الإخوان المسلمون في سورية

أمّ الكوارث السورية

الانقلاب العسكريّ الذي ارتكبه البعثيون في الثامن من آذار عام 1963م.. أنتج حُكماً ديكتاتورياً بوليسياً أنهى المرحلة الديمقراطية للبلاد، وأسّس لحقبةٍ سوريةٍ بالغة السوء والسواد في التاريخ السوريّ، ما يزال وطننا وشعبنا يتجرّعانه حتى الآن، علقماً واضطهاداً واستبداداً وتفنّناً في اقتراف مختلف أنواع الجرائم التي لا مثيل لها في تاريخ البشرية. إذ فرض الانقلابيون أنفسهم على الوطن والشعب، بعد أن سيطروا على مقاليد الجيش والآلة العسكرية، ثم استخدموهما وسيلةً للقفز إلى السلطة والإمعان في تقتيل أبناء سورية واستعبادهم واستباحة حُرُماتهم، بدل أن يكونا وسيلةً للدفاع عن الوطن وتحرير الأرض المغتَصَبة. فقد أزاح المجرمون الجدد عن الخريطة الوطنية كلَّ القوى السياسية التي يمكن أن تنافسَهم، ووَأَدوا كل ما كان من حياة الحرية والتعدّدية، ثم أدخلوا البلاد -باسم العلمانية- في نفقٍ طائفيٍّ مظلم، ما تزال سورية تعاني من شدّة وطأته حتى ساعة كتابة هذه السطور!..

في يوم الثامن من آذار عام 1963م، بدأت في سورية أمّ الكوارث الوطنية، حين استأثر حزب البعث بالسلطة، واتبع أساليب القمع والإرهاب ضد خصومه السياسيين، وقام بخطواتٍ استئصاليةٍ ضد الحركات الإسلامية والقوى الوطنية بشكلٍ عام، وذلك تنفيذاً لمقرراتٍ حزبيةٍ بعثيةٍ اتُّخِذَت منذ تسلّط الحكّام الجدد على مقدّرات الوطن والدولة والشعب السوريّ، إذ صُنّفت الحركات الإسلامية – بموجبها- ضمن القوى الرجعية المضادة للثورة، ففُتِحَت السجون والمعتقلات لأبناء الشعب السوريّ.. وقد كانت حالة الطوارئ والأحكام العرفية التي فرضها الحكّام الانقلابيون على البلاد، وأساليب القمع ومحاولات استئصال الآخر التي اتبعها النظام القادم على ظهور الدبابات المسروقة.. كانت الخطيئة الأكبر، التي أسّست للصراع بين الشعب السوريّ والعصابات المتسلّطة، التي قادت البلاد إلى هاويةٍ سحيقة.

د. محمد بسام يوسف