاً فقط وإنما…
ولن يعدم من كان أبعد شأواً في الباطنية أن يجد لنفسه عناوين ومعاذير يتحرك تحتها، وأن يكمل ما يفعله الكيان الصهيوني في لبنان، كما فعل ذلك في الثمانينات ضد الفلسطينيين.
بمعنى أن يأخذ موقع الذراع الآخر للكماشة في الإجهاز على الحزب الذي أدى دوره الشرير، وانتهت وظيفته فيه، وأصبح كَلاً أو عبئاً على مموليه..؟؟
إن كل المؤشرات تدل على أن عملية الانسلال الأسدية قد بدأت، منذ انطلاق عملية الطوفان، بل ربما منذ الإبلاغ عن رحلة قاسم سليماني المنطلقة من دمشق.. وتذكروا سبب اغتيال لونا الشبل، وإعلان مرض أسماء الأخرس، وما رافقه من عمليات التصفية المريبة على الأرض السورية..
ومع ذلك يبقى سؤالي الأصعب، أطرحه على نفسي وعلى من حولي: ماذا سيكون موقفي حين سأجد مجندي الجيش الأسدي، يطهرون الأرض السورية من رجس الحزبلاويين والحشديين والفاطميبن والزينبيين…
تطهيراً وتعقيماً…
تذكروا أن فعل هؤلاء الجنود لن يكون روتينياً تنفيذاً للأوامر فقط..
في الحقيقة الجواب على المسألة تصعّب عليّ قليلاً..
أبدئ وأعيد فيها، فلا أكاد أستقر على جواب..
من بعد إذنكم أنا أعتقد أن الدعاء: أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين دعاء الكسالى المسترخين..
في علم السياسة أسوأ قرار غياب القرار.. أسوأ موقف غياب الموقف!!

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي، قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين في سورية