إنّ خلاف الإسلاميين مع النظام السوري الحاكم، كان في الأصل جزءاً من الخلاف بين الفكر العلماني والفكر الإسلامي، إلى أن استأثر حزب البعث بالسلطة عام 1963م، واتبع أساليب القمع والإرهاب ضد خصومه السياسيين، وقام بخطواتٍ استئصاليةٍ ضد الحركات الإسلامية عامةً في سورية، وذلك تنفيذاً لمقرراتٍ حزبيةٍ بعثيةٍ اتخذت منذ عام 1965م وما بعده، إذ صُنّفت بموجبها الحركات الإسلامية ضمن القوى الرجعية المضادة للثورة، فبدأت حملات التصفية، وفُتحت المعتقلات لأبناء الحركات الإسلامية والإسلاميين، وقد كانت حالة الطوارئ والأحكام العرفية المفروضة على البلاد منذ عام 1963م، وأساليب القمع ومحاولات استئصال الآخر التي اتبعها النظام.. كانت الخطأ الأكبر والسبب الأول والأهم، الذي أسّس للصراع بين الطرفين، كما أنّ الحرب المعلنة على الحركات الإسلامية وعلى الإسلاميين وتهديدات النظام لهم بالتصفية، والشروع في تنفيذ تهديداته بحقهم، واتهامهم اتهاماتٍ باطلة، وتحميلهم مسؤولية أحداثٍ واعتداءاتٍ لا علاقة لهم بها، واستمرار الاعتقالات والتصفيات في السجون، والإعدامات الظالمة من غير محاكمات، وفرض القانون رقم (49) لعام 1980م، الذي يحكم بالإعدام على كل مَن ينتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين (مجرد الانتماء)، واستمرار الملاحقات داخل الوطن وخارجه، وتنفيذ المجازر الجماعية العديدة التي باتت معروفةً للجميع، كمجزرة سجن تدمر، ومجازر حماة، وحلب، وجسر الشغور، و.. كل ذلك قاد إلى حالة الاحتقان القصوى، ثم إلى تفجّر الصراع بين الطرفين!..
المصدر: كتاب “القضية السورية.. حقيقة الصراع بين السلطة الحاكمة والشعب السوري (رؤية جماعة الإخوان المسلمين في سورية)” | الفصل الثاني: الصراع مع حزب البعث الحاكم | أولاً : نُذُر الصراع وأسبابه