في أواسط القرن الخامس الهجري كان الضعف في دويلات الطوائف في الأندلس قد بلغ مرحلة مؤسفة، حتى صار ملوك تلك الولايات يستعينون بالنصارى ضد بعضهم بعضاً. وراحت ممالك النصارى تتوسع على حساب أراضي المسلمين وتفرض الجزية على “ملوك الطوائف”، وكان ألفونسو السادس من أشدّ ملوك النصارى بأساً على دويلات الطوائف.
وأحسّ المعتمد بن عبّاد ملك إشبيلة بالخطر واستشار العلماء فقرر الاستعانة بيوسف بن تاشفين أمير المرابطين في المغرب. لكن بعض ملوك الطوائف حذّروا ابن عبّاد من ذلك، لأن ابن تاشفين إذا نجح في صدّ الصليبيين فإنه سيتملك البلاد، ولن يبقى لابن عبّاد مُلْك. فقال ابن عبّاد: لأنْ أرعى الإبل عند ابن تاشفين خير من أن أرعى الخنازير عند ألفونسو.
وتمكّن يوسف بن تاشفين من عبور مضيق جبل طارق والوصول إلى قرطبة وإشبيلة والتوجّه شمالاً نحو قشتالة (حيث ألفونسو السادس) حتى وصل إلى “الزلّازقة”، وكان ينضمّ إليه في كل موقع أعداد من المسلمين، فبلغ جيشُه نحو ثلاثين ألفاً، وفي معركة الزلّاقة حقق انتصاراً عظيماً على جيش ألفونسو الذي بلغ تعداده ثلاثمئة ألف مقاتل (أي عشرة أضعاف جيش ابن تاشفين).
وقد التحم الجيشان في 12 من رجب 479هــ، وكانت المعركة في بدئها لألفونسو ثم كتب الله النصر المؤزر لجيش المسلمين، وجمع ابن تاشفين ملوك الأندلس وأمرهم بالاتفاق والاتحاد وعاد إلى بلاد المغرب، وعمره آنذاك تسع وسبعون سنة.