كل العقود الخيانية التي وقعها “حافظ وبشار ” الأسد مع قوى الشر العالمي كان الدفع فيها مقدما. وفي كل ما نكتب عندما نقول “الأسد” نقصد “حافظ وبشار ” ولا حاجة للتكرار…
في السابعة والستين دفع الأسد أرض الجولان دفعة مقدمة على الحساب فترقى من وزير دفاع إلى رئيس جمهورية، في كل دول العالم وزراء الدفاع المنهزمون ينتحرون أو يحاكمون أو يقالون… إلا في سورية المنكوبة فقد تمت الترقية في زمن قياسي وبطريقة منقطعة النظير.
عندما نذكر قضية الجولان نذكرها من بعدها الوطني والسياسي، وكثيراً ما نغفل عن معاناة عشرات الآلاف من السوريين الذين منحهم الأسد لقب “النازحون ” عشرات الآلاف من الأسر السورية، ألقي بهم في العراء، لينضم إليهم بعد ست سنوات جيل آخر من “الوافدين” أخرجوا من ديارهم لمصلحة المشروع الصهيوني، للسبب نفسه الذي يشرّد من أجله اليوم كل السوريين!!
ثم في بضع سنين، ضمت متصرفية جبل لبنان كمكافأة إلى حكم الأسد، ودشّن ذلك بافتعال الحرب الأهلية اللبنانية. ويومها فوّض “الغباء العربي” قوات الردع الأسدية بدخول لبنان، وتساءل إسحق رابين: ولماذا نعارض دخول الأسد إلى لبنان ما دام يؤدي الدور الذي نريد؟؟
أبو عمار – الزعيم الفلسطيني الأبعد نظراً- لقّب حافظ الأسد من قبل “شارون العرب” أهديها للمتباكين على الأسد الذين لا يقرؤون ولا يحفظون..
ومع دخول الأسد إلى لبنان استحقت الدفعة الثانية من قيمة عقود التفويض فكانت حرب المخيمات…
وكانت تل الزعتر المجزرة الأولى.. لعلكم تتفكرون!!
وانتهت الجولة بكسر العمود الفقري للمقاومة الفلسطينية، وإخراجها من لبنان، وتشريدها في الآفاق. ووصل أبو جهاد وياسر عرفات إلى تونس وكان الذي تعلمون.. فلمصلحة من كان هذا التدبير، ألمصلحة سورية؟؟ أو لمصلحة لبنان؟؟ أو لمصلحة فلسطين؟؟ أو لمصلحة مشروع المقاومة الحقيقية؟؟ ألا أفّ ثم أفّ ثم أفّ لقوم لا يعقلون..
كانت تل الزعتر المجزرة الأولى آلاف ضحايا من لحمنا الحيّ أطفال ونساء وشيوخ ورجال مقاومين.. حصدتهم في يوم وليلة خمسة وخمسون ألف قذيفة على ما أحصى العادون.. خمسة وخمسون ألف قذيفة على مخيم من طين ولحم… لم يسأل جزارها إلى اليوم كيف؟ ولا لم، ولا حتى من أولياء الدم الأقربين!!
وتتبعتها في بضع سنين مجزرة حماة المجزرة التي كنا نسميها الكبرى 2/ شباط/ 1982.. وسبقها مجازر حماة وحلب وجسر الشغور وحمص وسرمدا..
مجزرة حماة الكبرى، حيث واجهت المدينة الأبية الغافية على ضفاف العاصي آقسى آلات الإبادة في القرن العشرين..
وحدثني فقال: وأخذ الرضيع من يدي أمه وألقاه على الأرض، وداس رأسه الغض ببسطاره الهمجي ففتته كما تتفتت التفاحة…
وزاد آخر: وأخذ الرضيع من يد أمه، وأمسك برجله، ووقف على الشرفة، وطوّح به على قدر ما في جسده من طاقة وفي قلبه من قسوة وحقد..
مجزرة بل مجازر رهيبة بوأت الأسد عند مشغليه مكانة عظمى، ولم يسأل الجاني أحد كيف؟ ولماذا؟ بل ما تزال زمرة القسس على محور كارتر تنشد المجرم الجزار المزيد والمزيد..
منذ يومين كنت في تلاوتي في سورة المائدة ووقفت عند قوله تعالى ((ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون))
فاستعذت بالله، وسألته الثبات على الأمر، وعدت فتساءلت أليس كل ما فعله الذين فعلوا بالمصلوب كان بإذن بيلاطس الروماني، الذي تعود أن يستمتع بالمبارزة بين الأسد الجائع، والعبد المستضعف المغلول اليد حتى عن الدفاع عن النفس… لعلكم تعقلون.. كانت مجزرة حماة مجزرة في أيام، جرى فيها على المدينة الصابرة ما لم يتصور أن يكون في بضع سنين.. حتى صرنا إلى 2011 فكان بعدها ما كان..
ولو كان لنا في هذا العالم قوة، ولو كنا نأوي فيه إلى ركن شديد لعلمت موسوعة غينيس أن “الأسد” بممثليَه هو الأول منذ نصف قرن في قتل الناس.. الأول في قتل السوريين، وأن شارون العرب وابنه من بعده، الأول في قتل الفلسطينيين، وهو الأول أيضاً في قتل اللبنانيين..
هوالأول في تاريخ الخيانة والغدر وارتكاب المجازر..
ولقد كانت مجزرة تل الزعتر سابقة خطيرة أدمت العقل والقلب والضمير ، وظنها الناس فلتة ولن تتكرر، ثم كانت مجزرة حماة الكبرى، وظن ألناس أن أفظع مما كان فيها لن يكون.. وها نحن نعيش منذ عشر سنين المجزرة السورية الكبرى امتداداً في الزمان والمكان والإنسان.. قتل واعتقال وتعذيب وتشريد وإفساد وتجويع وإهلاك للحرث والنسل.. سارين وكلور وبراميل وستمائة سلاح استراتيجي روسي وعشرات الأنواع من ميليشيات الحقد الطائفي الصفوي وتتقدمهم مرتزقة الفاغنر الروسي، ويساندهم تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة، وينتعل على أرضنا السورية أقدام من الحقد والهمجية…
يقولون بالنسبة لبداية الخلق: في البدء كانت الكلمة..
ونقول بالنسة لزمرة الأسد في البدء كانت الخيانة وكان التهجير وكانت المجزرة..