الإخوان المسلمون في سورية

كرة اللهب التي قذفنا بها إبليس العصر… فبتنا نتقاذفها نحن المسكونين بالتاريخ!!

كما هو شأن إبليس في كل أمره، ومنذ أن حرّض أوباش الأمة، على سيدنا عثمان ذي النورين رضي الله عنه؛ فاستخرجهم من ديارهم، من مصر، والعراق، ثم مازال يعدهم ويمنيهم، حتى استباحوا حرم رسول الله، وحاصروا أمير المؤمنين، وقتلوه، ونهبوا داره، وأرزاقه…
هل سمعتم أو هل سمعنا، أنّ الصالحين من سكان المدينة، مكثوا سنين، لا يشترون حاجاتهم من أسواقهم، لما انتشر في هذه الأسواق من مال حرام، منهوب من بيت الخليفة المقتول ظلما، والذي نهب الطغام داره وأمواله، وباعوها في تلك الأسواق..
رمى إبليس هذا العصر، أهل الإيمان والإسلام أنهم يصطفون تحت راية يزيد بن معاوية، رضي الله عن سيدنا معاوية وأبيه، وزعم الخاذل لنفسه وهو الخاذل بن الخاذل من نسل الخاذلين، حتى نصل ليوم كربلاء، أنه وارث راية الحسين، رضي الله عن سيدنا الحسين وأمه وأبيه…
وأذكر يوم قال لهم سيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنه وعن أبيه: قتلتم ابن بنت رسول الله، صلى الله وسلم على رسول الله، وتسألون عن دم البراغيث!!
ألقى علينا إبليس العصر تهمة أننا تحت راية يزيد!! فتلقفنا التهمة، نتدارؤها، ويرد بعضنا على بعض فيها، فمن مطوّل ومن مشمر، ومن مبالغ ومن متبرئ، فكثير من الغثاء من فقاقيع هذا الزمن قد ساحوا فانداحوا في حميا قول أبي نواس رحم الله أبا نواس، يصف هياج الفقاقيع على سطح كأس الخمر: كأن صغرى وكبرى من فقاقعها…
وإننا والله ليشرفنا، ويرفع رؤوسنا عاليا، أن معركتنا ما تزال ماضية مع قتلة سيدنا عثمان، ثم مع قتلة سيدنا الحسين، القوم الغُدر النُّكث الفـُجر؛ الذين قال لهم سيدنا علي رضي الله عنه: “قال: (يا أشباه الرجال ولا رجال، حُلوم الأطفال، وعقول رَبَّات الحِجال، لوددتُ أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة والله جرَّتْ نَدَماً ، وأعقبت سدما”
قتلة الحسين رضي الله عن الحسين هم الذين أعجزوا أباه، ثم يأسوا أخاه، حتى كان ما كان…
قتلة الحسين رضي الله عن سيدنا الحسين، هم الذين بايعوه، واستدرجوه، واستخرجوه من مأمنه؛ ثم أسلموه لطغامهم من أهل الكوفة من أمثل شمر وشمامير وطبقتهم…
نعم حربنا مع هؤلاء الفجار باقية، وإنها لحرب ترفع رؤوسنا، وتشرفنا، وتعز ديننا، بل وتذهب عنا الرجز والرجس الذي أذهبه الله سبحانه وتعالى عن أهل بيت نبينا، وأراد أهل الرجس أن يدخلوه علينا… طهرهم ربنا تطهيراً فطهرونا بطهرهم، ومال عليهم هؤلاء الطغام من السبئية يقولون لسيدنا علي رضي الله عنه “أنت أنت” يزعمون أنه الله الذي يعبد في الأرض وفي السماء.. حتى أحفظوه فحرقهم بالنار، وليته اجتث شأفتهم إلى يوم الدين، فلم يبق من قتلة سيدنا عثمان بين ظهراني المسلمين أحد.. من ضئضئ أولئك الأوباش خرج الرفض وخرج الخوارج من أهل الهرج والمرج والاستباحة والقتل..
وبمعاول أولئك الضالين هدمت الخلافة الراشدة التي يبكيها بعضنا، لا بيد معاوية، ولا بيد يزيد..
الخلافة الراشدة تحكم الراشدين؛ حتى يكون للمسلمين إمام مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ليس على باب أحدهم حارس ولا حاجب ولا بواب..
يقتحمون البيت على أمير المؤمنين وهو يرتل: ((فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ …))
ويتباكون على الخلافة الراشدة وكأن سيدنا معاوية هو الذي ضيعها، وليس الذين تسوروا على سيدنا عثمان الدار، وليس الذين طعنوا سيدنا عليا طريقَه إلى الصلاة…!!
وما زالت أتابع في أوساطنا وليس من أوساطنا تذبذبات أرادنا إبليس العصر أن نلغوا بها..
ولا يخفى على أحد من عقلاء الأمة الصالحين مكان يزيد ولا مكانة يزيد ابن معاوية وميسون العربية الأصيلة صاحبة:
ولبــــس عباءة وتقرَّ عيني
أحب إلي من لبس للشفوف
ولكن الذي يجب أن لا نختلف عليه، أن النعل التي يخلعها يزيد بن معاوية أطهر سبعين مرة من أولئك الكلاب الذين عاهدوا سيدنا الحسين رضي الله عنه، ونحن أولياؤه؛ ثم غدروا به فأسلموه لقاتليه..
ألا لعنة الله وملائكته والناس أجمعين على قوم عاهدوا ابن بنت رسول الله ثم خذلوه..
ألا لعنة الله على قوم أسلموا سيدنا الحسين رضي الله عنه إلى القتل؛ ثم جعلوا من يوم مقتله مناحة ينوحون عليه وهم الكاذبون..
قال سيدنا الحسين لمحاصريه من أهل الكوفة، ولم يكن بينهم من أهل الشام أحد: أو أرجع إلى ابن عمي يزيد في الشام حتى أضع يدي بيده!!
وما كان الحسين، رضي الله عن سيدنا الحسين، ليضع يده بيد فاسق أو فاجر أبدا.. فأبوا عليه..
لم يخف على سيدنا الحسين من أمر يزيد شيء وهو يدعوه ابن عمه، ويعرب عن رغبته في أن يضع يده بيده؛ ولكن كيف خفي عليه أمر هؤلاء الغُدر النّـكث الفجار؟؟ تلك هي حبكة التاريخ..
ولله في مراده فينا أقدار
وحسبنا الله ونعم الوكيل.

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي، قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين في سورية