الإخوان المسلمون في سورية

من ذاكرة الثورة السورية: مُغَالَطَات ومُفَارَقَات (2 من4)

القلق على مستقبل الأقليات و(الطائفة)

 
يتذاكى بعض السفسطائيّين، دولاً وحكوماتٍ وشبّيحةَ إعلامٍ وفكرٍ وثقافة، فيربطون بين سقوط النظام الأسديّ.. ومصير الأقليات في سورية. ويقوم هؤلاء بعقد المؤتمرات والندوات ومجالس (توليد الأفكار)، ويسهرون لياليهم حتى الصباح، ويُعبِّرون عن قلقهم وأرقهم طوال ساعات النهار -بما في ذلك فترات (القيلولة) و(الفيلولة) و(الغيلولة)- بالتشبيح السياسيّ والإعلاميّ، مفترضين أنّ الأقليات في سورية ستفقد -في سورية المستقبل- النعيمَ الـمُقيمَ! الذي تعيشه حالياً في ظلّ التسلّط الأسديّ الإجراميّ!..

 

ولا ينسى السفسطائيّون هؤلاء، المنفصلون تماماً عن الواقع وما يجري فيه، أن يُضاعِفوا قلقهم أضعافاً خاصة، على (الطائفة) ومصيرها بعد إسقاط النظام!..

 

لكنهم يَنسون أنّ الأكثرية الكاثرة التي تتجاوز نسبتها 82% من الشعب السوريّ، عانت منذ نصف قرن، وما تزال تعاني، من كل أشكال الانتهاكات لحقوقها الإنسانية والمدنية، وبشكلٍ مُبتَكَرٍ لم يستطع عتاة التاريخ والجغرافية والإجرام العالميّ، الوصولَ إلى درجته من الفظاعة.. على مَرّ التاريخ!.. ويَنسون كذلك، أنّ انتصار الثورة الشعبية السورية، لوضع حدٍّ لتجاوزات النظام الأسديّ الإجراميّ بحق الشعب السوريّ، هو الذي ينبغي (عَصف الأذهان) له هذه الأيام!..
 
السفسطائيون يواجهون الشعب السوريّ بوقاحتهم وقلقهم على (الطائفة) التي لا تُشكِّل نسبتها أكثر من 7% من الشعب السوريّ في أعلى التقديرات، وبقلقهم على بقية الأقليات التي لا تتجاوز نسبتها مجتمعةً 11% من الشعب السوريّ.. هذا القلق المؤسَّس على مستقبلٍ افتراضيٍّ من بنات أفكار هؤلاء، بينما الواقع الذي تعيشه سورية حالياً منذ نصف قرن، التي يُذبَح فيها أبناء الأكثرية الساحقة في كل أنحاء البلاد على مدار الساعة، من قِبَلِ شبّيحة بشارٍ المجرم.. هذا الواقع القائم بالصوت والصورة، الذي يهزّ أبلد المشاعر من تلك التي أوْدَعَها الله عزّ وجلّ في خَلْقه.. لا يُقلِقُ أبناء السفسطة والخداع والاحتيال.. والغباء!..

 

مَن غير الشعب السوريّ الحضاريّ، بأكثريّته الكاثرة، حمى هذه الأقليات منذ مئات السنين؟.. ولو لم يكونوا مَحميّين من قِبَل الأكثرية الكاثرة التي احتضنتهم على مَرّ التاريخ.. فهل كنا سنشاهد أقليّاتٍ في سورية التاريخ العريق والحضارة، حتى هذا اليوم؟..

 

أجيبوا أيها السفسطائيون، العاطلون عن العمل، وعن الفِكر السويّ والرؤية السليمة.

 

* * *

 

يَطعنون عِرضَه، ويَلعَنون صحابته، ثم ينتفضون على فيلم مُسيء!..

 
قامت عصابات بشّار، وتقوم، على المكشوف، بشتم الله سبحانه وتعالى، وإجبار المعتقلين الأبرياء على السجود لصورة بشار، وعلى الهتاف بالكفر الصريح: لا إله إلا بشار!.. وبتدمير المساجد والمآذن، وبتمزيق المصاحف وتحريقها، وبانتهاك كل محرَّمٍ بشرع الله، بل حتى بشرائع الدول الحضارية الإنسانية.. كل ذلك أصبح برنامجاً يومياً لفجّار بشارٍ وزبانيته!..

 

وَلِيُّ الصفويين في قُمّ: (علي خامنئي)، وقادة عسكره وأجهزته الصفوية وحَرَسه الثوريّ، بمن فيهم الرئيس السابق للجمهورية (الإسلامية!): (أحمدي نجاد).. يعتبر أنّ حرب بشارٍ وزبانيته هي حرب إيران!.. ويضع هؤلاء كلَّ مقدّرات إيران تحت تصرّف بشارٍ وشبّيحته وعصاباته الإجرامية، حمايةً له ولنظامه المجرم من السقوط، بضربات المجاهدين الثائرين على الظلم والقهر، الذين يعبدون الله وحده لا شريك له!..

 

(حسن نصر خامنئي) في لبنان، يفعل كل ما من شأنه حماية بشارٍ وزبانيته وعصاباته، ويُسوِّق لذلك بكل طاقته، مستخدماً إمكانات حزبه الصفويّ كلها لهذا الهدف!.. ويُطلِق على شبّيحة بشارٍ وطائفته لقب: رفاق السلاح!.. ويمنح مَن يُقتَل منهم وهو يُدمِّر مسجداً أو بيتاً آمناً، أو يحرق مصحفاً، أو وهو يصيح بعبارة: لا إله إلا بشار.. يمنحه رتبة: شهيد!..

 

البائع العتيق للسُبّحات عند باب مقام السيدة زينب بدمشق، (جواد أو نوري المالكي)، أحد زعماء حزب (الدعوة) الصفويّ (الإسلاميّ!)، يمدّ بشاراً: إله الشبّيحة.. بكل ما يخطر أو لا يخطر على قلب بشر، لحمايته من السقوط، ويُطلق مقولته المشهورة عن نظام ربِّ الشبّيحة قائلاً: لم يسقط، ولن يسقط، ولماذا يسقط؟!..

 

عندما أُعلِنَ عن انتشار الفِلم الـمُسيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم.. كان بعضُ شبّيحة بشارٍ وعبيده الذين يعبدونه من دون الله عزّ وجل، ويسجدون له.. كانوا يتظاهرون أمام السفارة الأميركية بدمشق.. احتجاجاً على الفِلْم الـمُسيء لرسول الله صلى اللله عليه وسلّم، ولأمّته المسلمة!..

 

وكان خامنئي، وحسن، ونجاد، والمالكي وأزلامه وأشباهه، وبعض أزلام كل هؤلاء في بعض الدول القريبة والبعيدة.. كانوا جميعاً يُطلقون الخطابات الرنّانة، والخُطَب الـمُدوِّية، ويرفعون عقيرتهم بالغضب الذي لا يُبقي ولا يَذَر -صوتياً-، استنكاراً للفِلم الـمُسيء لرسول الله صلى الله عليه وسلّم!.. وهو الرسول نفسه (صلوات الله وسلامه عليه) الذي يَطعنون عِرضه، ويَشتمون أحبّ أزواجه إليه رضوان الله عليها، ويَلعنون صحابته الكرام، رضي الله عنهم أجمعين، ويحرقون الكتاب الذي بلّغه للناس، ويُدمِّرون مساجد المسلمين، ويُناصِرون أعداءه المجرمين، الذين رفعوا ربّهم بشاراً إلى منزلة الله عزّ وجلّ، فألّهوه، بل أجبروا -ويـُجبِرون- المؤمنين، على تأليهه من دون الله، سبحانه وتعالى عما يُشرِكون!..

 

أرأيتم أو سمعتم، نفاقاً على هذه الدرجة التي يتمتّع بها هؤلاء الصفويون وزبانيتهم؟..

 

إن لم تَستَحِ، فاصنع ما شِئت.

 

مَـجوس بعضُهم من بعض!..

 

* * *

 

انتهاكات يرتكبها الطرفان المتصارعان

 

بين الفينة والفينة، تصحو بعض المنظمات العالمية الكبرى لحقوق الإنسان من سباتها، لتصدم الشعب السوريّ بتجلّياتها المشبوهة: [على طرفي الصراع في سورية، التوقف عن انتهاكات حقوق الإنسان]!..

 

إنها أفضل طريقةٍ وأقصرها، لخلط الأوراق، وتضييع الحق بالباطل. فهذه المؤسسات العالمية العمياء، لا تعترف بأنّ هناك ثورةً شعبيةً سوريةً على الاستبداد والظلم والقهر والقمع والاضطهاد، فتنام عن جرائم النظام الأسديّ مدةً، يَقتل -خلالها- هذا النظامُ خمسةَ أو عشرةَ آلافٍ من السوريين.. ثم تصحو على صوت استغاثةٍ لبلدةٍ أو مدينةٍ أو قريةٍ سورية.. وتطلق تصريحها المشؤوم المذكور آنفاً!..

 

إطالة أمد الثورة قبل أن تبلغ منتهاها، ومَدّ العصابات الأسدية بـِحُقَن القوة النفسية المعنوية، ومَنح هذا النظام المجرم مَزيداً من الوقت والـمُهَل لسحق الثورة.. كل ذلك أصبح من الفنون العصرية التي يتقن وجوهها وممارستها أساطينُ النظام العالميّ الحاليّ، الممتدّ من موسكو وطهران إلى شواطئ المحيطَيْن: الأطلسي والهادئ، مروراً بكل الدول الغربية، لاسيما تلك التي تجتمع كل بضعة أشهر، تحت يافطةٍ خادعة: (مؤتمر أصدقاء الشعب السوريّ)، لتتفنّن في تطويق (لا تقديم) المساعدات الإنسانية والإغاثية والعسكرية، التي يمكن أن يقدّمها أهل النخوة والمروءة، إلى شعبنا السوريّ وثورته المجيدة!.. أليست هي دول صديقة؟!.. و(الصديق عند الضيق)!..

 

 

د. محمد بسام يوسف