الإخوان المسلمون في سورية

إخوان سورية: الأسد أصبح عبئا على حلفائه ويوم محاسبته قادم


* بشار الأسد أصبح عبئا سياسيا وأخلاقيا على داعميه وسوف يضطرون لتغييره في أقرب فرصة

* الثورة السورية لم تمت والغليان الشعبي تحت الرماد.. وعلينا التعلم من أخطاء الماضي

* المجتمع الدولي استطاع فرض إملاءاته على المعارضة بسبب غياب المرجعية الوطنية الجامعةاء الماضي

* سياسة بايدن في سورية أقرب لسياسة أوباما التي تطالب بتغيير سلوك النظام وليس تغيير النظام

* ارتباط الأسد العضوي بإيران يجعل الانفكاك عنها أمرا صعبا وخطرا عليه

* محاولات التطبيع العربي مع نظام الأسد تُعدُّ سقوطا سياسيا وأخلاقيا مُريعا

* “ندوة الدوحة” لم تتطرق إلى الأدوات والوسائل اللازمة لتطبيق توصياتها “الهامة” على أرض الواقع


قال فضيلة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية، محمد حكمت وليد، إن رئيس النظام بشار الأسد “أصبح بعد جرائمه الكبرى عبئا سياسيا وأخلاقيا على الدول التي تدعمه، والتي سوف تضطر إلى تغييره في أقرب فرصة ممكنة”، مؤكدا أن “يوم محاسبة الأسد أمام محكمة الجرائم الدولية قادم لا محالة”.
 
وأكد، في مقابلة خاصة مع موقع “عربي21″، أن “الثورة السورية لم تمت كي يتم إحياؤها، والغليان الشعبي تحتيدا الرماد وبوادره في السويداء وجبل العرب والجنوب السوري قائمة، لأن هذا النظام ليس لديه ما يقدمه للشعب السوري غير المزيد من القهر والإذلال، ولا يُستبعد المزيد من التدخل الأجنبي الأمريكي أو سواه لركوب الموجة وحرف المسار مرة أخرى”.
 
وأشار وليد إلى أن “القضية السورية مع الأسف الشديد لم تعد محلية، بل أصبحت قضية دولية متعددة اللاعبين من ذوي المصالح المتشابكة، وتضاءل دور السوريين بما فيهم النظام، وهذه حالة شديدة الخطورة، ولا بد من تدارك هذه الحالة للحفاظ على سورية كبلدٍ مستقلٍ وشعبٍ له إرثه الحضاري المتميز”.
 
وفي الوقت الذي أقرّ فيه المراقب العام لإخوان سورية بضعف وتراجع أداء قوى المعارضة، وقال: “لا خيار أمام السوريين إلا التعالي على الجراح، وتأجيل الخلافات، والعمل على المشترك الوطني الجامع الذي لا بد منه لإسقاط دولة الإبادة الأسدية، ولنحل خلافاتنا بعد ذلك في فضاء الحرية الواسع”.
 
وتاليا نص المقابلة الخاصة مع “عربي21”:
 
– بعد مرور 11 عاما على اندلاع الثورة السورية، ما سرّ بقاء نظام الأسد واستمراره حتى الآن، خاصة أنه كانت هناك تنبؤات بسقوطه خلال أشهر عقب اندلاع الثورة؟
 
* بعض الحكام الديكتاتوريين يعطون شعوبهم هامشا من الحرية مع بعض المنافع الاقتصادية ليبرروا استمرارهم في الحكم، ولكن معادلة الأسد مع شعبه كانت معادلة صفرية منذ أيامه الأولى، وكان نظاما منزوع الوطنية يقوم على الاستبداد السياسي والطائفي والعنف المنفلت من أي عقال، والمستعد لتدمير البلاد والعباد.
 
كان التوقع بسقوط النظام في بداية الثورة نتيجة المقارنة مع نظائره في تونس ومصر وليبيا، ولكن الدولة الأسدية حصلت على رعاية تمييزية من لاعبين مؤثرين دوليا، وهما روسيا وإيران، لتثبيت سلطتها الإجرامية بالحديد والنار، ولو أن دولة قامت بعشر معشار الجرائم التي قام بها الأسد لكان ذلك كافيا لإسقاطها.
 
– هناك من يرى أن المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري تراجعت بشكل كبير جدا على مدى الـ 11 عاما الماضية، حتى إن تواجدها بات منحسرا في مدينه إدلب وما حولها، بينما في المقابل يسيطر النظام على أكثر من 70% من الأراضي السورية، فما حقيقة قوة وتأثير المعارضة اليوم على الأرض مقارنة بقوة وتأثير النظام؟
 
* خرائط النفوذ على الأرض السورية اليوم تقول غير ذلك؛ فالمنطقة الشرقية التي تعادل 32% من مساحة سورية هي تحت نفوذ (قسد والولايات المتحدة)، بينما المنطقة المُحررة في شمال غرب سورية التي تعادل 12% من مساحة البلد هي تحت النفوذ التركي، وبذلك لا يسيطر النظام إلا على حوالي 56% من الأراضي السورية الخاضعة للنفوذ الروسي والإيراني.
 
وحقيقة الأمر أن القضية السورية مع الأسف الشديد لم تعد محلية، بل أصبحت قضية دولية متعددة اللاعبين من ذوي المصالح المتشابكة، وتضاءل دور السوريين بما فيه النظام، وهذه حالة شديدة الخطورة، ولا بد من تدارك هذه الحالة للحفاظ على سوريا كبلدٍ مستقلٍ وشعبٍ له إرثه الحضاري المتميز.
 
– كيف ترون قول البعض بأن المعارضة السورية باتت اليوم أسوأ من نظام الأسد؟
 
* هذا قول فيه ظلم شديد للمعارضة التي لا أبرئها من أخطاء وتجاوزات كثيرة يجب عليها أن تقوم بتجنبها لتستعيد مصداقيتها.
 
ولكن المعارضة لم تقذف البراميل المتفجرة العشوائية على رؤوس الآمنين من النساء والأطفال، ولم تقم بإطلاق المدفعية الثقيلة ولا القنابل الفراغية لهدم المستشفيات والأسواق التجارية، ولم تستخدم الأسلحة الكيمياوية لقتل أطفال الغوطة وخان شيخون بغاز السارين.
 
إن مَن يرى الصور المرعبة التي صدر بسببها “قانون قيصر”، والتي وثقها النظام نفسه، لا بد أن يُصاب بالقشعريرة من هول الجريمة التي تفوق جرائم النازيين، والتهديد الذي أصاب الحواضر السورية الكبرى يُذكّر العالم بأسوأ كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية.
 
– لماذا كان الجمود والهدوء النسبي هو سيد الموقف بالنسبة للملف السوري خلال الفترة الأخيرة، وهل كان ذلك مقصودا ومتعمدا؟
 
* أقرب وصف للحالة السورية اليوم رغم الهدوء النسبي هو وجود حالة من “الاشتباك المقيد” الذي رسمته الدول صاحبة النفوذ في اتفاقيات سوتشي وأستانا، كما ورد في تقرير مركز إدراك للدراسات والاستشارات.
 
ومع ذلك فقد وثقت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في لندن مقتل 1237 شخصا في سورية عام 2021، كما أنها وثقت ارتكاب قوات الأسد الجرائم بحق السوريين بشكل مستمر آخرها كان يوم الأربعاء 16 شباط/ فبراير 2022 الحالي، حينما ارتكب النظام جريمة جديدة بحق المدنيين في محافظة إدلب راح ضحيتها عدد من المدنيين وتدمير كبير للأعيان المدنية. كما أن التصعيد الروسي من وقت لآخر يرفع مستويات الخوف من العودة إلى مربع الاشتباكات الأوسع.
 
– كيف تنظرون إلى النتائج والتوصيات التي انتهت إليها ندوة “سوريا إلى أين” والتي عُقدت قبل أيام في العاصمة القطرية الدوحة؟
 
* خرجت هذه الندوة، التي عُقدت في الدوحة يومي 5 و6 شباط/ فبراير، إلى توصيات هامة عبّرت عن تطلعات السوريين المشروعة للخروج من الواقع السياسي والاقتصادي والمجتمعي البائس الذي يعيشونه اليوم. وأشارت إلى التوافق على جملة من المبادئ التي تعمل جميع أطراف قوى الثورة والمعارضة عليها، مثل تبني مقاربات تدفع بالوصول إلى عملية انتقال سياسي وفق القرارات الأممية واستقلال القرار السوري الوطني وتكثيف الجهود للتوعية بالانتهاكات التي يرتكبها نظام الأسد والعواقب الإنسانية والأخلاقية لإعادة تعويمه.
 
ولكن من الملاحظ أن هذه الندوة لم تتطرق إلى الأدوات والوسائل اللازمة لتطبيق هذه التوصيات على أرض الواقع، وبالتالي فإن الندوة كانت أشبه بندوة فكرية تنقصها الإجراءات العملية.
 
– هل تتوقعون انسحاب (الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة) من اللجنة الدستورية وهيئة التفاوض ومسار أستانا في مرحلة ما، خاصة في ظل الانتقادات الواسعة التي تتعرض لها جراء هذا الموقف؟
 
* من شروط الانتصار السياسي لأيّ ثورة هو وجود إرادة شعبية تعززها إرادة دولية، وقد عبّر الشعب السوري عن إرادته في التغيير عبر مئات الآلاف من الشهداء وملايين المهجرين، ولكن الإرادة الدولية لنصرة القضية السورية كانت متقلبة. وافتقار الائتلاف لدعم قوي من شرعية قوية على الأرض السورية واقتصاره على الشرعية الدولية يجعله أسير شرك التجاذبات الدولية التي تراعي مصالحها الخاصة قبل مصلحة الشعب السوري، كما أنها تجعله منفعلا بهذه العلاقة أكثر من كونه فاعلا بها.
 
– ما الذي وصلت إليه الجهود الرامية لبلورة مبادرة واقعية تجمع الشتات وتوحيد جهود المعارضة المتفرقة؟
 
* الكل يتساءل عن أداء المعارضة، والمعارضة نفسها غير راضية عن أدائها في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها القضية السورية، ومع الأسف فقد استطاع المجتمع الدولي عبر طرائق مختلفة ومفاوضات لامتناهية فرض إملاءاته على المعارضة السورية، ساعده على ذلك غياب المرجعية الوطنية الجامعة، والهوّة القائمة بين مؤسسات المعارضة الرسمية المُعترف بها دوليا وبين الرافعة الشعبية الحقيقية التي تدعمها في مقارعة الإملاءات الأجنبية. إذن، فلا بد من ردم الفجوة القائمة بين الداخل السوري ومؤسسات المعارضة الرسمية في الخارج، وهناك محاولات عدة في هذا السبيل لم تنجح حتى الآن، بل إن هناك مَن يتعمد الإساءة لأية جهود تقدم في هذا السبيل.
 
ونحن نقول إنه لا خيار أمام السوريين إلا التعالي على الجراح، وتأجيل الخلافات، والعمل على المشترك الوطني الجامع الذي لا بد منه لإسقاط دولة الإبادة الأسدية، ولنحل خلافاتنا بعد ذلك في فضاء الحرية الواسع.
 
– ما تقييمكم لتعاطي إدارة بايدن مع الملف السوري؟ وما الاختلاف بينها وبين إدارة ترامب؟
 
* سياسة الرئيس بايدن في سورية أقرب لسياسة أوباما التي رضيت بعد جريمة استخدام النظام للأسلحة الكيماوية بتسليم جزء من هذه الترسانة مقابل إطلاقه مرة أخرى ليتابع تقتيل وتهجير الشعب السوري.
 
سياسة بايدن تطالب بتغيير سلوك النظام وليس تغيير النظام، على أن ارتباط الأسد العضوي بإيران هو ارتهان يجعل الانفكاك عنها أمرا صعبا وخطرا عليه. أما سلوك النظام تجاه شعبه فهو ممارسة وحشية استمرأها على مر السنين.
 
وخط الغاز والكهرباء من مصر عبر الأردن سورية إلى لبنان هو محاولة للالتفاف على “قانون قيصر”، ويلاقي تعثرا في التنفيذ.
 
– الكونغرس الأمريكي وافق مؤخرا على قانون يطالب بالكشف عن ثروة بشار الأسد وعائلته، كما أنه أعطى مهلة لإدارة بايدن لوضع استراتيجية خاصة تجاه سورية.. كيف ترون هذا القانون الأمريكي؟
 
* هذا قانون آخر بعد “قانون قيصر” يصدره الكونغرس الأمريكي لحصار بشار الأسد والكشف عن ثروته وثروة عائلته المنهوبة من عرق الشعب السوري ومقدراته، ومهما تأخر عقاب هذا المجرم فإن الوثائق التي تدينه وتدين نظامه منذ عهد أبيه تتراكم، ويوم محاسبته أمام محكمة الجرائم الدولية قادم لا محالة.
 
– هناك تقارير تتحدث عن أن أمريكا ستعيد إحياء “الثورة السورية المسلحة” خلال الأسابيع القادمة.. ما صحة ذلك؟
 
* الثورة السورية لم تمت كي يتم إحياؤها، والغليان الشعبي تحت الرماد وبوادره في السويداء وجبل العرب والجنوب السوري قائمة، لأن هذا النظام ليس لديه ما يقدمه للشعب السوري غير المزيد من القهر والإذلال، ولا يُستبعد المزيد من التدخل الأجنبي الأمريكي أو سواه لركوب الموجة وحرف المسار مرة أخرى. وعلى السوريين المخلصين لثورتهم التعلم من أخطاء الماضي.
 
– كيف ترون عودة بعض السفارات العربية إلى دمشق والتي كان آخرها سفارة دولة البحرين؟
 
* يجري المطبعون مع هذا النظام وراء بعض المصالح الضيقة ويستجيبون لبعض الإملاءات تحت ستار أنهم يطبعون مع سورية الدولة وليس سورية النظام، وهذا سقوط سياسي وأخلاقي مريع، يعطي المجرمين الأمان ويدعهم يمضون في إجرامهم والإفلات من العقوبة والمحاسبة، وهذا السلوك ليس في صالح المطبعين، لأن هذا المجرم سوف يرتد عليهم فيما بعد ويبتزهم حتى الثمالة.
 
وعقد بعض الناشطين مؤتمر “لا للتطبيع مع الأسد” في إسطنبول يوم 20 شباط/ فبراير الجاري تم فيه شرح المأساة التي كابدها ويكابدها الشعب السوري. وبيّن عظم الجريمة التي يرتكبها المطبعون بحق هذا الشعب المظلوم. والغريب أن بعض الأشقاء العرب أقل إحساسا بآلام الشعب السوري وأكثر حماسا من أمريكا والدول الأوروبية للتطبيع مع الوحش وإعادته للجامعة العربية.
 
– أخيرا، متى تتوقعون انتهاء فترة حكم بشار الأسد؟ وهل تعتقدون أن هذه الفترة ستكون آخر فتراته الرئاسية؟
 
* يحسب المجتمع الدولي أن بشار الأسد هو أفضل الخيارات السيئة المتاحة لحكم سورية، وأن الاستقرار مفضل على الحرية في هذه البقعة من العالم.
 
والحقيقة أن بشار الأسد ليس عنده ما يقدمه في المستقبل إلا الوصفة التي أدت إلى عدم الاستقرار في الماضي، وأنه أصبح بعد جرائمه الكبرى عبئا سياسيا وأخلاقيا على الدول التي تدعمه، والتي سوف تضطر إلى تغييره في أقرب فرصة ممكنة.

محرر الموقع