الإخوان المسلمون في سورية

الأتراك والسوريون.. من لقاء اللحظة العابرة إلى اللقاء الحضاري المفتوح على المستقبل

بيان رسمي

عندما قام أحرار سورية بثورتهم المباركة، وجدوا في الشقيقة تركية الحاضنة الآمنة والركن الشديد..
وحين وجد بعض السوريين والعراقيين وغيرهم من المستضعفين اليوم، فضاءهم الآمن في ظلّ الدولة التركية، ورحاب المجتمع التركي؛ فإنهم لم يلتمسوا هذا الفضاء من خلال رؤية مضطر حكمت عليه بها الظروف؛ وإنما يفعلون ذلك عن وعيٍ واستشرافٍ لمشروع أمة، أراد له أعداؤها أن يأفل وأن يغيب!!
وكما التقت شعوب الاتحاد الأوربي على علمٍ وبرلمانٍ وشكلٍ من أشكال الوحدة، بعد قرونٍ من الاحتراب كان آخرها حربان عالميتان؛ سيكون قدر شعوب أمتنا المستقبلي أن تلتقي لحماية وجودها، وتحقيق مصالحها، في أفقٍ إنسانيٍ حضاريٍ يعمل عليه منذ اليوم الحكماء العقلاء المستبصرون..
إننا في جماعة الإخوان المسلمين، وإزاء محاولات الزج بقضية اللاجئين السوريين بين تجاذبات السياسة الداخلية التركية، نحبُّ أن نُشيد بالتجربة الطارئة التي عايشناها نحن السوريين خلال السنوات العشر الماضية في جوار فضائنا الجيوسياسي العربي والتركي؛ لنؤكد أن التجربة على قسوة ظروفها، كانت مبشرةً وواعدةً، تشهد بالخيرية التي بشّر بها القرآن الكريم لكل أطرافها، لا سيما في جوار الشعبين الشقيقين في الأردن جنوباً وفي تركية شمالاً..
إننا في مقامنا بين ظهراني إخواننا في الشمال والجنوب ضيوف دولة، وضيوف مجتمع، وهو معنىً لا يغيب عن أذهاننا أبداً ولا نحبّ أن يغيب عن أذهان الآخرين..
وكم كان سرورنا المعنوي كبيراً حين أكرمنا أهلنا بلقب الضيوف، ولم يقبلوا لنا اسم اللاجئ..
من واجبنا أن نشكر الدول والحكومات والمجتمعات على دفء الاستقبال، وكرم العِشْرة، شكراً لا يعكره ولا ينتقص منه إساءة قاصرٍ ولا تِرَةُ موتور..
ومن واجبنا أيضاً أن نتواصى بالانضباط، في كل مكان نحلّ فيه في إطار القانون المتاح، والعطاء غير المحدود، الذي جاد به القادة وسمحت به الظروف، وشاركت في بسطه كرامة الشعوب..
وفِي عصر تتبارى فيه شعوب العالم، وكل الأحزاب المنفتحة على مستقبل إنساني واحدٍ وواعدٍ، نتنمنى على كل صاحب مشروع إنساني وسياسي، أن يتوقف عن جعل الضيوف أو المستضعفين من اللاجئين مادة لتجاذباته السياسية، ومكايداته الحزبية، فالمساومة على مثل هذه الأوراق الجافة تلحق العار بأصحابها إلى أبد الآبدين..
وصيتنا لكل إخوتنا وأبنائنا من السوريين، أن لا يُستفزوا ولا يُستجروا إلى معارك الوهم يسعّر نارها فاتنٌ أو مفتونٌ..
الانضباط .. حيثما كان جميل، وهو في موقعٍ نحن فيه أجمل، وترك المراء في كل مقامٍ حسن، وهو في المقام الذي نحن فيه أحسن، قولوا للناس حسناً، وأعرضوا عن الجاهلين..
وإن لنا في وطننا قضية فلا يشغلنا عنها قيلٌ وقال.. ومن كانت لديه بقية قوة فساحات وطنه بها أولى..
والشكرَ.. والشكرَ.. والامتنان للذين آووا ونصروا.. والبراءة ثم البراءة من الفاسدين والمفسدين، لا تستفزنا عصبية، ولا يتلاعب بنا المتلاعبون..
شكراً للقادة..
شكراً للحكومات..
شكراً للمجتمعات..
((فإن الله لا يضيع أجر المحسنين))..
جماعة الإخوان المسلمين في سورية
٥ محرم ١٤٤٣ ه‍
١٣ آب ٢٠٢١ م

محرر الموقع