الإخوان المسلمون في سورية

حول مستجدات الائتلاف الوطني.. أحسب ولا أحسب

وأمام بعدنا جميعا -نحن السوريين- عن كواليس القرارات الدولية، والإقليمية التي تخص قضايانا، أحسب أنه من العلمية والموضوعية وليس من التواضع فقط، ان نكتب رؤانا وتحليلاتنا، بلغة أحسب وأظن وإخال؛ وليس بلغة اليقينية العلمية “إنّ وأنّ”.
نحن جميعا نلتقط الإشارات، ونتتبع العبارات، ونستقرئ حركات الجسد، ونمعن في تحليل التوقيت، لنستشف ظل حقيقية، يحصل عليها الجمهور العام والخاص في بلد الآخرين من خلال الإيجازات الصحفية اليومية، وإن كانت مدبلمة، هذا عدا عن قيام بعض الصحفيين باختراقات، يحققون من خلالاها سبقهم الصحفي.
وعلى ضوء الحدث الأخير الذي هز المشهد الوطني السوري، بسلخ بضعة عشر ممثلاً في المؤسسة الوطنية الأعلى، أحب برؤيتي الفردية أن أثبت ما يلي:
– أحسب أن الخطوة التي فجأت المشهد الوطني بكلّيته؛ ذات منشأ عُلوي. دولي أو إقليمي، ولا أستطيع أن أتبين هوية صاحبه الأول، وسر توقيته، بارتباطه بأول رمضان، حيث جمهور السوريين مشغول بعبادته وطاعته. ولا أستبعد ان يكون القرار المذكور، مرتبطاً بمشروع الحل: خطوة مقابل خطوة، وأن الخطوة -الصفعة- تم تحديد ملامحها في مكتب علي مملوك بالذات!!
– أحسب أنه لا علاقة مباشرة لأحد من أعضاء الائتلاف بالقرار موضع الفتنة، ولاسيما الهيئات الائتلافية ذات الصلة. وإنما صدر عن غيرهم، وما كان لهم ألا أن ينفذوه، ولو كان في القائمة اسم أحدهم، لما كان له أن يعترض عليه. ولا أحد منهم يمتلك هذا الحق أصلا. بل كان سيقيل نفسه، وهو على الربابة يغني. ومن هنا أدعو إلى مواجهة الموقف على غير طريقة أنه تم عزل الأخيار والاحتفاظ بالأشرار. أحسب أن هذه اللعبة الفصامية التفتيتية، ينبغي أن لا تمر علينا جميعا، وأن نواجه الزلزلة بموقف وطني موحد، يمنع تداعيات الزلزال.
– أحسب ان وصف “وطني” أصبحت تحتاج إلى إعادة تحديد، ومعيار الوطنية أصبح بحاجة الى إعادة الاعتبار العلمي الموضوعي.
– أحسب أن هذه الهزة ليست الهزة الأخيرة للغربال، وأنه سيكون بعد الغربال غربال ومنخل أيضا. تعلمنا من محلات بيع الدجاج الحي، أن التي بقيت في القفص ليست أسعد حالاً من التي سبقت إليها يد المشتري او البائع، ونعلم أن المشتري أحياناً يختار الدجاجة من قفصها فقط لنظافة ريشها، وهو يعلم أنه سينتف بعد قليل!! بالدور واحد واحد يا شباب!!
– أحسب ان هذه الخطوة قد حسمت اللجاجة التي كانت تدور بين بعض الناس، منذ انكشاف أمر الائتلاف، حيث كان البعض يلح على حسم الموقف من اللعبة الهزيلة، التي لا يملك أحد من أطراف الائتلاف القرار فيها، وكان الجواب الحاضر على السنة الموالين، ندير صراعا، ندرأ فسادا، ندعم مصلحة، وفي اللحظة الحرجة، نأخذ قرارنا الذي نبرأ إلى الله فيه!! الصفعة التي نتلمس آثارها على خدودنا جميعا، أو هكذا أحسب، أسقطت منطق هؤلاء، وذرائعهم، وأثبتت أن الآخر مستعد بعد أن يعبر على ظهورهم -أقصد ظهورنا- كل المستنقعات، وبعد أن يشغلنا بتنظيف كل… مستعد في لحظة ما هو يقدّرها ويختارها ويتحكم في مقدماتها ونتائجها أن يعلنه طلاقاً بائناً بالثلاث لا رجعة فيه، ولا يد لنا في دفعه، لعلكم تتفكرون!! والالتفاف أو الاحتجاج عليه لن يجدي. وستجدون -فيما أحسب- من سوء فهم الكثيرين لموقفكم المتمادي، سوطاً إضافياً يلسع ولا يرحم.
– أحسب أن في قائمة المفصولين، كان هناك لحم ومرق، وهكذا هي سنة الماكرين، وإن تأملت لم يخف عليك المراد. منذ زمن بعيد تسمع كلمات من نوع خففوا لون الزرقة أو الخضرة في شعاراتكم وراياتكم، ومن هذه القائمة أحسب ان الذين يديرون مكتب “علي مملوك” ما زالوا يخبطون خبط عشواء. ويحسبون الشحم فيمن شحمه ورم.
– أحسب ان كل الذرائع قد سقطت للتمادي في طريق أهل الباطل، وأحسب أن المغرور من غره الطِّول المرخى. جميلة صورة طرفة:
لعمرك إن الموت ما أخطأ الفتى       لكالطول المرخى وثنياه باليد
متى ما يشأ يوماً يقده لحتفه            ومن يك في حبل المنايا ينقد
– أعتقد وأؤمن بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كلُّ أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى!!) وأشتق منه: كل الثورات تنتصر إلا من أبى!!

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي، قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين في سورية