الإخوان المسلمون في سورية

في الشهادة والشهداء

(﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ۚ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾)
ويتخذ منكم شهداء:
يصطفيهم من الصادقين من خياركم…
والشهادة: اصطفاء.
ننعاهم ونحسبهم ولا نتألى على مولانا في أحد منهم وفيهم. بل تكفيهم كرامة من اصطفاهم.
منذ نصف قرن نودعهم في كل الساحات أسرابا.. أسرابا.. عشنا أعمارنا نشيّعهم وننعاهم ونرثيهم وننكبّ تقبيلاً على رؤوسهم وأياديهم..
سيحسن منّا، من يكتب تحت عنوان “سمط العوالي في أهل الشام من الغوالي”
ومن يغني: يا راحلين عن الحياة وساكنين بأضلعي…
وأقول لقلبي أو يقول لي: أيّ نكتة سوداء تمنعك من اللحاق.. أي ثقل أو أي ثفل ما يزال يعوق من يزعم أنه يدعو في الصباح والمساء: “وأمتها على الشهادة في سبيلك”
في مرات كثيرة، كان بعضنا إذا أوغل في الأستذة تمادى.. فقال…
وها هي الصفحة اليوم قد ختمت. وأسأل الله أن يكون الختم ختم رضا وقبول واصطفاء…
سلام على شهداء أمتنا في السابقين السابقين، سلام عليهم في المقربين..
والشهادة في كل قرون الإسلام، شهادة رضا وقبول وعزة.. والشهادة في عصر الذلة والغثائية والخنوثة والميوعة والتردي؛ لها ألف معنى، مع حقيقة أنها قتل في سبيل الله.
وكان من أول ما ذكروا من بنود عهد البيعة: حماية البيضة، والذود عن الحوزة، وابتلينا بأقوام أفضل ما رأيناهم حين “يبيضون”
وهذا شهيد ودعناه بالأمس قد عرفنا اسمه، وعاينّا بلاءه، فكبرنا مع كلّ تكبيره، واهتزت قلوبنا مع كل سهم أصاب، شهد على الذين تواروا على مدى ثمانية عقود أن اللقاء ممكن، وأن الانتصار ما زال شيمة…
وتحت التراب..
تحت الردم والقصف وفي أعماق الزنازين، وفي أطراف المدن والبلدات من القامشلي حتى رفح.. مئات الآلاف نالوا الجائزة بصمت، وُسم على جباهم شهيد، فكان اللونُ لونَ دم، والريحُ ريحَ مسك، وكان المأوى ليس في زنازين تدمر، ولا تحت الأنقاض، في أحياء حماة ثم حمص وحلب ودير الزور وغزة وجباليا ورفح وخان يونس فقط.. بل في حواصل طير خضر، أحياء عند ربهم يرزقون…
اللهم تقبل شهداء أمة نبيك، لم يريدوا علواً في الأرض ولا فساد، أرادوا حقاً ودافعوا عن حق، وانتصروا لحقّ وسلام وصلاح…
اللهم واخلفهم في أمة نبيك، بجيل من أهل العزة، لا يعطون الدنيّة، ولا يرضون الأذية..
وتقبل الله شهداء أمتنا في الأولين وتقبلهم اللهم في الآخرين، كما تقبلت من سبقهم في يوم بدر وأحد وحنين واليرموك والقادسية في الأولين..
يا عاقد اللواء… بالحق اعقده، يا رافع اللواء أحكي لك أو تحكي لي قصة الطيار جعفر..
وأخذ الراية بيمنه فأصيبت يمينه، وأخذ الراية بشماله فأصيبت شماله، فاحتضن الراية، راية رسول الله، بعضديه، لا تسقط على الأرض، وكل الرايات يدافع أصحابها عن حق بالحق هي رايات رسول الله..
وتحت راية رسول الله لا يقتل الطفل ولا المرأة ولا الشيخ الكبير، ولا الراهب في صومعته…
ويظنون أن لقب “الطيار ذو الجناحين” كان لقباً فخرياً لمجرد التشريف..!! كان ثمنه دماً نجيعاً زكيا، كما يدفع شهداء أمتنا اليوم.
اللهم واخلف أمة نبيك، على كل ثغور المسلمين، ممن فُقد من شهدائهم خيرا…
وسلام على الشهداء في الأولين، والسلام عليهم في الآخرين، والسلام عليهم إلى يوم الدين..
اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم وألحقنا بهم غير خزايا ولا نادمين
وحسبنا الله ونعم الوكيل
 

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي، قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين في سورية