الإخوان المسلمون في سورية

حول المؤامرة في تأزيم العلاقة بين الأتراك والسوريين

أيها الناس.. إياكم وحمية الجاهلية!!
أيها الناس.. لا تدعوا للشيطان وأوليائه فُرجة يشمت من خلالها في عذاباتكم..
وأول الحديث : قوله وتعالى ((وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنْ الْخُلَطَاء لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ))
وإقرار  هذه القاعدة في حياة الناس، ليس إقراراً للبغي، من أي جهة صدر. وإنما هو دعوة إلى الاعتراف به، أنه من طبائع البشر، ومن مقتضيات الخلطة حتى بين الأشقاء في الأسرة الواحدة. بل هو دعوة إلى مواجهة البغي ومعالجته بمزيد من الحكمة، والروية، بعيداً عن نزغات الشيطان ونزعات العصبية الجاهلية؛ على أي وجه كانت هذه العصبية..
وفي قضايا الحق والعدل والقانون تنتفي كلّ أنواع العصبية. فلا يتعصب الإنسانُ العدلُ لظالم أو مجرم. وفي إطار القانون الإسلامي العام لا يتعصب عدلياً مؤمن ضد كافر، ولا مسلم ضد مخالف، وهذه أوفي العدالة في موازين شريعة الإسلام. ((وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ) نهي مباشر أن نُخدع فندافع عن مسلم سارق، وننساق إلى اتهام يهودي بريء..!!
ثم نقول…
 ومنذ أن أضطُّر السوريون إلى الهجرة من ديارهم، تحت عوامل التهجير، التي اشترك فيها كل أشرار الأرض، وقد أجلبوا على سورية وأهلها بميليشياتهم ودباباتهم وطائراتهم وأسلحتهم الاستراتيجية؛ حتى إذا أخرجوا المستضعفين السوريين من أرضهم وديارهم؛ ظلوا يحرضون عليهم في أصقاع الأرض حتى سمعنا صوت “صاحب عمامة بشار ” يقول في حق المهاجرين ما يقول تحريضاً عليهم، وتشكيكاً فيهم، ولم يراع فيهم حق دين، ولا علاقة من رحم!!
وحتى رأينا أصحاب القلوب السوداء ينفثون حول المهاجرين أينما ما نزلوا ما ينفثون، في كل أصقاع الأرض. فحيح أفاعي، ما زلنا نتابعه حيث حلّ مهاجر، ولم يتوقف يوماً لا في ديار جار قريب ولا في منأى وطن بعيد.. وهي أصوات لا ندعو إلى التعود عليها، بل إلى الحكمة في مواجهتها وجعلها في آذان الناس “لغا”
ولكن ما نشهده ونتابعه في الأيام الأخيرة من محاولات تأزيم العلاقة في رحاب المضيف التركي الشقيق، حامل عبء ملايين اللاجئين السوريين، بات يدل على مؤامرة وضيعة غير بريئة يشترك فيها أقوام بمكر وكيد، وينخرط فيها آخرون بغرور وقصور وجهل..
أيها الأخوة المهجّرون..
وأنتم في وطنكم الأجمل والأكمل، إن من الحق أن نعلم أن لنا من الدول التي نلجأ إليها أو نقيم فيها..
موقفها الرسمي المعلن وهو بحمد الله جميل كميل
ثم سياساتها العامة المتبعة وهي بفضل الله تسر الصديق وتغيظ العدو
ثم علينا أن ندرك أن دفء المجتمعات، والبسمة على وجوه المضيفين، هو موقف نشترك بدورنا في صناعته ورسم أبعاده..
ولنا أن نؤكد أن كل الشذوذات الفردية، والتجاوزات التي قد لا تنكر، لا تلغي الأصلين الأولين، اللذين يجب علينا أن نتعلق بهما، ونشكر عليهما وقصدت: الموقف الرسمي المعلن، والسياسات العامة المتبعة.
وعلينا أن نحمد الله أننا لم نعدم في أي بلد لجأنا إليه سياسات إخاء، وقوانين بر ووفاء. وحاضنة مجتمعية على المستوى العام ظلت تسر الصديق وتغيظ الأعداء، وتقطع الطريق على المتربصين…
في درس من دروس السيرة النبوية، وبينما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عائداً من غزوة بني المصطلق، وحدث أن تدافع ساقيا إبل، مهاجر وأنصاري على الماء، حتى صاح صائحهم يا للمهاجرين، وأجابه الآخر يا للأنصار، وانطلق صوت النفاق يرتفع ((لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ)) فكان أول ما فعله الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أنه:
أولاً: وصم النداء بأنه دعوى الجاهلية ووصف دعوى الجاهلية بأنها “منتنة” لئلا يتتابع الناس فيها. ونادى في الناس “دعوها فإنها منتنة”. وبنداء رسول الله صلى الله عليه وسلم ننادي على الناس اليوم، حيثما حلوا وارتحلوا. أيها المهجّر في غربتك أصلك عملك لا ما تدعي وتنتمي..
ثم أنه صلى الله عليه وسلم أمر الناس بالرحيل، في وقت لم يكن يرتحل فيه، لكي يشغل الناس بالطريق ووعثائه، عن فضاء القيل والقال..
فيا أيها الناس أقلّوا على أنفسكم من القيل والقال فقد كرهه لكم الله ورسوله من قبل، واشتغلوا على عقدتكم الأولى، عقدتكم التي إذا حللتموها حللتم مائة بل ألف عقدة هي دونها.. حلوا عقدتكم مع قاتلكم ومهجركم فأزيحوه عن طريق تحرركم وأمنكم في دياركم، ترتاحوا من كل ما دون ذلك مما تتعلون من الشكوى منه..
وكانت تلك الحكمة، وذلكم هو الدرس الذي أسس فيه رسول الله لحسم اللجاجة وللتأكيد أن العزة الحقيقية، هي لدعوة الحق وليس للبوس الجاهلية.
أيها الأخوة السوريون الأحباب…
علينا أن نتبين حجم المؤامرة التي يديرها علينا بوتين وبايدن وعلي خمنئي وبشار الأسد وبقية أطراف الشر حول العالم.. لندرك سر التوقيت في هذا التصعيد والتأزيم يديره أصحاب أغراض مريبة هنا وهناك.
علينا أن ندرك أنّ إكراهنا على العودة إلى بيت الطاعة الأسدي هو بعض المخطط الروسي – الأمريكي اليوم، في دعوى النجاح في الحل السياسي المزعوم.. فلنحذر أن نهيئ لهذه المؤامرة أسباب نجاحها…
وكما نسمع كثيراً من شبيحة بشار الأسد يحرضون علينا في شرق وفي غرب، سنسمع كلاماً مماثلاً من كثيرين هنا وهناك يفعلون فعلهم وينهجون نهجهم، وربما لو تركنا لخيار الناس في كل مجتمع أن يكفوا سفهاءهم، وأن يعالجوا أمرهم لكان أولى بنا.
ونحن هنا بحاجة أكبر إلى الحكمة والوعي في السبق، إلى الأخذ على يد السفيه أو المفرط أو المدسوس فينا ولن نعدمه، وإلى الحكمة والوعي وحسن التأتي في الانتصار إلى المظلوم منا. وفي دول يسود فيها القانون إنما يُنتصر للمظلوم بالقانون.. وبالعدل وبمروءات ذوي المروءة ولا يخلو منهم بفضل الله بلد
أيها السوريون الأحرار العقلاء
وسنعلن أنا وأنتم وكل سوري حر وشريف أننا ضد المهاجر السوري الذي يعتدي، والذي يفجر والذي يسرق والذي يتجاوز ؛ فليس لنا من ولاية المسيئين من شيء.
قال العربي الأول:
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله… ويخصب عندي والمكان جديب
إذا كان هذا خُلق المضيف..
فما أجمل الضيف أن يظل مشرق الوجه شاكراً بساما…
أيها السوريون…
الذين يحبوننا ويتعاطفون معنا ويقفون إلى جانبنا من كل المجتمعات التي نزلنا بها، هم الأكثر والأطيب والأكرم، فلا نعكّر موردنا بكثرة الحديث عن الكارهين والشانئين، ولن يصفو مورد حول العالم منهم..
وكنت على مدى أربعين عاماً كلما ضاقت بي سبل الهجرة في مضائق الحياة شكرت الذي أمامي، واستمطرت اللعنة على من أخرجني من وطني وداري…
اللهم اجعل الخزي والسوء واللعنة على من شرد السوريين وأخرجهم من ديارهم…
ومن خير ما تعلمت في كتاب الحكمة : اللطف رشوة من لا رشوة له.
وأجمل ما في كلمة اللطف أنها مشتركة بين العربي والتركي : لطفا…

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي، قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين في سورية