لعلّنا قرأنا هذه العبارة، لا سيما في مصاعد بعض المباني العامة، وقرأنا عبارة أخرى ألطفَ منها: “ابتسم للكاميرا”. وحين نقرأ مثل هذه العبارة في بعض المصاعد أو بعض “المولات” نحسّ بأهمية أن نكون أكثر احتشاماً وأدباً. وصحيح أن أحدنا لم يكن يريد أن يسرق شيئاً أو يخرّبه، لكنّ شعوره بالمراقبة يزيده احتراساً.
وإن تنبؤات عن تطور التكنولوجيا تتحدث عن مستقبل قريب يكون الإنسان فيه مراقباً في حِلّه وترحاله، بل في بيته ومكتبه وأخصّ خصوصيته، وكأنهم يقولون له: سنحصي عليك كل حركة وسكنة، وكل كلمة تنطق بها، وكل طرفة عين تشير بها. ولا شك أن الإنسان الذي يظن أنه مراقَبٌ إلى هذا الحد سوف يحسب حساباً لكل قول أو فعل يصدر عنه، حتى لا يدفع ثمناً غالياً لأي مخالفة يقع فيها.
فهلّا استشعرنا رقابة الله تعالى، فهو سبحانه عالم الغيب والشهادة: ((وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو. ويعلم ما في البر والبحر. وما تسقط من ورقةٍ إلا يعلمها، ولا حبةٍ في ظلمات الأرض، ولا رطبٍ ولا يابسٍ إلا في كتاب مبين)). {سورة الأنعام: 59}. ولنقرأ هذا التحذير: ((ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه، ونحن أقرب إليه من حبل الوريد. إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد. ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)). {سورة ق: 16-18}. بل إنه تعالى ((يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. والله يقضي بالحق. والذين يدعون من دونه لا يقضون بشيء. إن الله هو السميع البصير)). {سورة غافر: 19 و20}.
وأين علْم البشر ورقابتهم من علْم الله ورقابته؟! وأين محاسبة البشر وعقوبتهم، من محاسبة الله وعقوبته؟!.
لنكن على يقظة ووعي بأن الله تعالى عليم بذات الصدور، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء: (قل: إن تُخفوا ما في صدوركم أو تُبدوه يعلمْه الله. ويعلمُ ما في السماوات وما في الأرض. والله على كل شيء قدير). {سورة آل عمران: 29}. وإنّ الله إذا أخَذَ الذين يخالفون عن أمره، إنّ أخْذَه أليمٌ شديد.
اللهم اجعلنا ممن يخشاك في السر والعلن، ويعبدك كأنه يراك.