(3 من4)
معارضة الداخل ومعارضة الخارج
لكي تكتمل أكذوبة الإعلام العالميّ، فقد اعتُمِدَت (لازمة) إعلامية، اشترك بصياغتها بعضُ الأحزاب السورية، التي منحت نفسها وساماً مُزَيّفاً اسمه: معارضة الداخل!..
لم تجد تلك الأحزاب التي تشكِّل جزءاً لا يتجزَّأ من (متحف) الفساد للنظام الحاكم.. لم تجد، لإضفاء البريق الكاذب على سَوْأتها، سوى حقيقة وجودها داخل سورية، والحقيقة، هي إنّ وجودها ذاك، ليس له من تبرير، سوى عمالتها للأجهزة المخابراتية الأسدية، وبالتالي تحالفها الأبديّ مع النظام الأسديّ، فهي في أمان.
أما المعارضة الشريفة الحقيقية، فقد طوردَت، ونَكَّل النظامُ بها، فقتل واعتقل وهجّر أشخاصها ورموزها، وصار من المتعَذَّر عليها أن تعلن وجودها في الداخل السوريّ، على الرغم من وجود بعض نشاطاتها وقواعدها هناك!.. لكن المارقين الذين يخونون الشعب السوريّ وثورته، والداعمين الدوليين لهم، الذين هم في الحقيقة يدعمون النظام الأسديّ نفسه.. لكن هؤلاء جميعاً، لا يكتفون بتضليل الناس لتبييض صفحة (المعارضة) العميلة، بل يشوِّهون حقيقة المعارضة الشريفة النـزيهة، ويقومون بتصنيفها على أنها (معارضة خارج)، أي عميلة للدول التي يقيم فيها رموزها، فضلاً عن أنها بعيدة عن ساحة الثورة، ومنفصلة عنها، وبالتالي لا يحق لها -حسب زعم عملاء النظام وحلفائه- أن تتحدّث بالقضية السورية، أو أن تهاجم النظام الدكتاتوريّ المستبدّ!.. بينما الحقيقة الناصعة تقول: إنّ المعارضة الموجودة -قسراً- في الخارج، لها امتدادها الحيّ في الداخل، بمختلف الأشكال، فهي موجودة في الداخل والخارج.
* * *
مراوغات صفويّة خبيثة غبية
المجرم بشار بن حافظ أسد، يزور عادةً موقع (الجنديّ المجهول)، ليضع عليه إكليلاً من الأزهار والأوراد، بينما جيشه الطائفيّ الخائن، يدكّ المدن والقرى السورية، ويُهلِك الحرث والنسل!.. ويحتفل بشار بذكرى (حرب تشرين) التي باع فيها أبوه بقية الجولان.. بينما جيشه المهزوم المسالم في الجولان، يعتدي وينكِّل بالسوريين في كل مترٍ مُربَّعٍ سوريّ، وينشر طغيانه في طول سورية وعرضها!..
يزعم الصفويون، الداخليون والخارجيون، أنهم أهل بصرٍ حادٍّ وبصيرةٍ ثاقبة، فهم يتحدَّثون عن (مَظلوميّتهم) المزعومة التي أصابتهم منذ ألفٍ وأربع مئة سنة، كما يزعمون.. يتحدّثون عنها، ويصفون تفاصيلها الخرافية، وكأنها تحدث الآن أمامهم، بل أمام العالَم كله.. لكنّهم عندما يتحدَّثون عما يجري في سورية حالياً أمام نواظرهم ونظر العالَم كله، فإنهم يُمطرون وسائل الإعلام بحقائق وهميةٍ لا وجود لها، إلا في أرشيف الأجهزة الأسدية وقواه الإجرامية التضليلية، فيصفون الثورة السورية والأوضاع في سورية على أنها: عصابات مسلَّحة، وإرهابيون، وغزاة من خارج البلاد، وعدوان ترتكبه الدول المجاورة على النظام الوطنيّ السوريّ.. إلى آخر الأوصاف لواقعٍ وهميٍّ لا وجود له، إلا في باطن شَبَكِيّات عيونهم الحولاء، وفي أعماق بصائرهم التي تعتنق النفاق اعتناقاً أزلياً!..
يأخذ هؤلاء الصفويّون كذلك، على الأحرار من العرب والمسلمين، أنهم (أي الأحرار) وقفوا مع النظام العراقي عام 2003م، فلماذا يقفون ضد نظام بشار في عام 2011م؟!.. بينما يبرِّر هؤلاء الصفويّون دعمهم للمجرم بشار، بهذه الرؤية وهذا المنطق!.. لكن هؤلاء المضلِّلين، يتجاهلون أنّ وقوف بعض أحرار العرب والمسلمين مع العراق، كان في حرب تصدّيه للعدوان والاحتلال الأجنبيّ السافر للعراق، الذي قادته دول استعمارية، كأميركة وبريطانية، بتحريضٍ صفويّ.. بينما المجرم بشار أسد حالياً، يهاجِم سورية وشعبها، مع عصاباته وجيشه الطائفيّ وشبّيحته، ويزرع الدمار والخراب في أنحاء سورية التي يحكمها بلا شرعية، ويرتكب فيها من المجازر على نحوٍ لم يُرتَكَب مثيله في التاريخ السوريّ كله!..
بئس البشر هؤلاء الصفويّون.. بل بئس البقر هم!..
* * *
برلمان مؤمَّم، ومنظّمات لحقوق الإنسان من أملاك النظام الحاكم
أحد أعضاء ما يُسمى بمجلس الشعب السوريّ، قبيل اندلاع الثورة.. قدّم اقتراحاً لوقف العمل بقانون الطوارئ المفروض على البلاد منذ ثمانيةٍ وأربعين عاماً (في ذلك الوقت).. بعد دقائق قليلةٍ من وقوع المفاجأة على رأس رئيس المجلس.. استدرك (النبيه) الجالس وراء منصّة الرئاسة، وسأل الأعضاء: مَن يوافق على استمرار (لا إلغاء) العمل بقانون الطوارئ، فرفع جميع الأعضاء أيديهم موافقين، وانتهت الحكاية!.. طبعاً من غير أن يُمنَحَ العضو الفدائيّ الذي اقترح (وقف) العمل بذلك القانون.. نوط الشجاعة!..
وتوالى مشهد ظهور بعض أعضاء ما يُسمّى بمجلس الشعب السوريّ، على القنوات الفضائية.. جزءاً من الفولكلور السوريّ الذي يُنشَر على تلك القنوات في عهد الأسديّين، تشجيعاً للسياحة!.. فعندما يُعلن المذيع في محطةٍ ما، أنّ عضواً من أعضاء المجلس العتيد، سيُجيب على بعض الأسئلة أو الإشكالات، لَكُم أن تتوقّعوا كيف سيدافع هذا العضو –بلا هوادة- عن مصالح الشعب السوريّ.. لكنه بعد أن يُدلي بدلوه، يُخيَّل إليك أن هذا الذي من المفترض أنه ينتمي إلى الشعب ويمثله، لم يكن إلا ناطقاً رسمياً رديئاً، باسم حُرّاس سجن تدمر أو صيدنايا أو الحرس الخاص للطاغية!.. ولعلّك تعجز عن تفسير انعدام المروءة وفقدان النخوة لدى نوّاب (درعا) الجريحة في المجلس، ما يعكس صورةً شديدة القبح، للفساد الأخلاقيّ الذي تمكّن النظام من تجذيره في عقول (نوّاب الشعب) ونفوسهم السقيمة.. إنها صورة واضحة من صور المأساة السورية!..
هل شاهدتم (روبوتات) المجلس كلهم، بلا استثناء.. كيف يقفون، ويصفِّقون، ويبتسمون، ويحوِّلون قاعة المجلس إلى صالةٍ من صالات (السيرك)، في خدمة رئيس النظام، لاسيما حين أعلن (الرئيس) بعد تقطيب حاجبيه، بأنه ونظامه (مستعدون لأي معركةٍ ستُفرَض عليهم)؟!.. مَن سيفرض عليهم المعركة؟.. الشعب السوريّ طبعاً. ولماذا المعارك؟.. لأنّ طلب الحرّية جريمة تستدعي استنفار وحدات الجيش والحرس الجمهوريّ والقوى الأمنية، أما استمرار احتلال الجولان فلا يستدعي تحريك أي ساكن!.. وهكذا، ينتشي الرئيس الوريث، ببصمة إبهامه الأيسر، التي يُسمّيها أغبياء النظام باسم: مجلس الشعب السوريّ؟..
أما موظّفو (القطاع العام) لحقوق الإنسان في سورية، فلهم نكهات أخرى!.. إذ يطلع علينا أحد الأمناء أو رؤساء منظّمةٍ حقوقية، ليقول: نحن نعلم كل شيءٍ يجري في سورية، فالمندسّون سبّبوا كل الجرائم الحالية، وإنّ أجهزة المخابرات لا تمنع سيارات الإسعاف من نقل جرحى المظاهرات، والعصابات المسلَّحة القادمة من خارج البلاد، هي التي تنصب الكمائن لجنود الجيش وضباطه، فتقتلهم، ولا صحّة لأخبار الطوق الأمنيّ حول بانياس أو درعا!.. فما أحلى حقوق الإنسان في سورية، وما أظرف معظم نشطائها، الذين جعلوها ملكاً للقطاع العام، يشترك في ملكيّتها الشركاء المضاربون في كل مؤسّسات الدولة، الذين يُطلَق عليهم اسم: الأجهزة الأمنية!..
* * *