بقلم: محمد السيد
على وقع الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي حشرت الشعب السوري في ظل سؤال لحوح: هل نحن اليوم نملك رفاهية انتخابات نيابية ورئاسية، بعد عشر سنوات من الدمار والبوار والهدم والقتل وتفريغ البلاد من كل شيء؛ من: أربعة عشر مليوناً من السوريين، نصفهم لاجئين مشردين في معظم ديار الناس القريبة والبعيدة، ومن السياسة والاقتصاد والأمن والحياة ومن الاجتماع. وأحلَّ الدعيّ بشار، الذي في كل ظهور له، يعلن أنه رئيس سورية، مع أنّه جاء بكل أشرار العالم ليطأوا الأرض السورية، وليشاركوه في هدم الحياة فوقها بكل تجلياتها، بلا أخلاقٍ ولا قيم، وخلافاً لكل قانون أرضي أو شرعة أممية، ولكل شريعة سماوية، وعملاً منه ومن روسيا وبوتين بالذات، بلا حياءٍ ولا ذوقٍ ولا حسابٍ لأكثر من نصف الشعب السوري، عمل هو وبوتين والصفويون الإيرانيون الروافض ومليشياتهم المجرمة، على تشريدهم وقتلهم ونهبهم وانتهاك حرماتهم، على مدى عشر سنوات من العدوان على الأرض والعمران والزرع والبنى الحضارية. وأقول: إنه بلا أخلاق ولا قيم، ولا حتى بلا ذوقٍ ولا حياء، يرسم القاتل المجرم بشار مرسوماً ينشره فوق أجداث الوطن السوري والشعب السوري والتاريخ المجيد لسورية العربية المسلمة الأموية، ليعلن أنه سيكون مرشح رئاسة في انتخابات قرر بوتين وردّد البوق بشار أنها ستنظّم في نيسان 2021م (إبريل).
والأسئلة المنطقية التي يطرحها السياق هنا بإلحاح:
1- أي بلاء هذا الذي تصنعه أيدٍ غريبة بعيداً عن سورية الوطن والشعب والثقافة والتوجّه والتاريخ والاجتماع؟!
2- تجهد العقول والقلوب لتجد تفسيراً لقيام رجلٍ داس جباه الشعب السوري، وعلا بفساده وغربته عن الشعب والوطن والتاريخ، وحطّم بسلوكه وذهابه من طالب طبٍّ معوّقٍ فقير الفهم والعقل والانتماء، إلى رئاسة دولة معتبرة، وهي أهم دولة في المنطقة، تحمل أحلام شعوبها وآيات تقدّمها، قبل أن تبتلى بعائلة أسد المارقة.
إنّ العقول تجهد فعلاً لتجد تفسيراً لهذا العته من جهة المرشح، وذلك المكر والكيد المتأصل في عقل وكيد ذلك الذي فرض نفسه بالقوة القاهرة على الشعب الروسي (بوتين المتأله).
إن هذا البوتين الآيل إلى الرغام قريباً، أوحى للمتلقي الآفن في سبيل تأهيله في عملية الترشيح، أوحى إليه فيما أوحى أن يقوم بما وصفته صحف هذا القاتل المجرم، بانطلاق فعالية وطنية، وسموها بأنها رسالة حب في العالم من رجل السلام الأول الرئيس بشار الأسد.
وإننا تجاه هذا السخف المضحك، ليحق لنا أن نسأل هنا:
3- هل هذا الإيحاء من بوتين القيصر إلى الخادم الصغير في قصره، ليزريه في نظر العالم، أكثر ممّا هم على دراية، بأن المسافة بين العقل عنده والإدراك والدراية مسافة شاسعة.
أم أن دندنات الحقائق التي تلوّح لنا شاراتها لتقول: إن القيصر بعد أن قضى أوطاره مسبقاً من وجود هذا الدعيّ المأفون، وبقي عليه أن يتجه نحو العالم بالمداراة، ليثبّت المكاسب التي كسبها على حساب الوطن والشعب السوري. فالهواجس تقول: لقد بدأ القيصر في هذا السياق منذ المشاهد المهينة لهذا المعوّق في حميميم، وفي استدعائه إلى روسيا في طائرة شحن، ثم الانتقال من هناك إلى افتعال الاحتقان مع ابن خاله، ثم إلى بروز حراك أسماء الأخرس (زوجته) ثم التحرك بالأزمات المتتالية؛ أزمة القمح وأزمة المازوت، ثم أزمة الليرة السورية، وأزمة الاقتصاد والبطالة، وهي الأزمة غير القابلة للانفضاض على يده، هذا فضلاً عن غارات الصهاينة اليومية، بتوافق غير معلن بين بوتين ونتنياهو.
ومع ذلك كله، فإن الشعب السوري رافض بشدة لهذه الانتخابات الهزلية، بل هو يقابلها بالإصرار على معارضته لوجود هذا المأفون الغريب عن سورية وشعبها وثقافتها وتاريخها وملّتها. ثم بالثورة المستمرة غير المهادنة له.
وكذلك، فإن العالم بمعظمه غير راضٍ عن هذه التدبيرات البوتينية، فالولايات المتحدة أعلنت عن رفضها، والاتحاد الأوروبي أعلن في ديسمبر (كانون أول) 2020م، على لسان ممثل سياسته الخارجية والأمنية (جوزيف بوريل) أعلن أن الانتخابات ذات المغزى في سورية، هي فقط تلك التي تجري على أساس دستور سوري جديد، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2254). وكلام ممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، يأتي رداً على القول بأن الانتخابات الرئاسية القادمة، ستجرى حسب دستور بشار لعام 2012م، وذلك خلافاً لما تقوم به الأمم المتحدة من رعاية “اللجنة الدستورية”، التي تشارك فيها المعارضة لوضع دستور جديد، وذلك رغم تعثّر هذه اللجنة، ومحاولات بشار وبوتين لإفشال هذه المساعي الأممية، التي لا تقوم على أساس ما تريده الثورة السورية، ولا ما يريده الشعب السوري.
إنّ هناك حرباً صامتة بين موسكو وحلفائها التابعين، (بشار والصفويون في طهران)، وبين أمريكا وحلفائها. وهناك توجهات لتجاهل هذه الانتخابات عالمياً، إلا إذا صاغت الأمم المتحدة معايير أو مبادئ وأسساً لهذه الانتخابات، وتصدر تلك المعايير باسم الأمم المتحدة وتقوم بمراقبة تطبيقها، ووافقت الأطراف على هذه الصياغة.
إن الشعب السوري ونحن منه، نلفظ هذه الانتخابات جملة وتفصيلاً، ما دام الأسد مرشحاً فيها، وما دامت لن تجري بعد الإصلاح ودستور جديد يضعه السوريون، بعيداً عن الاحتلال الروسي، والإحلال الصفوي وأسد الغريب القاتل، وتطبيقاً لمقررات جنيف و2254، وأن تقوم على إجراء ذلك حكومة انتقالية، بيدها كل صلاحيات الحكم. وإلا فالثورة مستمرة بإذن الله. والشعب معها وبها، سيحقق آماله وحقوقه وكرامته وحريته.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.