الإخوان المسلمون في سورية

فضيلة المراقب العام: التضحيات التي قدمها السوريون كبيرة.. والتراجع عن الحرية والكرامة انتحار

 

قال فضيلة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية د. محمد حكمت وليد إنّ استمرار الثورة في سورية مكلف، لكن الحل على طريقة روسيا وإيران سيكون أشد كلفة، مؤكداً أن التراجع عن الحرية والكرامة انتحار.

 

وأضاف فضيلته في حوار خاص مع المكتب الإعلامي بمناسبة الذكرى السابعة لانطلاق الثورة، أنّ الحل في سورية في النهاية هو حلّ سياسي، ولكن ما يجري في جنيف وأستانة هو شراء للوقت من أجل الحسم العسكري.

 

ونفى فضيلته وجود “الازدواجية” في مواقف الإخوان، مؤكداً أنّ الجماعة عندما تتخذ قراراً بموقف معين فإنها تلتزم به، وأنّ حديث البعض عن مشاركة أعضاء من الإخوان في أستانة وسوتشي بأنه “غير صحيح”.

 

وفيما يلي النص الكامل للحوار:

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

سؤال (١): بعد سبع سنوات من الثورة، ترتفع أصوات بأنها تعبت وحان الوقت للقبول بحل مهما كان وإيقاف هذه الدماء؟ فهل تعبتم؟

 

إن استمرار الثورة مكلف، لكن الحل على طريقة الروس والإيرانيين والأسد أشد كلفة، فهو ترسيخ للدكتاتورية والطائفية والقمع لعقود قادمة، هذا النظام لا يحمل أية مشاريع إصلاحية، ويجب ألا يحوز على الشرعية مهما كانت الظروف.

 

لا شك أن التضحيات التي قدمها السوريون كبيرة جدا ندر أن يقدمها شعب قبلهم، كما أن اجتماع كل هذه القوى الكبرى عليهم لم يحصل في تاريخ الثورات أبدا، ومع ذلك مازال السوريون صامدين، من الطبيعي هذا الألم الإنساني، وهذا التعب البشري، لكن التراجع عن الحرية والكرامة انتحار.

 

سؤال (٢): هل تعتقدون أن مسارات جنيف وأستانة يمكن أن تقدم شيئاً مفيداً للثورة؟ وما هو موقفكم من المسار التفاوضي حتى الآن؟ وخاصة ما يتم الحديث عنه من لجنة مشتركة للدستور  وانتخابات؟وما هي رؤيتكم كجماعة للحل؟

 

الحل في النهاية هو حلّ سياسي، ولكن ما يجري في جنيف وأستانة هو شراء للوقت من أجل الحسم العسكري. هذا واضح في ما يجري في الغوطة الشرقية، وما توعد به الجعفري في مجلس الأمن من أن إدلب ستكون حلب ثانية.

 

نحن ندعو إلى مسار تفاوضي حقيقي يحافظ على جميع مكونات الشعب السوري، ولكن ما يجري هو أبعد ما يكون عن التفاوض.

 

الأوضاع الحالية لا تسمح بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، فالشعب السوري مشرد في أصقاع العالم، وأي انتخابات تتم في غيابه ستكون تزويرا لإرادته.

 

أما فيما يخص اللجنة الدستورية، فسوف نتعامل معها حسب المحددات السياسية التي توافقت عليها قوى الثورة والمعارضة، وسوف نعمل من أجل دستور يثبت هوية الشعب السوري وثقافته، ويمنع التقسيم، ويتيح الحريات، وينزع كل مقومات الاستبداد والقمع.

 

سؤال (٣): يتحدث البعض أنكم تقفون موقفا إعلاميا ضد محطات سياسية ولكنكم تشاركون فيها من خلال واجهات أخرى، مثل سوتشيوأستانة وغيرها؟ فما حقيقة موقفكم من ذلك؟

 

لا نمارس هذه الازدواجية أبدا، وعندما نتخذ قراراً بموقف معين فإننا نلتزم به، وما يحدث من مشاركة البعض ممن هو قريب منا أو كان يوماً ما ضمن التنظيم لكنه خرج، لا يعني أن الجماعة شاركت، وحديث البعض أننا مشاركون بأستانة وسوتشي فهذا غير صحيح، وموقفنا كان واضحا ومعلنا بشكل رسمي، كما أنه لا توجد أي فصائل خاصة بنا كما يتحدث البعض عن فيلق الشام، فلا توجد أي علاقة تنظيمية معه، وعندما نشارك في حدث معين أو مؤسسة معينة فإننا نعلن ذلك ونعلن عن أسماء من يمثلنا فيها.

 

سؤال (٤): كان للدور التركي الأثر الكبير في تحرير بعض المناطق داخل سورية، مثل عمليات درع الفرات وغصن الزيتون، ولكن أصوات في المعارضة تعتبر ذلك تدخلاً غير شرعي وأنه نوع من النفوذ التركي، فما هو موقفكم من ذلك؟

 

لا شك أن الحكومة التركية والشعب التركي قدموا الكثير لثورتنا، واختلطت دماء ثوارنا بدماء الجيش التركي على أرض سورية في عمليات درع الفرات وغصن الزيتون، ولا ينكر هذا الدور إلا جاحد.

 

الاحتلال الروسي والإيراني هو الوجود غير الشرعي في سورية، لأنهما استدعيا من قبل نظام فقد شرعيته عندما قتل شعبه ودمر الوطن.

 

وإذا كان لدى التماسيح بقية من دموع فليذرفوها على الغوطة الشرقية وأطفال خان شيخون الذين ماتوا اختناقا بالكيماوي الأسدي.

 

سؤال (٥): الوضع السياسي والعسكري الثوري في تراجع وفوضى، ما يحدث في الشمال من اقتتال وبغي البعض على الآخر، ما يحدث في الغوطة، سيطرة النصرة على إدلب، كيف تواجه الجماعة وتتعامل مع هذه الأحداث وهل لها دور في معالجة الواقع؟

 

لقد تغيرت المعطيات على الأرض بشكل كبير، فالاحتلال الروسي غير المعادلة بسبب القوة النارية الهائلة التي يستخدمها مقابل الإمكانيات البسيطة لدى الثوار، وهذا ما يظهر جليّاً في الغوطة الشرقية، فما يحصل هو عملية إبادة للمدنيين بكل أنواع الأسلحة، وحصار وتجويع تحت سمع وبصر المجتمع الدولي وعجزه عن اتخاذ قرار يمنع هذه المجزرة.

 

لقد عملنا ما في وسعنا سياسيا وإنسانياً لتخفيف هذا الواقع، فكانت لنا اتصالات مكثفة مع أصحاب القرار ومن خلال مؤسسات الثورة السياسية، وتم التحرك إعلامياً وإغاثياً لمساعدة أهلنا في الغوطة، وإن لم يتحرك المجتمع الدولي فسوف يبقى صوت القنابل والصواريخ هو الصوت الوحيد المسموع.

 

أما ما يحدث في الشمال من اقتتال بين بعض الفصائل وبغي البعض على الآخر فهو مؤشر سلبي على فقدان الوعي لهذه الفصائل، والحل الوحيد هو بذوبان الجميع بجيش وطني واحد ضمن إطار المشروع الوطني للثورة وتحت ظل علمها.

 

سؤال (٦): ما هو موقف الجماعة من مشاريع التطرف والرايات السوداء؟ وأيضا موقفها من مشاريع الانفصال والتقسيم؟

 

مشاريع التطرف كان أثرها كارثياً على الثورة والقضية السورية، ووجود الرايات السود في أية منطقة من المناطق المحررة اليوم يعطي المبرر للنظام والقوات الروسية والأمريكية وغيرها بقتل المدنيين في هذه المناطق.

 

ونحن ضد أي مشاريع انفصالية أو تقسيمية للأرض السورية، وقد أعلنا عن ميثاق وطني ضد التقسيم في وقت سابق، وإن كان الواقع على الأرض اليوم يشير إلى أن الدول المشتبكة في الحالة السورية تتقاسم النفوذ في مختلف أنحاء سورية.

 

سؤال (٧): مازال القضية الكردية مثار جدل وتوتر داخل الثورة، خاصة بعد النفوذ الأمريكي في الشمال الشرقي لسورية ودعم قوات قسد، ما هو موقفكم لما يحدث في الشمال الشرقي والقضية الكردية؟

 

الكرد مكون أصيل من مكونات الشعب السوري، لهم مالنا وعليهم ما علينا، أما المساعي الانفصالية فهي مرفوضة سواء جاءت من PYD أو أي مكون آخر من مكونات الشعب السوري.

 

إننا نتمنى أن يرتفع الصوت الكردي الوطني وهو منتشر في جميع مؤسسات الثورة، وأن يستعيد زمام قضيته من الميليشيات التي اختطفته لمصالحها الضيقة الخاصة.

 

المحاولات الأمريكية للاستفراد بالشمال الشرقي من سورية لبسط نفوذها من خلال واجهات صنعتها لهدا الأمر لن يحل القضية، بل سوف يزيدها تعقيدا ولن يجلب السلام والأمن للمنطقة.

 

 

سؤال (٨): المشروع الإيراني يزداد نفوذه في سورية يوماً بعد يوم، وانتشار الميليشيات الشيعية في كثير من المناطق، كيف يمكن التعامل مع المشروع الإيراني في سورية؟ وهل الدول الكبرى جادة في تقليم أظافر هذا المشروع؟ وهل كانت هناك محاولات من الإيرانيين للتواصل معكم؟

 

الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وباقي الميليشيات الشيعية المقاتلة في سورية ترتكب خطأ تاريخيا سوف تحاسب عليه.

 

يقولون أن ثورة الحسين (رضي الله عنه) كانت ثورة ضد الظلم، وهم يساهمون في تثبيت دعائم الظلم في سورية، ويشاركون في قتل نساءها ورجالها وأطفالها.

 

لقد كانت سورية على مدى تاريخها قلعة للتصدي للعدوان “الإسرائيلي”، وستبقى كدلك بعد زوال هذا العهد الإجرامي الذي دمر البلد وأهلها وجلب الجيوش المحتلة من كل حدب وصوب.

 

لقد حاول الإيرانيون ومنذ بداية الثورة التواصل معنا عبر وسطاء مختلفين، ولكننا رفضنا هذا التواصل لأنه تحت مظلة الاحتلال لسورية، كما أنه لا يمكن الوثوق بالإيرانيين، وما فعلوه في العراق ولبنان واليمن خير شاهد.

 

ولا يمكن التفاهم مع الإيرانيين إلا في حالة خروجهم وسحب ميليشياتهم من سورية والتخلي عن دعم نظام الأسد.

 

سؤال (٩): الحرب على الإخوان في العالم تزداد ضراوة وشراسة، محاولات التصنيف، التضييق المالي، كيف ترون مستقبل الإخوان؟ وكيف سيتعامل الإخوان مع هذا الواقع؟

 

الإخوان يمثلون فكرة أنجبتها الأمة في لحظة تاريخية فاصلة، وهم شريحة مهمة من شرائح الشعب السوري تملك رؤية للمستقبل، يمكن للتضعيف والتضييق أن يعرقل مسار الأفكار، ولكن لا يمكن له أن يقضي عليها، بل هو يزيدها قوة ومضاء وخبرة ونضجا على مر الزمن.

 

نحن ماضون في طريقنا لتحقيق الحرية والعدالة والديموقراطية لشعبنا، وهو – بعد الله – من يقرر مستقبلنا ومستقبل بلدنا.

 

سؤال (١0): كلمة إلى السوريين في هذه الذكرى ..؟

 

أنا أقول للسوريين إن مسار الثورات محفوف بالمخاطر والدماء والدموع، ولم تنتصر الثورات الكبرى في العالم إلا بعد سنين طويلة، فلا تيأسوا من روح الله مهما ادلهمت الخطوب، أنتم أصحاب حق، وأنتم الأقوى مهما انتفش الباطل وقتل وبطش.

 

الحرب سجال، والله يداول الأيام بين الناس..

 

اثبتوا على حقكم، ولا تعطوا المجرمين الشرعية في حكمكم..

 

الغاصب سيبقى غاصبا والمحتل سيبقى محتلا والمجرم سيبقى مجرما.. مالم تخضعوا له وتعطوه شرعية لا يستحقها.

 

ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين ..

إخوان سورية