الإخوان المسلمون في سورية

لماذا يا إيران؟

ما زلنا نتلقى أخبار ضربات متبادلة بين “إسرائيل” من ناحية، وإيران وتوابعها، من ناحية أخرى. ونرصد ردود الشارع المسلم (السني) على تلك الأخبار، فنسمع أمثال هذه التعليقات:
– لا تصدّقوا. إنها مجرد تمثيليات.
– ما شأنُنا. “فخّار يكسّر بعضه”، و”الله يسلّط الكلب على الخنزير”.
– إيران ألعن من “إسرائيل”.
– لا ينبغي أن نفرح لعدوان “إسرائيل”، ولكن إيران لم تترك لها صديقاً بين المسلمين بعد أن ارتكبت سلسلة من المجازر بحق المسلمين في سورية واليمن وغيرهما.
* * *
فلماذا يا إيران قد وصلتِ إلى هذه المكانة الهابطة في نفوس المسلمين؟.
وإذا أردنا أن نبدأ من الجذور فإن العقيدة التي تتبنّاها إيران هي مزيج من الإسلام الذي أنزله الله تعالى ورضيه للبشرية هدى وضياء، ومن أباطيل وخرافات وضلالات تضفي صفات الألوهية على بعض آل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، وتزعم أنهم يعلمون الغيب ويتصرّفون بشؤون الكون… بمقابل اتهامات باطلة تقشعر لها الأبدان، ويرفضها العقل السليم، وتتنافى مع القرآن الكريم، وذلك في حق معظم أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم وأزواجه الطاهرات… وترويج الكراهية لهم، وهم الذين أثنى عليهم الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم.
وتفرّع عن ذلك بثّ الكراهية والعداء، بل التكفير واستحلال الدماء لجملة المسلمين الذين يسمّونهم “النواصب”.
وزيادة على ذلك تأتي عقيدة “التقية” التي تقتضي أن لأصحابها ظاهراً يختلف عن باطنهم، وأن أقوالهم وأفعالهم الظاهرة، لها باطن آخر!.
ولا بدّ هنا أن ننوّه بالسداد لبعض علماء الشيعة الذين يكشفون هذه الأباطيل، ويتبرّؤون من هذه الضلالات، ويدْعون إلى التمسّك بكتاب الله تعالى وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، ومن ذلك حبّ خديجة وفاطمة والحسن والحسين ونسلهما، من غير غلوّ وإفراط. وإن شأن المسلمين تجاه آل البيت الأطهار كشأنهم تجاه عيسى بن مريم، عليه الصلاة والسلام، نحبّه ونقدّسه، ولكن لا نخرجه عن مقام العبودية لله.
فإذا عُدنا إلى كتاب الله وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، ونبذنا الأضاليل التي تسربت إلى عقائد الشيعة عبر العصور، أصبحنا إخوة متحابين، نغار على طهران، كما نغار على دمشق والقاهرة وكشمير وكوالالمبور.
وإنها لأمانة في أعناق أولي الأمر، من رجال الدين والسياسة في إيران، أن يتّقوا الله، وينظروا إلى مصلحة شعبهم، هذه المصلحة التي لا تتحقق إلا بالاندماج في البحر الإسلامي الكبير، وأن يشذّبوا ما لحق بعقائدهم وتشريعاتهم من ضلالات.
((والله يقولُ الحقَّ وهو يهدي السبيل)). {سورة الأحزاب: 4}.
* * *
كتبتُ ما سبق، يوم الثلاثاء 24/1/1446هـ الموافق لـ 30/7/2024م. وبعد ساعات حدث قصف الضاحية الجنوبية، الهجوم الذي قامت به “إسرائيل” ضد “حزب الله”، ثم صباح اليوم التالي وقعت الكارثة الكبيرة باغتيال القائد إسماعيل هنية، رحمه الله، فكان الحدَثان مكملين للأحداث التي أشرت إليها في مقدّمة المقال، وتوالت التعليقات والتحليلات: هل هذا تواطؤ بين “إسرائيل” وإيران؟ هل هو مقايضة: كفُّوا عن قصف الضاحية ونحن نسلّمكم القائد هنية؟ هل كانت إيران مقصّرة فحسب، في حماية القائد، أم كانت متآمرة؟ أم أنها بريئة من دمه براءة الذئب من دم يوسف؟.
لم يكن لهذه التحليلات من مكان لولا أن ثقة المسلمين بإيران معدومة، وأن كل التوقعات الخسيسة منتظَرة منها!.
فهلّا أعاد زعماء إيران النظرَ في عقيدتهم وفي سياستهم؟!.

محمد عادل فارس