المجزرة المؤسسة لكل ما كان بعد..
كانت التجربة الأولى ليحصل حافظ الأسد ومن بعده ابنه بشار على تفويض عالمي بقتل السوريين، وسفك دمائهم بالطريقة التي يريد..
وكل ما كان بعد إنما تم بموجب ذلك التفويض وذلك الترخيص. من تدمر إلى حماة إلى جسر الشغور إلى حلب إلى حماة مرة أخرى إلى أرخبيل المجازر التي عجز عن تتبعها المتابعون، ووصفها الواصفون، وإحصاء ضحاياها العادون.
مجزرة بعد مجزرة في مسلسل “ألف مجزرة ومجزرة” وكله يجري بشراكة وبتواطؤ؛ هذا روسي مقيت، وذاك شيعي شعوبي حاقد ولئيم، وثالث.. ورابع وخامس كلهم في دمانا قد ولغوا، ولقاتلنا قد دعموا وأيدوا..!!
أربعون سنة على المجزرة الرهيبة، وعلى الجريمة الربداء، لم نسمع ممن يحملون لواء القانون الدولي، والمنظمات المزعومة أو المدعومة، من يسأل المجرم يوما : فيمَ؟! ولمَ؟!
وبعد كل، الذي كان يدرك السوريون اليوم أنه..
لا جدوى من الاحتجاج، ولا فائدة من التنديد، وأن لا ينتظروا الرحمة من ظالم، ولا العدل من عدو.. وأن يسألوا مولاهم : الثبات على الأمر، والعزيمة على الرشد. والمضي على الصراط المستقيم.
وأشد وقعاً على النفوس من كل ذا أن كل الدروس المعادة المكرورة ما تزال تستعجم على بعض الناس!!
بعض الذين لا يميزون بين ضحية وجلاد..
بعض الذين لا يزالون يلومون الضحايا لأن الدماء التي شخبت من أوردتهم المقطوعة كانت حمراء..
بعض الذين لا يزالون يحتجون لأن الشهداء استقبلوا سكين الضحية أو حبل المشنقة بكلمة التكبير : الله أكبر.. أو بشهادة أن لا إله إلا الله..
في زمن العجائب، زمن الفتن، الذي تدان فيه الضحايا، ويصفق فيه للجلاد.
ما زلنا هناك، وراء أسوار تدمر، صبيحة السابع والعشرين من حزيران/ 1980
نستذكر الوجوه، ونسمع الأصوات، نحفظ الملامح ونعرف الأصوات والوجوه والبصمات..
ما زلنا نرى شلال الدم المتصبب علواً حتى يصنع الغد الأجمل لكل لسوريين..
ونلاقي التكبير بالتكبير.. الله أكبر يا بلادي كبري..
اللهم ارحم شهداءنا، وتقبلهم وتقبل منهم…
واجبر كسر قلوب آلمها قتلهم..
واخلف الشام في بنيها خيرا.. وعوضها بدماء شهدائها نصرا وعزا وتمكينا
((من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا))