الإخوان المسلمون في سورية

المشروع الإيرانيّ الصفويّ الفارسيّ.. مقدّماته، وأخطاره، ووسائل التصدّي له (4)

الحلقة الرابعة: الفُرس والفارسية

تنويه وتذكير
(هذا الكتاب كتبته ونشرته في عام 2004م، وأعدت نشره في عام 2010م، بعد إدخال بعض التعديلات والإضافات عليه، وأعيد نشره الآن في عام 2022م، لأذكِّر المزاودين على الحركة الإسلامية السورية والمفترين والعملاء، أفراداً ودولاً ووسائل إعلامٍ وقنواتٍ فضائيةٍ مشبوهة.. أننا أول مَن حَذّر المسلمين والعالَم من خطر المشروع الإيرانيّ الفارسيّ الصفويّ الإجراميّ، على سورية والأمّتين العربية والإسلامية، وأول مَن قاوَمَه وفضح أصحابه وأساطينه، وما نزال، فيما كان المزاودون والمفترون علينا اليوم، ينعمون بالدفء في أحضان أصحاب هذا المشروع، أو كانوا عملاءهم وأحبّاءهم، أو ممالئيهم ومناصريهم، أو شياطينهم الخُرس المغفّلين).
* * *
الفصل الأول
ثالثاً: الفُرس والفارسية
لماذا نطلق اسم الفُرس على الإيرانيين؟!.. ولماذا نسمي مشروعَهم المشبوه بالمشروع (الفارسيّ)؟!..
لأسبابٍ كثيرة، أهمها:
1- القومية الرسمية الرئيسة المعتَمَدَة للإيرانيين هي القومية الفارسية، وإيران كانت تُسمى: (بلاد فارس)، إلى أن بدأ عهد الأسرة البهلوية، فسُمِّيَت في عهد الشاه (رضا بهلوي) بالاسم الحالي: (إيران)، وعُمِّمَ اسمها الجديد دبلوماسياً ودولياً، واعتُمِد رسمياً.. وذلك في عام 1925م.
2- إصرار إيران على تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي، وقد رفض زعيمها (الخميني) ثم قادتها تسميته بالخليج الإسلامي، الذي اقترحه عليهم، حلاً وسطاً، بعضُ قادة الحركات الإسلامية المخدوعة بالثورة الخمينية الشيعية الفارسية.
3- اللغة الرسمية في البلاد هي: الفارسية، وذلك بموجب المادة رقم (15) من الدستور الإيرانيّ الحاليّ، التي تنصّ حرفياً في شقِّها الأول على أنّ: (اللغة والكتابة الرسمية والمشتركة لشعب إيران هي الفارسية، فيجب أن تكونَ الوثائق والمراسلات والنصوص الرسمية والكتب الدراسية والكتابة.. بهذه اللغة)!.. ثم يتبعه الشقّ الثاني من نفس المادّة، الذي بقي مُعطّلاً لم يُعمَل به منذ اعتماد الدستور رسمياً، وذلك بأمر (الوليّ الفقيه): (ولكن يجوز استعمال اللغات المحلية والقومية الأخرى في مجال الصحافة ووسائل الإعلام العامة، وتدريس آدابها في المدارس إلى جانب اللغة الفارسية)!.. أي أنّ الشق الثاني من هذه المادة أدرِجَ لذرّ الرماد في العيون وحسب.
4- نظام الحكم الإيرانيّ يتّبع سياسة تمييزٍ عنصريةٍ ضد كل الإيرانيين من غير الفرس (كالأذريين والبلوش والعرب والأكراد).. وقد وصف الرئيسُ (هاشمي رفسنجاني) العربَ الإيرانيين في عام 1985م بأنهم (غجر متخلّفون)، وكذلك وصفهم مرشدُ الثورة (علي خامنئي) في عام 1997م بأنهم (متخلّفون وجاهليون)!.. (من أين يأتي الخطر على إيران، صباح الموسوي).
5- تأكيداً للقومية الفارسية، وأنّ العمل لها وفي سبيلها (عنصرياً) كان حاضراً دوماً في عقول زعمائها وفقهاء الشيعة الإمامية عبر التاريخ.. يقول الطوسي في ص284 من كتابه (الغيبة): (اتّقِ العرب، فإنّ لهم خبرَ سوء، لم يخرج مع القائم منهم واحد)!.. (القائم: هو الإمام المهدي المنتَظَر عند الشيعة).. كما ورد في الجزء 52 ص231 من موسوعة (بحار الأنوار) للمجلسي ما يلي: (وليس بيننا وبين العرب إلا الذبح)!.. فهذان الفقيهان من أكابر فقهاء الشيعة الإمامية، ينظران إلى العرب وغيرهم نظرةً عنصريةً شاذّة، بكل ما تحمل من حقدٍ تاريخيٍ عميق الجذور.
6- عرب الأحواز محرَّم عليهم أن يُسمّوا أبناءهم بأسماء عربية، أو أن يتقلّدوا أي منصبٍ حكوميّ، أو أن يتحدّثوا باللغة العربية، مع أنّ غالبيّتهم من الشيعة، فالتعصّب تعصّب قوميّ فارسيّ إذن!.. (هل الثورة الإيرانية إسلامية أم مذهبية قومية؟.. محمد أسعد بيّوض التميمي، موقع المقريزي).
7- أصدر الرئيس الإيرانيّ (أحمدي نجاد) قراراً في شهر آب عام 2006م، يقضي بـ (تفريس) كل جوانب الحياة الإيرانية، العلمية والثقافية والأدبية.. وغيرها. (من أين يأتي الخطر على إيران، صباح الموسوي).
8- ورد في الوصية السياسية الشهيرة للوليّ الفقيه مرشد الثورة الإيرانية: (الخميني)، في الصفحة23 ما يأتي: (وأنا أزعم بجرأة، أنّ الشعبَ الإيرانيَّ بجماهيره المليونية في العصر الراهن أفضلُ من أهل الحجاز في عصر رسول الله)!.. هكذا، يعتبر الخميني أنّ الفُرس اليوم هم أعظم درجةً حتى من جيل الصحابة رضوان الله عليهم!..
9- انتشار اللغة الفارسية في جنوبيّ العراق الشيعيّ، بما في ذلك الأوراق الرسمية التي تقدَّم للمسافرين القادمين من الكويت، وذلك عند بوابات العبور إلى العراق (د. عبد الله النفيسي لقناة الجزيرة)!.. كما أنّ اللغة الفارسية بدأت تنتشر في إدارات الدولة ومعاملاتها الرسمية في محافظات جنوبيّ العراق الشيعية، وحول هذا يقول طبيب عراقي يعمل في البصرة: (صار علينا أن نتعلّمَ اللغة الفارسية، حتى نتمكّنَ من التفاهم مع الناس هنا).. (جريدة الشرق الأوسط، النفوذ الإيراني: المستور والمكشوف، 18/5/2007م).. وقد رصدت جريدة الشرق الأوسط -أيضاً- في الجنوب العراقيّ جيل الشباب هناك، (الذي يتعلّم اللغة الفارسية لغةً بديلةً عن الإنكليزية، وينخرط في الثقافة الفارسية إلى درجة اعتياد الاستماع إلى الأغاني الفارسية).. وهي دلالة أكيدة على عمق تغلغل الاحتلال الإيرانيّ القوميّ الفارسيّ للعراق!.. إذ لماذا تُستبدل اللغة الفارسية تحديداً باللغة العربية وهي لغة القرآن الكريم، وذلك في بلدٍ عربيٍ مسلم؟!..
10- بعض أهالي بلدة (المدائن) العراقية يقولون: (إنّ الهجمات التي استهدفتهم من قبل الميليشيات الطائفية المسلّحة العميلة لإيران، كان هدفها إخلاء المنطقة من سكّانها أهل السنة، ليُتاحَ للإيرانيين الاستيلاء على المدائن وإعادة ترميم (إيوان كسرى)، باعتباره صرحاً فارسياً يذكّرهم بأمجادهم التاريخية)!.. (جريدة الشرق الأوسط، النفوذ الإيراني: المستور والمكشوف، 18/5/2007م).
11- من المسؤولين الشيعة الفُرس في حكومة الاحتلال العراقية، الذين يُنكِّلون بأهل السنة، ويرتكبون الفظائع بحقّهم، وينتحلون أسماء عربية: (كريم شهبور=موفق الربيعي: مستشار الأمن القومي، وعبد العزيز طبطبائي=عبد العزيز الحكيم: رئيس ما يسمى بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وإبراهيم الأشيقر=إبراهيم الجعفري: رئيس الوزراء الأسبق، وطارق مطر=صادق الموسوي: مستشار رئيس الحكومة العراقية، وعلي زندي=علي الأديب: قيادي بارز في حزب الدعوة الحاكم، وعادل أصفهاني=حامد البياتي: المندوب الدائم لحكومة الاحتلال في الأمم المتحدة، وباقر صولاغ غلام خسروي=بيان جبر: وزير الداخلية السفّاح الأسبق).. (المصدر: الملف نت، والجزيرة نت، 12/1/2007م). فضلاً عن المرجع الشيعيّ الفارسيّ الإيرانيّ (علي السيستاني)، الذي لا يتكلم اللغة العربية ولا يُجيدها، ومع ذلك له الكلمة الأولى في العراق، وهو (مُحرِّك) التواطؤ مع المحتلّ الأميركي، وصمّام الأمان بالنسبة له.. وغيرهم الكثيرون.. وكل هؤلاء من أصولٍ فارسية، استولوا على السلطة في العراق، وسيطروا على مفاصل الدولة العراقية بحماية الحراب الأميركية.. فلماذا هؤلاء الفُرس بالتحديد يسيطرون على مقاليد الأمور في العراق؟!..
12- المادّة رقم (15) في الدستور الإيرانيّ، تنصّ في شقّها الثاني، كما ذكرنا في الفقرة رقم (3) آنفاً.. على حق الأقليات القومية بإيران في التمتع أو التعلم أو إصدار وسائل إعلامٍ بلغتها.. والمادّة رقم (19) تنصّ على أنه (يتمتع أفراد الشعب الإيرانيّ، من أي قوميةٍ أو قبيلةٍ كانوا، بالمساواة في الحقوق، ولا يُعتَبَر اللون أو العنصر أو اللغة أو ما شابه، سبباً للتفاضل).. كما تنصّ المادة رقم (20) على أنّ (حماية القانون تشمل جميعَ أفراد الشعب، نساءً ورجالاً، بصورةٍ متساوية، وهم يتمتّعون بجميع الحقوق الإنسانية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ضمن الموازين الإسلامية)!.. (الدستور الإيراني).. إلا أنّ هذه الموادّ الدستورية وغيرها، قد عُطِّلَت بأوامر رسميةٍ صادرةٍ عن (الوليّ الفقيه) الصفويّ الفارسيّ، وذلك منذ قيام الجمهورية الإيرانية الخمينية الحالية، ومنذ تدوين الدستور الإيرانيّ الشيعيّ الجديد. (راجع: من أين يأتي الخطر على إيران، صباح الموسوي.. وموقع البيّنة: الدستور الإيراني والوحدة الإسلامية).
* * *
إنّ المشروع الإيرانيّ الذي يتغلغل أصحابه في بلاد العرب والمسلمين، هو، في أصله، مشروع قوميّ فارسيّ، ودينيّ شيعيّ صفويّ، يعمل لهدم الإسلام، ولفرض الدين الشيعيّ الصفويّ، بضلالاته وتناقضه مع الإسلام الحنيف، ويتمدّد بمختلف طرائق التضليل.. تضليل الدول والشعوب العربية والإسلامية، وهو لا يهدف إلا إلى أمرٍ واحدٍ فحسب: إخراج أهل السنّة من دينهم، ونشر خزعبلات الشيعة الإمامية الصفوية الفارسية، للسيطرة التامة على أمة الإسلام وأوطانها وشعوبها ومقدّراتها، بهدف إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية، الآفلة على أيدي العرب والمسلمين منذ مرحلة صدر الإسلام!..
بقي أن ننوِّه، أنّ إطلاقنا كلمة (الفارسية) على الفُرس، ليست شتيمةً ولا انتقاصاً عنصرياً، فهم يعتزّون بقوميتهم الفارسية، بل يتعصّبون لها ويسيرون على هَدْيها كما وجدنا آنفاً.. وعندما نُشير إلى أصحاب المشروع الإيرانيّ العدوانيّ في أوطاننا، فإننا نصفهم بأنهم (شيعة فُرس)، أو (صفويون فُرس)، ونَصِف مشروعَهم بأنه (مشروع صفويّ فارسيّ).. وفي كل هذه المصطلحات، إنما نقصد بها أصحابَ المشروع العدوانيّ الصفويّ الفارسيّ، الذين يهاجموننا ويعتدون علينا وينتهكون بلادنا ومجتمعاتنا وعقيدتنا وديننا ومقدّساتنا، بعقائدهم الشاذّة التي تُخرِج معتنقيها عن الإسلام، وبممارساتهم التبشيرية والإجرامية العنيفة المتطابقة مع ممارسات الصفويين الأوائل، وبعنصريّتهم القومية التي يتعصّبون لها، ويحاولون -بِها- إلغاء الآخرين وانتماءاتهم، لاسيما العرب، مادّة الإسلام وأهله.
* * *

د. محمد بسام يوسف