أعلن فضيلة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية د. محمد حكمت وليد تأييد الجماعة للتدخل التركي في شمال سورية، معرباً عن أمله بأن يكون هذا التدخل في المصلحة المشتركة بين تركيا والشعب السوري.
وجدّد فضيلته، في حوار مباشر أجراه يوم أمس الأحد على موقع تويتر، رفض الجماعة لأي دور لبشار الأسد في مستقبل سورية، مشدّداً على اعتبار الأسد مجرم حرب مكانه الوحيد محكمة العدل الدولية.
الموقف من التدخل التركي
وبشأن التدخل التركي الأخير في شمال سورية، أعلن د. وليد تأييد الجماعة للموقف التركي في الدفاع عن وحدة الأرض السورية ضد مشاريع التقسيم، مضيفاً أنّ هذا التدخّل يصبّ في تحقيق المصالح المشتركة ما بين الثورة السورية وتركيا. وأعرب عن أمله بأن يكون الدخول التركي دخولاً سهلاً يحقق مصلحة الطرفين.
وأضاف بأنّ الدخول التركي يختلف عن الدخول الروسي والإيراني الذي تمّ استدعاؤهما من قبل الأسد وحكومته غير الشرعية، والتي ارتكبت المجازر بحق الشعب السوري.
وأشار فضيلته إلى أنّ فعالية الجماعة في الداخل السوري ليست مرتبطة بالتدخلات من قبل دول الجوار، فهي قائمة رغم وجود الاحتلال الروسي والإيراني والميليشيات المرتبطة بهما، معرباً عن أمله بأن يكون الدخول التركي مساعداً في تأمين الاستقرار والأمن اللذين يساعدان الجماعة وسواها من الجمعيات الإغاثية والخيرية على العمل بشكل فاعل في الداخل السوري.
وحول زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأخيرة إلى طهران، قال د. وليد إنّ من حق الدول أن تبني سياساتها الخارجية حسب ما ترتئيه مصلحتها ومصلحة أمنها القومي.
شؤون الجماعة
وفيما يخص مستقبل عمل الجماعة، شدّد د. وليد على أنّ العمل العلني هو الأساس لدى الجماعة، وأنّ العمل السرّي هو الاستثناء وإن طال، وبالنسبة للمستقبل فإنّ هامش الحرية الذي سيتمتع به الشعب السوري هو الذي يحدّد طبيعة عمل الجماعة.
وأعرب عن أمله بتوفّر أجواء الحرية والديموقراطية التي تساعد على الظهور الجليّ للجماعة وغيرها من الأحزاب السياسية، في تنافس حر ديموقراطي شريف.
وبشأن تركيز جماعة الإخوان على الجانب السياسي على حساب الجوانب الأخرى، رأى فضيلته أنّ جماعة الإخوان في الأساس حركة شاملة لكلّ مناحي الحياة، لكن عظم التبدلات السياسية في المنطقة هو الذي يعلّل الاهتمام بهذا الجانب أكثر من الجوانب الأخرى.
وأكّد فضيلته أنّ للداخل السوري تمثيلاً رسمياً في قيادة الجماعة، مشيراً إلى تواجدهم في الداخل لإدارة أعمال الجماعة المكلّفين بها. واعتبر أنّ توقّف بعض مشاريع الجماعة الإعلامية في الداخل، مثل “صحيفة العهد” و”إذاعة العهد” يرجع إلى الأزمات الاقتصادية التي تمر بها المنطقة، واضطرار الجماعة إلى إعادة ترتيب أولوياتها في المشاريع والمساحات التي تعمل فيها.
وأعلن د. وليد انفتاح الجماعة لجميع الخيرين بالانتساب لها سواء من أبناء شهداء الثمانينيات أو سواها، مشدّداً على أنّ الجماعة بما تمثّله من فكر وسطي معتدل ستكون موئل الشباب خاصة بعدما سقط القناع عن الحركات الغالية التي انتشرت في بداية الثورة.
المرحلة الانتقالية والحل السياسي
وحول استعدادات الجماعة للمرحلة الانتقالية المفترضة، أوضح د. وليد أنّ الجماعة مشاركة حالياً في جسم المعارضة السورية الرئيسي الذي يتفاوض من أجل المرحلة الانتقالية التي يتم فيها الانتقال من الدكتاتورية إلى الديموقراطية البرلمانية. مضيفاً أنّ الجماعة تسعى من خلال تلك المشاركة إلى تصليب الموقف الوطني الذي يحافظ على حقوق الشعب السوري.
وأشار فضيلته إلى أنّ العديد من الدول الداعمة للنظام تقف حجر عثرة أمام هذا النوع من الانتقال السياسي، وتريد الاكتفاء بحكومة تشاركية مع النظام تكون مدخلاً لإعادة تأهيله للاستمرار في مستقبل سورية.
وجدّد د. وليد تأكيد موقف الجماعة اعتبار بشار الأسد مجرم حرب قتل مئات الآلاف من شعبه وشرد الملايين، وأنّ المكان الأمثل له هو محكمة العدل الدولية، وليس مستقبل سورية أو أية مرحلة انتقالية، محذراً من أنّ فرضه من قبل بعض الدول سيكون خطأً تاريخياً كبيراً وعاملاً لعدم الاستقرار في المنطقة.
وحول تصريحات القيادي بالجماعة ملهم الدروبي الأخيرة، قال د.وليد إنّ الدروبي أخطأ بالتعبير عن موقف الجماعة بالتهنئة (لرئيس مجلس الشعب التابع لنظام الأسد)، خاصة عندما دعاه للعمل في خدمة الشعب السوري، مؤكّداً أنّ نظام الأسد ومؤسساته ما كانت يوماً في خدمة الشعب السوري، وهو بطبيعته نظام غير قابل للإصلاح ولا للانفتاح على مكونات الشعب المختلفة.
وأشار فضيلته إلى إنّ تصريح الأخ ملهم الدروبي اعتبر مخالفة تنظيمية، تمّت محاسبته عليها حسب النظام الداخلي للجماعة.
وفيما يخص الموقف من “منصتي” موسكو والقاهرة، اعتبر فضيلته أنّهما محاولتان لاختراق المعارضة السورية الحقيقية بعناصر مؤيدة للنظام، مضيفاً أنّه إذا أرادت تلك المنصتان الانضمام للمعارضة فعليها الإعلان والالتزام بالسقف الوطني لهذه المعارضة.
الاحتلال والمقاومة الوطنية
وإذ شدّد د. وليد على أنّ الجماعة كانت ولا تزال تتمنى حلاً سياسياً عادلاً للقضية السورية، فإنّه رأى أنّ الاحتلال العسكري المباشر لسورية يشير إلى أنّ ذلك الحل السياسي أصبح بعيد المنال.
وبيّن فضيلته أنّه في ظل حلّ عسكري يراد فرضه بالقوة والإكراه، فإنّ المقاومة الوطنية هي “اللازم الطبيعي والموضوعي” لكلّ احتلال، متعهّداً بالعمل على تدعيمه على الصعيد الوطني.
سورية المستقبل
وقال د. وليد إنّ جماعته تنظر إلى سورية بعين المواطنة التي تعترف بالحقوق والواجبات المتساوية لجميع مكونات الشعب السوري، متعهّداً بالعمل مع الجميع في مستقبل سورية تحت مظلة وطنية جامعة.
وأضاف بأنّه يجب الاعتراف بأنّ هناك أرضاً محتلة يجب العمل على تحريرها بكلّ الوسائل المشروعة.
واعتبر فضيلته بأنّ عملية السلام قضية استراتيجية تخص عموم الشعب السوري، وتخضع لموازنات القوة والضعف وقواعد درء المفاسد وجلب المصالح حسب تقدير المؤسسات التشريعية في الدولة.
مواقف “أصدقاء سورية”
وفي إجابته على سؤال حول انحسار الدعم الدولي، وتراجع موقف دول “أصدقاء سورية”، قال فضيلته إنّ العديد من الدول المؤيدة للثورة السورية وقعت تحت ضغوط دولية هائلة، وبشكل رئيسي ضغوط روسية أمريكية للتوقف عن دعم الثورة.
وأضاف “نحن لا نشكّك في نوايا هذه الدول الصديقة ونقدّر المساعدات الهائلة التي قدّمتها للثورة السورية، ونأمل منها الاستمرار في دعم هذه الثورة التي تقف حاجزاً أمام المشاريع الإيرانية والروسية والغربية في المنطقة”.
العلاقة مع دول الخليج في ظل الأزمة
وأكّد د. وليد أنّ علاقة الجماعة بدول الخليج حسنة قبل الأزمة الخليجية وبعدها، معتبراً ما حدث “أزمة داخلية بين أشقاء يمكن حلّها في البيت الداخلي”. ونفى فضيلته تعرّض الجماعة أو أحد أبنائها لأيّة مضايقات من أي طرف كان.
وحول العلاقة مع المملكة العربية السعودية، قال فضيلته إنّ السعودية مازالت من الدول القليلة الداعمة للشعب السوري، مشدّداً على أنّ أمن المملكة وسلامة أراضيها أمر بالغ الأهمية للإسلام والمسلمين.
واعتبر فضيلته أنّ مهاجمة قصر السلام في جدة الذي حدث مؤخراً هو عمل إرهابي لا تقرّه شرائع الأرض ولا السماء. وأعلن وقوف الجماعة صفّاً واحداً مع الأشقاء في السعودية في محاربة الإرهاب.
مواقف حماس الأخيرة
وحول مواقف حركة حماس الأخيرة وتعاملها مع حكومة الانقلاب العسكري بمصر وفتح قنوات إيجابية مع نظام السيسي، أوضح فضيلته بأنّ المنطقة تمرّ حالياً بزلازل سياسية تغير من طبيعة العلاقات الجيوسياسية.
وأكّد على احترام جماعته للاجتهادات السياسية لأي حركة إسلامية في التعامل مع الدول المحيطة بها، مطالباً الجميع أيضاً باحترام اجتهادات جماعة الإخوان السياسية في التعامل مع الدول المؤثرة في القضية السورية.