لقد كانت ثورة آذار 2011 ثورة كلّ الأحرار من شعب سورية، الذين خرجوا يهتفون للحرية والعدل والكرامة، ويعلنون التزامهم بسلمية الثورة ووطنيتها. ولم تكن ثورة حزب أو جماعة. إنها ثورة الدفاع عن حقوق المسحوقين وحرياتهم، على اختلاف خلفياتهم الدينية أو المذهبية أو العرقية.. ثورة العامل والفلاح الذي سُرق عرقه وجهده، والمثقف يفقد حقه في الفرصة الوطنية، لأنه من خلفية لا تروق لضابط الأمن، ثورة المرأة تُحرَمُ من حقها الوطنيّ لأن زيّها في اللباس لا يعجب بعض الذين وضعوا قيما للحداثة وللعلم والعقل، غيرَ التي يقرّرها العلم والعقل. كما هي ثورة التاجر الذي اضطر لسنوات طوالا، أن تشاركه الطفيليات البشرية في جهده، وثورة الفنان والشاعر، والكاتب والصحفيّ والمبدع الذي لم يُسمَح له أن يتنفس إلا من منخري ضابط الأمن..
لقد أعلنا من أول يوم انطلقت فيه هذه الثورة المباركة، أنها ثورتكم، ثورة الشعب السوريّ كلّه، وأننا ملتحقون بها. وإن كانت لنا قوة، فهي لهذه الثورة، ولهؤلاء الثوار، الذين نقف من جميعهم على مسافة واحدة.. نحن منكم وبكم ولكم.. قوتنا من قوتكم، لسنا جسما منفصلا عن هذا الشعب وثورته. لكننا نصارح شعبنا وبكل شفافية في هذا المقام، أن جماعتنا كانت – وما زالت – في محنة منذ نصف قرن: قتلٌ وسجنٌ وتشريدٌ وتضييقٌ وتقتير.. نعلمُ أن كثيرين منكم حين تضيق بهم السبل، يتوقعون أن يجدونا قريبا منهم، دعماً ومساندة، وذلك هو سعينا، والأحبّ إلى قلوبنا، والأقرب إلى عقولنا، لكن الحقيقة التي ينبغي أن ندركها جميعا، هي أن الحاجة أكبر من الطاقة، وأنّ هذه الجماعة التي تحمل على كاهلها عبء خمسة عقود من المحنة، لا تملك من الإمكانات ما تتحدّث عنه مبالغات بعضهم، ولا تجد من الدعم ما تنسجه أوهام المتوهّمين..