الإخوان المسلمون في سورية

د. وليد: انتصار الشعب السوري تتويج لسنوات طوال من الكفاح ضد نظام مجرم إبادي طائفي.. وفاتحة خير للشعب السوري وسائر شعوب المنطقة

موقع إخوان سورية
أكّد رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في سورية الدكتور “محمد حكمت وليد”، أن انتصار الشعب السوري ضد الطاغية المخلوع بشار الأسد، هو تتويج لسنوات طوال من الكفاح ضد نظام مجرم إبادي طائفي، متفرد في وحشيته وساديته، وهو برهان على أن إرادة الشعوب يمكن أن تحقق المستحيل، وهو فاتحة خير للشعب السوري وسائر شعوب المنطقة
واعتبر د. وليد في حوار مع موقع “الفيحاء” أن أبرز التحديات التي تواجه الشعب السوري في المرحلة القادمة هي بناء دولة العدل والقانون على قاعدة السواء الوطني لكل أبناء سورية، وهي مهمة ليست سهلة بعد التصحر السياسي والثقافي والاقتصادي الذي خلفه النظام في سورية..
ورأى د. وليد أن البلاد بحاجة سريعة لتشكيل حكومة وطنية تضم أكبر طيف ممكن لشرائح الشعب السوري، وتستند إلى القاعدة الشعبية الثورية التي قامت بالتغيير وتحظى بالاعتراف الدولي، موضحاً أن من أولويات هذه الحكومة ضبط الأمن الداخلي، وحماية حدود الدولة، ومنع التدخلات الخارجية التي تريد خوض معاركها على الأرض السورية.
وحذّر من أنّه كلما طال الزمن لتشكيل هذه الحكومة كلما تعرضت البلاد إلى الثورة المضادة المدعومة خارجياً.
وفيما يلي النص الكامل للحوار:

رؤية رئيس مجلس شورى جامعة الإخوان المسلمين في سورية الدكتور محمد “حكمت وليد” لسورية المستقبل: “تعزيز الوحدة الوطنية، التعاون العربي، والمواقف من لبنان وفلسطين”

أجرى الحوار ناشر موقع “الفيحاء” الإعلامي الحقوقي ربيع المغربي

بعد أكثر من 40 عامًا من حكم نظام أسد في سورية، والذي شهد قمعًا واضطهادًا لشعبها، جاء الانتصار أخيرًا ليُعيد الأمل للسوريين في بناء وطن حُر وديمقراطي.

في ظل هذه اللحظة المفصليّة، نتحدث اليوم مع رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في سورية الدكتور الفاضل “محمد حكمت وليد” لمعرفة رؤية الجماعة للمستقبل، ودورهم في إعادة إحياء سورية، وتعزيز العلاقات مع الدول الشقيقة، فضلًا عن موقفهم من أبرز القضايا الإقليمية والعالمية.

(1) عن الانتصار الذي حققه الشعب السوري:

* كيف تقيّمون الانتصار الذي تحقق بعد عقود من حكم النظام السوري؟
– هذا الانتصار تتويج لسنوات طوال من الكفاح ضد نظام مجرم إبادي طائفي، متفرد في وحشيته وساديته، وهو برهان على أن إرادة الشعوب يمكن أن تحقق المستحيل، وهو فاتحة خير للشعب السوري وسائر شعوب المنطقة.
* برأيكم ما هي أبرز التحديات التي تواجه الشعب السوري في المرحلة القادمة؟
– لقد كان هدم النظام الاستبدادي القمعي صعباً، وكلّف السوريين تضحيات جسيمة، ولكن الأصعب هو بناء دولة العدل والقانون على قاعدة السواء الوطني لكلّ أبناء سورية، وهي مهمة ليست سهلة بعد التصحر السياسي والثقافي والاقتصادي الذي خلّفه النظام في سورية..

لم تهدم البراميل المتفجرة الحجر فقط، ولكنها بنت جدراناً من الدم وسمّمت النسيج الاجتماعي في سورية، ونحن في المرحلة القادمة نحتاج إلى بناء الإنسان كما نحتاج إلى بناء الأوطان.

(2) الرؤية المستقبلية:

* ما هي أولويات الثورة السورية في مرحلة ما بعد التحرير؟
– كما أنّ النصر العسكري كان سريعاً، سورية بحاجة إلى السرعة في تشكيل حكومة وطنية تضمّ أكبر طيف ممكن لشرائح الشعب السوري، وتستند إلى القاعدة الشعبية الثورية التي قامت بالتغيير وتحظى بالاعتراف الدولي.
ومن أولويات هذه الحكومة ضبط الأمن الداخلي، وحماية حدود الدولة، ومنع التدخلات الخارجية التي تريد خوض معاركها على الأرض السورية.. وكلما طال الزمن لتشكيل هذه الحكومة كلما تعرضت البلاد إلى الثورة المضادة المدعومة خارجياً.
* كيف تخططون للعمل مع مختلف الأطياف السياسية والاجتماعية لتحقيق التوافق الوطني؟
– التشاور والحوار على قاعدة السواء الوطني، واجتراح الحلول التي يشعر الجميع أنهم حصلوا على حقوقهم من خلالها، وتتمّ فيها القطيعة مع حكم الفرد المستبد ليقوم حكم رشيد يتساوى فيه الجميع بالحقوق والواجبات، وذلك من خلال دستور تحفظ فيه حقوق الأقليات بالتعبير عن هوياتها الفرعية دون أن تتحكم بمصير الأكثرية وهويتها العربية الإسلامية.
* ما هي رؤيتكم لدور الجماعة في بناء مؤسسات الدولة الحديثة؟
– للجماعة تصوراتها الواضحة عن مؤسسات الدولة، ومبادئها الدستورية التي تحفظ هوية سورية العربية الإسلامية، وتحافظ على حقوق كل مكونات الشعب السوري على مبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، كما أن فكرنا الوسطي المعتدل ودعوتنا التي تقبل الآخر المختلف هي عامل أمن واستقرار يحتاجه المجتمع السوري في مرحلته القادمة.
نحن نمدّ يدنا لكل مكونات الشعب السوري التي تؤمن بوحدة التراب السوري، وتنبذ المحاصصة وترفض كل الحركات الانفصالية على أساس عرقي أو طائفي، وتحافظ على وحدة سورية وهويتها.
* أثبت الشعب السوري تعاليه عن الآلام ووحدة وطنية فاجأت الكل، كلمتكم لمختلف مكونات الشعب السوري؟
– دعونا نثبت للعالم أننا شعب واحد ووطن واحد، وأنّ قيمنا الحضارية راسخة في قلوبنا وسلوكنا، وأنّ تنوعنا الديني والعرقي هو تنوع ثراء وليس تنوع شقاق وتنازع.
سورية الحبيبة سفينة للجميع، إذا نجت نجونا جميعاً وإن غرقت غرقنا جميعاً.

(3) العلاقة مع الأشقاء العرب:

* كيف تنظرون إلى مستقبل العلاقات السورية مع الدول العربية بعد التحرير؟
– سورية عضو أساسي في الأسرة العربية وعضو مؤسس في الجامعة العربية، ومن الأهمية بمكان عودة سورية إلى الحضن العربي، وأن تكون الدول الخليجية إضافة إلى تركيا والأردن حاضنة تطوير سورية وإعادة إعمارها.
* هل هناك مبادرات أو خطط لتعزيز التعاون مع الدول العربية في مجالات إعادة الإعمار؟
– ستوفر إعادة الإعمار فرصة ذهبية لشركات الإنشاءات للمشاركة والازدهار، والدول العربية أحق من غيرها بالإضافة إلى تركيا لدخول هذه السوق الهامة الواعدة.

(4) الاعتداءات “الإسرائيلية”:

* ما موقفكم من الاعتداءات “الإسرائيلية” المتكررة على الأراضي السورية؟
– الكيان الصهيوني الغاصب عدو، واعتداءاته ليست جديدة على الأرض السورية، وقد قام سلاح الجو “الإسرائيلي” بأكثر من (400) غارة لتدمير سلاح الجيش العربي السوري في البر والبحر والجو، لقد كان لافتاً أن الكيان الصهيوني متخوف من وقوع هذا السلاح بيد الثوار السوريين، بينما تركه في يد بشار الأسد (بطل المقــاومة) لسنوات طويلة دون خوف، ولم يطلق على “إسرائيل” طلقة واحدة.
* كيف يمكن لسورية التحرير تعزيز موقفها في مواجهة التهديدات “الإسرائيلية”؟
– يتم ذلك ببناء الإنسان الحر الذي يقاتل دفاعاً عن أرض يملكها، ووطن يكرمه، وبناء جيش حديث، عقيدته حماية الوطن لا حماية النظام.

(5) الكلمة إلى لبنان:

* في ظل التاريخ المشترك بين الشعبين السوري واللبناني، ما الرسالة التي توجهونها إلى لبنان حكومة وشعباً؟
– ما يجمع الشعبين السوري واللبناني من أواصر اللغة والدين والعادات والتاريخ، أكبر بكثير من الحدود التي تفصل بينهما، وفي تاريخنا الحديث حصلت تجاوزات إجرامية من النظام السوري على لبنان الشقيق ومن “حزب الله” اللبناني على سورية، وهذه صفحات مظلمة يجب أن تطوى وتفتح صفحة جديدة نكتب فيها تاريخنا المعاصر بشكل يليق بالوجه الحضاري المشرق لهذه المنطقة من العالم.
* مع الساعات الأولى لسقوط الرئيس المخلوع بشار الأسد، واللبنانيون وتحديداً أبناء طرابلس توجهوا إلى سورية فرحاً بالتحرير، كلمتكم لأهل طرابلس خصوصاً ولبنان عموماً؟
– نقول لأهلنا في طرابلس وعموم لبنان: نفرح لأفراحكم ونحزن لأحزانكم.. أنتم أهلنا ونحن أهلكم.. وحريتنا لا تنفصل عن حريتكم، وكرامتنا تتماهى مع كرامتكم..
وخير ما نقدّمه لكم في عيد انتصار ثورتنا؛ هو شجرة أرز من لبنان مغلفة بياسمين الشام.
* كيف تقيّمون علاقتكم مع الجماعة الإسلامية في لبنان والقوى اللبنانية الأخرى؟
– الجماعة الإسلامية في لبنان تنظيم إسلامي مستقل بشؤونه الإدارية والتنظيمية، تجمعنا معه الصلات الحسنة والقيم الإسلامية العامة والحركية، أمّا بالنسبة للقوى اللبنانية الأخرى فتجمعنا معهم وحدة المصير في هذه المنطقة، وقيم حسن الجوار والقواسم الوطنية لقيم العيش المشترك.
* “حــزب الله” في لبنان، ما هو موقفكم منه ومن قيادته التي تمنت علاقات جيدة مع النظام الجديد في سورية؟
– كان على “حــزب الله” أن يتمنى علاقات جيدة مع الشعب السوري قبل النظام الجديد في سورية، لأن حجم الجرائم التي قام بها الحزب تركت جرحاً غائراً في القلوب، فالشعب السوري اليوم ليس من أحفاد يزيد وليس عدواً للبنان بل هو نسيج متنوع من العرب والكرد والتركمان والشركس ومن المسلمين والمسيحيين والأرمن والدروز، ولا يمكن للحزب أن يقتل أبناءهم ويهدم بيوتهم انتقاماً لثارات الحسين، وهذا عمى تاريخي وإيديولوجي خارج الزمان والمكان، فالطريق إلى القدس لا يمر عبر تهديم حلب وحمص وحماة والقصير.
لكي يستطيع الحزب إقامة علاقات جيدة مع النظام الجديد في سورية ومع غيرها من البلاد، لا يكفيه الاعتذار للشعب السوري عما ارتكب بحقه من جرائم، ولا بد له من إعادة النظر في فكره ونهجه السياسي وسيرته العسكرية وعلاقاته الإسلامية.

(6) الموقف من القضية الفلسطينية:

* كيف تنظر الجماعة إلى دور سورية المستقبلية في دعم القضية الفلسطينية؟
– كان دعم سورية للقضية الفلسطينية قائماً في الماضي وسيبقى في المستقبل، فكل فرد في سورية يفتح عينيه منذ الطفولة على حب فلسطين والتضحية في سبيل قضية فلسطين، هذه هي إحدى الأساسيات التي يتربى عليها أبناء سورية.
ونحن نؤكد أن تحرير شعوب المنطقة هو الخطوة الأولى الحقيقية لتحرير القدس وفلسطين.
* هل هناك رؤية واضحة لدعم الشعب الفلسطيني سياسياً وميدانياً؟
– دعم الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة مبدأ لا يمكن التخلي عنه، أما لحظة التحول التاريخي والمرحلة الانتقالية التى تمر بها سورية اليوم فتتطلبان رؤية إبداعية للتنفيذ تتناسب مع هذه المرحلة.
* كيف تقيمون العلاقة مع حركة المـقاومة الإسلامية حمـاس وفق الظروف الحالية؟
– حمـاس تنظيم إسلامي جهادي فلسطيني مستقل، له هياكله الإدارية والتنظيمية الخاصة به، ولنا إدارتنا المستقلة الخاصة بنا، نتفق معهم في الكثير من رؤاهم السياسية ونختلف مع بعضها، لكن يجمعنا معهم الفكر الإسلامي الحركي الوسطي المعتدل بأصوله التي خطها الشيخ حسن البنا رحمه الله.

(7) مصير القادة الفارين والمحاكمات:

* ما مصير القادة الفارين من نظام الأسد؟ وهل يتم العمل على ملاحقتهم قانونياً؟
– العديد من جلاوزة النظام وجد طريقه للفرار إلى العراق ولبنان وروسيا، وبعضهم ما زال مختبئاً في الأحياء والبلدات والقرى.
الجرائم التي ارتكبوها بحق الشعب السوري لا تسقط بالتقادم، وهروبهم هذا لن يعطيهم الأمان من الملاحقات القانونية مها طال الزمن لينالوا جزاء ما اقترفت أيديهم.
نحن ضد العدالة الانتقامية ومع المحاكمات القانونية والأحكام العادلة لكل من تلوثت أيديهم بدماء الشعب السوري.
* هل هناك ملفات جاهزة لمحاكمة بشار الأسد في حال لجوئه الى روسيا أو أي دولة؟
– بعد لقائه مع كبار ضباط الجيش السوري ووعده إياهم بوصول المعونات العسكرية من روسيا وإيران، أقلع بشار الأسد بطائرته من دمشق إلى اللاذقية، ثم هرب منها على متن طائرة روسية إلى موسكو دون أن يُعلم أخاه ماهر، وخاذلاً أقرب المقربين إليه.
ملف بشار الأمني حافل بكل الجرائم ضد الإنسانية، وسوف يطلب من روسيا تسليمه لمحكمة العدل الدولية، ولعلها تسلمه بعد أن تستولي على أموال الشعب السوري التي هربها معه.
* ما الرسالة التي توجهونها للعالم بشأن ضرورة محاسبة من تلطخت أيديهم بدماء السوريين؟
– لقد غضّ المجتمع الدولي الطرف عن جرائم بشار الأسد لسنوات طويلة، الرئيس أوباما اكتفى بمصادرة سلاح الجريمة الكيماوي وترك المجرم حراً طليقاً ليكمل إجرامه.
إن دماء السوريين غالية علينا، وقد ارتكب بشار جرائمه أمام سمع العالم وبصره، وقد حرّم علينا ديننا أخذ البريء بجريرة المذنب، ولا بد للعدالة أن تأخذ مجراها القانوني، فالشعب السوري يستحق العدالة بعد طول غياب.

محرر الموقع