بسم الله الرحمن الرحيم
من المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية إلى إخوته وأخواته أبناء الجماعة وأنصارها وأصدقائها، وإلى جميع أبناء الشعب السوري الأبي،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنتم بخير،
وأحمد الله إليكم وأصلي وأسلم على حبيبنا وقدوتنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه إلى يوم الدين، وأسأل الله أن يثبت قلوبنا على الحق، ويسدد خطانا على طريق الخير، ويزيدنا حبا فيه واعتصاما بحبله، وأن يعيننا على حمل الأمانة التي تشَّرفنا بحملها، ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل إنه سميع مجيب.
يغادرنا بعد أيام قليلة أيها الأحباب شهر رمضان المبارك بعد أن تفضل علينا ربنا أن بلّغنا هذا الشهر الفضيل وأسبغ علينا هذه النفحات الربانية والإشراقات الروحية.
يغادرنا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان شهر الجود والبذل، شهر العمل والتضحية والصبر والقرب إلى الله سبحانه وتعالى “من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه”.
أيها الإخوة الأحبة والأخوات، يا أبناء شعبنا في سورية الحبيبة،
كان رمضان على مر التاريخ الإسلامي – ومازال – محطة للارتقاء وفرصة للتجديد ومنطلقا للتغيير، أرجو الله أن نكون قد أحسّنا وفادته كما أمر ربنا عزًّ وجلَّ وكما أمر قائدنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم، صائمين قائمين إيماناً واحتساباً مؤدين حق الله فيه غير ناسين حقوق العباد ليكون مجتمعنا هو المجتمع الإنساني الأمثل نقاءً وصفاءً وتقوى.
وقد كان رمضان مناسبة لتصفية القلوب من رواسب الاختلاف والانقسام، فهل صفت قلوبنا في هذا الشهر الكريم أيها الأحباب، وهل تخلصنا من الشُّح الذي جبلت عليه النفوس وأخرجنا زكاة أموالنا طيبة بها نفوسنا ووضعناها بين أيدي إخواننا لينفقوها في مصارفها الشرعية، حتى نسهم جميعا في حمل هذه المسؤولية الكبيرة تجاه إخواننا وأسرهم من الشهداء والمعتقلين والمشردين.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : “أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء” رواه مسلم.
أكثروا الدعاء أيها الأحباب في هذه الأيام المتبقية من هذا الشهر الكريم واجعلوا لإخوانكم المسلمين نصيباً من اهتمامكم وحظاً من دعائكم، وتذكروا ما يحاك لدينكم وأمتكم وشعبكم ووطنكم ورددوا عند فطركم وفي سجودكم وفي جوف الليل “اللهم اعقد لهذه الأمة أمر رشد يُعَزُّ فيه أهل طاعتك ويُذَّلُ فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، اللهم ولِّ أمورنا خيارنا ولا تُوَلِّها شرارنا، وارفع مقتك وغضبك عنّا.
أيها الأحباب،
يغادرنا شهر رمضان ولم يغادر الأعداءُ كيدهُم ومكرهم، فالأزمات والمخاطر تحيط ببلدنا الحبيب وشعبنا المصابرُ يتعرض لأقسى ضربة همجية في العصر الحديث، هجمة حاقدة تقتل البشر وتغتال الحجر والشجر.
فتذكروا أيها الأحباب وأنتم تتناولون لقيمات الإفطار إخوة وأخوات لكم هُجِّروا من بيوتهم ولا يكادون يجدون الخيم التي تتسع لأطفالهم ونسائهم، وتذكروا أبطالا مجاهدين يصاولون العدو الروسي والتجبر الأسدي وأحقاد الولي الفقيه.
يقدمون أرواحهم في سبيل الله كي يحيا السوريون جميعاً حياة الحرية والكرامة.
اذكروهم في صلاتكم ودعائكم أن يكتب الله لهم الثبات وأن يمُن عليهم وعلى شعبنا بالفرج القريب والنصر المؤزر، وقدموا لهم كل غالٍ ونفيسٍ، ولندفع عوامل اليأس والقنوط ولنحيي بواعث الأمل بنصر الله، ولنصبر على ما أصابنا ابتغاء مرضاة الله ولنحتسب ما نعانيه في محنتنا وفي طريقنا عند الله ” يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون”، ولنفتح صفحة الأمل الكبير بنصر الله وتأييده وتحقيق وعده لعباده المؤمنين.
أيها الإخوة الأحبة والأخوات، يا أبناء شعبنا في سورية الحبيبة،
لِنُرِ الله من أنفسنا خيراً ونحن نودع شهر رمضان الذي أطل علينا ببركاته ونفحاته، ولنفتح قلوبنا لكتاب الله في بقية الشهور كذلك -كما فتحناها في رمضان-، ولنتواصى بالحق ونتواصى بالصبر رافعين أكف الضراعة إلى الله عز وجل أن يُمدنا بقوة من عنده لنقوم بواجبنا تجاه شعبنا وأمتنا.
ولنَقُل وداعا للراحلين في شهر الخيرات.
وداعاً لشهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن.
ووداعاً للشهداء الذين غادروا هذه الدنيا إلى جنان الرحمن.
ووداعاً للذنوب والمعاصي إلى رحاب العزيز المنان.
وهنيئا لكم صيامكم وهنيئا لكم فرحكم بعيد فطركم
وإلى لقاء آخر في رسالة قادمة . . . إن شاء الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
25 رمضان 1440 ، 30 أيار 2019
أخوكم
محمد حكمت وليد