لقد حملت جماعة الإخوان المسلمين منذ نشأتها، عبء المشروع الإسلاميّ لشعبنا في إطاره الوطنيّ، لتستعيد سورية مكانتها، وطنا عزيزا، وشعبا سيدا، ودولة مدنية حديثة، يتساوى فيها المواطنون، على اختلاف انتماءاتهم القومية والدينية والمذهبية والسياسية، دولة تنتمي إلى هذه الأمة الوسط على مدى ألف وخمسمائة عام، حاملة لدعوة الإسلام، حارسة لقيمه، حيث ظلّ الشام موئلَ الفئة الظاهرة، تنفي عن الإسلام تحريف الغالين وانتحال المبطلين.. كما تنتمي إلى دوحة العروبة الباسقة، تجمعنا اللغة والأصول المشتركة، من غير تعصب ولا انغلاق.
وطوال العهد الوطني كانت جماعتنا شريكا وطنيا إيجابيا فعالا. لم يسجّلْ عليها في تاريخها الناصع ضلوعا في مؤامرة، ولا تواطؤا مع مستبد، ولا تحريضا على فتنة، ولا استئثارا بموقع، ولا تهمة واحدة مما يلصقه بها اليوم هؤلاء الخرّاصون المتقوّلون.. بل كانت دائما بقادتها ومؤسسيها، موئلاً للدعوة إلى الخير، وحصنا للإسلام وأهله، ودرعاً لكل أبناء الوطن..
وعند احتلال الصهاينة أرضَ فلسطين، استنفرت الجماعة مع من استنفر من رجال الأمة، للدفاع عن الأرض، وللذود عن الحياض، وقدمت شهداء تحتسبهم عند الله، وظلت قضية فلسطين الهمّ الأول، والشغل الشاغل، إلى أن تم إقصاؤها عن الساحة السورية بالطريقة التي تعلمون..
وكان التأسيس للفقه الوسطيّ المعتدل، الهمَّ الأول للجماعة ولقيادتها، متمسكة بالمبادئ والقواعد والأصول، داعية إلى التجديد فيما يحتاج إلى تجديد، من فقه النوازل والفروع. وحمَلت الجماعة في هذا المضمار عبئا وطنيا كبيرا، وكان الجهد الدعويّ في التأسيس لمدرسة الاعتدال والتيسير والانفتاح، هو السمة البارزة في مشروع الجماعة النهضويّ الوطني الإسلاميّ.
كما حملت الجماعة في برنامجها الاجتماعي، همّ مكافحة العادات البالية، والتصدّي للتعصّب بكل أشكاله وصوره، بما فيه التعصب الطائفيّ. ورفعت راية العلم والتعليم، وعملت على ترسيخ نظرية الإسلام في العدالة الاجتماعية، ودافعت عن حقوق المرأة، وسعت لرفع نير التعصّب والانغلاق عنها، وحضّت على تعليم البنات في المدارس والجامعات.
وعندما طرح مشروع الوحدة بين سورية ومصر، وعلى الرغم من الخلاف التاريخيّ بين الجماعة وبين عبد الناصر، فقد أيّدت الجماعة دولة الوحدة، وحلّت تنظيمها استجابة لاستحقاقاتها. وعندما قام المغامرون بحلّ عُرَى هذه الوحدة، ووقعوا وثيقة الانفصال، كانت الجماعة من القوى الوطنية التي رفضت التوقيع على هذه الوثيقة.