الإخوان المسلمون في سورية

سورية (الشعب) العظيمة.. وروسية (بوتين) المحتلة الوضيعة

[دروس سنوات الاحتلال](3)

14- الاجتياح الروسيّ والمجوسيّ الإيرانيّ لسورية، نفّذته الدولتان المارقتان على أمل أن يُحسَمَ الصراع سريعاً لصالحهما، ولكلٍ من هاتين الدولتين الإجراميّتين مصالحها التي قد تختلف عن مصالح الأخرى، لكنهما بعد عشر سنواتٍ من العدوان السافر على الشعب السوريّ، وبعد أكثر من ست سنواتٍ لدخول الجيوش الروسية فعلياً الحربَ على الثورة السورية.. لم تتمكّنا من تحقيق أي هدفٍ من أهدافهما، سوى القتل والتدمير والتخريب وارتكاب أفظع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. لا شك أنّ المجرمَيْن الهمجيَّيْن الروسيّ والمجوسيّ، أدركا أنهما تورّطا في الرمال السورية، مع شعبٍ لا يلين ولا يستكين، وأنّ هذا الشعب الأبيّ الأصيل، يعتبر تحرير وطنه من رجسهما، أعظم الجهاد في سبيل الله عزّ وجلّ، على قاعدة: (قتلانا في الجنة، وقتلاهم في جهنم)، وصار واضحاً، أنّ إطالة أمد الصراع ليس من صالحهما، وكلما اندفعا للحسم السريع.. اشتدت عليهما وطأة المقاومة. الشعوب الأصيلة لا تتعب من مقاومة المحتلّ المجرم، وهي الورقة الرابحة التي تكاد تكون الوحيدة في يد الثورة والثوار.. استثمار طول أمد المواجهة بالأساليب الذكية ضد هذين المجرمَيْن، سيؤدي إلى استنزافهما تصاعدياً، إلى أن يسقطا في حالة الانهيار التام، فلا عصاباتهما وجيوشهما قادرة على الصمود لمددٍ طويلة، ولا أوضاعهما الاقتصادية والداخلية قادرة على التغذية المستمرة لعدوانهما. المستقبل –إذن- لصالح الشعب السوريّ بإذن الله، وكل المطلوب منه ومن ثواره، هو استمرار الاستنزاف، وابتكار وسائله الإبداعية، والصبر على الابتلاء، الذي بلغ ذروته، ولم يعد باستطاعة الوحوش الروسية والمجوسية، أن تُصيبَ هذا الشعبَ أكثر مما ألحقوه به حتى اليوم.. والعاقبة للمتقين إن شاء الله، قاهر الظالمين المعتدين.
* * *
15- مأساة الشعوب المسلمة في (القوقاز والقرم) ما تزال مستمرة. هذه المأساة بدأت إبان مرحلة روسية القيصرية، إذ في 21 من شهر أيار لعام 1864م، بدأ طغاة روسية القيصرية، بتهجير حوالي مليونين من الشركس المسلمين، في عمليةٍ كبرى للتغييرٍ الديموغرافيّ وتشريد المسلمين من وطنهم، وأدت هذه العمليات العدوانية إلى إبادة أكثر من خمس مئة ألفٍ من الشعب الشركسيّ المسلم. وفي 18 من أيار لعام 1944م، بدأت روسية الشيوعية الإجرامية، المنضوية تحت لواء الاتحاد السوفييتي البائد، بتهجير مسلمي شبه جزيرة القرم، وهم السكان الأصليون من أتراك التتار المسلمين، فقد قام المجرمون الذين يحكمون روسية الشيوعية، بزعامة الطاغية المجرم (ستالين)، بعمليات تغييرٍ ديموغرافيٍّ واسعة، لاحتلال القرم وإبادة أهلها التتار المسلمين، وتهجير مَن بقي منهم على قيد الحياة، ومصادرة أملاكهم وأموالهم، وانتهاك أعراضهم. هذا هو تاريخ روسية الكافرة الفاجرة بتعاملها مع المسلمين، التاريخ نفسه الذي يحاول أوغاد بوتين وأوباش روسية، أن يكرِّروه الآن في سورية العربية المسلمة. معركتنا مع هؤلاء الكفرة هي معركة عقيدةٍ ودِينٍ في المقام الأول، ولن ينجوَ السوريون من خبائث السلالة الإجرامية الروسية، إلا بنقل هذه المعركة إلى قلب روسية الشرّ والعدوان والإجرام التاريخيّ، وذلك لردع سلالات الحقد الصليبيّ الروسيّ عن الشام الطاهرة. علماً أنّ ما يُسمى بمؤتمرات (أستانة، وجنيف)، تدعمان السلالة الإجرامية الروسية، ولا تردعانها.
* * *
16- نقطة التحوّل العميقة التي ينبغي للسوريين دراستها بعمق، والتخطيط على أساسها لمستقبل الثورة.. ليس احتلال درعا، فهذه معركة كَرٍّ وفَرّ من مئات المعارك التي يخوضها الثوار، ودرعا، كغيرها من المناطق السورية، ستتحرّر بإذن الله.. لكنّ نقطة التحوّل هي موقف ما يُسمى بالدول الداعمة للثورة، التي سكتت، بل (طنّشت) بشكلٍ مُريبٍ، وكأنها تعيش في كوكبٍ آخر، على الرغم من عمق المأساة الإنسانية، وعلى الرغم من الإجرام الذي لا مثيل له، الذي ارتكبه ويرتكبه الروس والمجوس والعصابات البشارية!!.. لم نسمع صوتاً، ولا تعاطفاً، ولا حتى جَبْراً للخواطر، ولم نشهد أي إجراءٍ أو موقفٍ سياسيٍّ أو إنسانيٍّ مطلقاً، من قِبَلِ الأنظمة التي نعني!.. وكأنّ احتلال المجوس لدرعا لا يعنيها، وهم الذين أشعرونا في الجولات السابقة، أنّ تـَمَكُّنَ الفرس المجوس في الشام، سيؤثّر بشكلٍ مباشرٍ على دول المنطقة، لاسيما الخليج العربيّ واليمن، فماذا وراء الأكمة؟!.. هذا التحوّل الذي انكفأ فيه جميع مَن ذكرناهم، هو الذي ينبغي دراسته والتخطيط للمستقبل بناءً على حقائقه الجديدة، إذ لا ينبغي لهذا الخذلان والانكفاء المفاجئَيْن أن يمرّا من غير دراسةٍ وافية، مع الانتباه إلى الصفقات التي قد تكون قد عُقِدَت على حساب الدم والعِرضِ السوريَّيْن!.. ندعو الله عَزّ وجل ألا تكون هناك صفقات مُريبة، بطعم الغدر بالسوريين، واستطراداً: بالأمة كلها.
* * *
17- من التساؤلات الجديرة بالبحث عن أجوبةٍ لها: لماذا لم تتّفق القوى الثورية والسياسية للشعب السوريّ حتى الآن، رسمياً، (وبما أنّ إيران وعصاباتها والميليشيات التي تستوردها، وروسية الاتحادية.. هما دولتان محتلّتان لسورية)،.. لم تتفق على أنه ينبغي العمل، تخطيطاً وتنفيذاً، لحربٍ شعبيةٍ تحريرية، تحرّر الوطن السوريّ من المحتلِّين، وعلى أن يكون للحراكات السياسية كلها –محلياً وإقليمياً ودولياً- عنوان موحَّد: التحرير ودحر الاحتلال وإزالته، ليتحقّق بذلك هدف التحرير وأهداف الثورة؟!..
ولماذا لم تقم الدول العربية، بموجب ميثاق الجامعة العربية، باتخاذ أي إجراءٍ ضد إيران وروسية، لأنهما دولتان تحتلان دولةً عربيةً شقيقةً عضواً في جامعة الدول العربية؟!.. وأقل ما يمكن القيام به، إن كانت هذه الأنظمة ما تزال تحسّ أنها تنتمي لأمة العرب.. هو قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدولتين المعتديتين المحتلَّتين، إلى أن تغادرا سورية.. أم أنّ الأنظمة العربية من أسمى مهماتها: تضييع سورية، كما ضيّعت فلسطين والعراق؟!.. علماً أن المطلوب في هذا الأمر أكثر بكثير من قطع العلاقات الدبلوماسية، فهناك العقوبات الاقتصادية، ومحاكمة مجرمي الحرب، وطلب التعويضات عن الخسائر التي سببتها هاتان الدولتان الإجراميتان، بكل أنواعها، وغير ذلك. ألا من ظهيرٍ للشعب السوريّ؟.. ألا من ضمير؟.. ألا من نخوةٍ أو مروءةٍ عربية؟.. ألا من ذرّة خَوْفٍ من عقاب الله عزّ وجلّ، في الدنيا والآخرة؟..

د. محمد بسام يوسف