الإخوان المسلمون في سورية

ضرورة الانتشال السريع

ضرورة الانتشال السريع *

محمد أحمد الراشد
يَقِفُ الداعيةُ المسلمُ اليومَ كذاك الموقفِ الذي وقفهُ عمرُ بن عبدالعزيز، فيُحسُّ بوجوبِ السعيِ لانتشالِ الأمةِ من تيهها الذي تهيمُ فيه، ويُدرك ألا مناصَ له من التقدمِ للأخذِ بقيادها وإنُ أَبَت، ومعَ ما يُكلِّفُهُ الأمرُ من التعبِ والنَّصَب.
فلا ريبَ أنَّ السوادَ الأعظمَ قد انحرفَ عن غيرِ ما قصدِ كيد، ولا إرادةِ سوء، وَهُمْ أهلٌ لأنْ يُشاركوا الدعاةَ في إرجاعِ الأمّةِ إلى إسلامها، والسيرِ في خطِّ الحركةِ الإسلامية، والدورانِ في فَلَكها، إذا انجلى لهُمْ جانبُ الانخداعِ الذي هُمْ فيه.
ثمَّ يَقِفُ الداعيةُ وقفةً أُخرى، فيجدُ أنَّ الأمرَ كما قالَ عُمر: صعب، قد فَنِيَ عليه الكبير، وكَبُرَ عليه الصغير، وهاجرَ عليه الأعرابي.
فماذا يفعل؟
أيَتْرُكُ المحاولة؟ أم يؤجلُ إلى حين؟
كلا.
ليس من تَرْكْ، فإنّه ليسَ في منهجه شيءٌ من زيفٍ ولا نقص، وآيةُ كمالهِ هؤلاءِ الشبابُ الأحرارُ الذين يتغنونَ بالقرآن، في عَصْرِ المادةِ والشهوات، والقليلُ يؤدي إلى الكثير، والصبرُ مفتاحُ ما انغلق.
وليسَ مِنْ تأجيل، فإنَّ مرورَ الزمنِ ليسَ من صالحه، وإنّ الطغيانَ كلّما طالَ أَمَدُه، كلما تأصّلتْ في نفوسِ المتميعينَ معاني الاستخذاء، ولا بدّ مِن مُبادرةٍ تنتشل، ما دام في الذين جرفهم التيار بقيةُ عِرقٍ يَنبِض، وبِذرةُ فِطْرةٍ كامنة.
إنّه (ليسَ أشدّ إفساداً للفطرةِ مِنْ الذُّلِّ الذي يُنشؤهُ الطغيانُ الطويل، والذي يحُطّم فضائلَ النفسِ البشرية، ويُحلّلُ مقوِّماتها، ويَغرِسُ فيها المعروفَ من طباعِ العبيد:
استخذاءٌ تحت سوْطِ الجلاد.
وتمرُّداً حين يرُفع عنه السّوط.
وتَبَطُّراً حينَ يُتاحُ لها شيءٌ من النّعمة والقوّة) **.
وإذن، فليسَ مِنْ المصلحةِ الانتظار.
ولا بُدَّ مِن ضَمِّ جُددٍ تتّسعُ بِهِمْ قافلةُ الأحرار.
__________
* المصدر: كتاب “المنطلق”، من سلسلة إحياء فقه الدعوة (1)، محمد أحمد الراشد
** الظلال 1/90

محرر الموقع