الإخوان المسلمون في سورية

ردع العدوان وبناء الأوطان

بسم الله الرحمن الرحيم
عاشت سورية في الأيام القليلة الماضية لحظة تاريخية مضيئة، تضافرت فيها إرادة الحياة الكريمة مع روح التضحية والفداء، والتحمت فيها حصافة الرأي مع شجاعة الشجعان، وأثمرت التحالفات التي اقتنصت اللحظة التاريخية السانحة لتحقيق هذه الانتصارات المجيدة التي أذهلت العالم وأقضّت مضاجع المستبدين.
لقد ظنّ طاغية الشام أن سياسة الإجرام المنفلت من أيّ عقال، وانفراده بالشعب السوري قتلاً وذبحاً ورجماً بالصواريخ والبراميل، وتهديم المستشفيات والمساجد والأسواق سوف يحميه من غضب هذا الشعب، ولكنه ها هو اليوم يقف وحيداً يحصد شر أعماله.. فلا “حزب الله” قادر على نجدته بعد ما تقطعت أوصاله، ولا إيران راغبة في إنقاذه بعد ما نأى بنفسه عن نصرة “حزب الله” الذي قاتل وضحى في سبيله، ولم يعد دعم النظام هماً شاغلاً لروسيا المنشغلة بتأمين الذخائر والإمدادات لجيشها الغارق في الوحل الأوكراني.
ورغم إيماننا بأن التطبيع مع هذا الوحش كان مخالفاً لطبائع الأشياء وخطأً استراتيجياً ضاراً بشعوب المنطقة وأمنها ومستقبلها، إلا أنه أظهر غباءً سياسياً من الدرجة الرفيعة وهو يردّ الأيدي الممدودة إليه، ويصرّ على قمع الداخل وتصدير الكبتاغون للخارج وتدريب الميليشيات الطائفية التي تهدّد الدول العربية، ويخذل حلفاءه الذين ثبتوه على كرسيه وقاتلوا وقُتلوا لحمايته.
ونحن في جماعة الإخوان المسلمين في سورية إذ نضع كلّ إمكاناتنا في خدمة شعبنا وثورته المجيدة نبين ما يلي:
أولاً: نهنئ شعبنا بهذه الإنجازات العظيمة التي برهنت على صلابة هذا الشعب واستعصائه على الاستكانة للمستبدين.
ثانياً: نحيي أبطالنا المجاهدين الذين صنعوا تلك الملحمة التحريرية.. لقد كانوا كباراً في إقدامهم واستبسالهم، وكباراً في تقديرهم وتقريرهم، وكباراً في سلوكهم وأخلاقهم، وبرهنوا أنهم هم أصحاب هذه الأرض يغارون على أعراض أهلها وأموالهم، وعلى سلامة بلدهم ويفدونها بالمهج والأرواح، ونحن إذ نشدّ على أيديهم نذكرهم أن ما قاموا به زلزل الأرض تحت أقدام الطغاة، فالحذر الحذر من كيد الكائدين وتربّص المتربصين الذين يسعون لاستعادة تجبرهم على العباد والبلاد.
ثالثاً: نؤكد للمحتلين الروس والإيرانيين، خطأ حساباتهم بانحيازهم إلى الطاغية الآيل للسقوط، وأن الشعب السوري هو صاحب هذه الأرض، وهو الباقي عليها وهم زائلون.
رابعاً: ندعو الضباط وأفراد الجيش والأمن في سورية، للانشقاق عن هذا النظام المجرم والانحياز لثورة شعبهم والالتحام مع السائرين على درب الكرامة والعدالة والحرية.
خامساً: ندعو جميع السوريين أفراداً وهيئات ومؤسسات لوحدة الصف واجتماع الكلمة والالتفاف حول المجاهدين، فهذه الثورة ثورتكم والمستقبل مستقبلكم ومستقبل أجيالكم وأولادكم.
وفي الختام لنتذكر قول الله تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ * وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَٰكِن لَّا تَشْعُرُونَ * وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)).
ولنتذكر أن الباطل هشّ ضعيف بباطله، وأنّ الحق قوي بحقه، مهما طالت عهود الظلم والطغيان، ولينصرنّ الله جنده المخلصين ولو بعد حين.. ونسأله تعالى الفضل والمنة، وأن يعمّ الفجر الذي أشرقت أنواره في شمال سورية كافة أراضي سورية الحبيبة، وما ذلك على الله بعزيز.. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

جماعة الاخوان المسلمين في سورية
١ كانون الأول ٢٠٢٤م
٢٩ جمادى الأولى ١٤٤٦ه‍

محرر الموقع