الإخوان المسلمون في سورية

الاختراق.. كلمات سطحية

لست مؤهلاً في الوضع النفسي الذي أنا فيه، لصياغة موقف متوازن، من عملية الاختراق التي تمت بالأمس، حين نزت العصابة على العصابة.
وإذا كنا نتمدح دائماً بالحديث عن الشورى، فأحوج ما نحتاج إلى الشورى، هو في صياغة موقف عملي غير عدمي من عملية الاختراق الموصوفة بحجمها وتداعياتها ظهر الأمس.
دائماً أحذّر أو أندّد بالمواقف المرتدة، على طريقة الكرة المنعكسة عن الجدار.
أنا لا ألوم الأفراد الذين يعبّرون عن مواقف تلقائية، ينضحونها من واقع ألمهم ومعاناتهم وتطلعاتهم أيضاً إلى ما يتصورونه ضربة من ضربات الملك العدل..
وأعود فأذكر أننا نلقى في كتب التراث مثل هذه العبارة: “ولو جرى مثل هذا في زمن عمر لجمع له السابقين من الصحابة من أهل بدر”.
أو هكذا أتصور، وأرجو أن لا يرد عليّ فتى، يخال أو يحسب أن الحقائق محفوظة في جيبه الخلفي!!
أليم ومحبط للعصابة المستهدفة انكشاف هذا الاختراق، الأليم والمحبط. والأشد ألماً في هذا الاختراق هو انكشافه بهذا الشكل الفضائحي، وهذه هي الفاجعة الحقيقية، وليست النتائج البشرية أو التعبوية التي نتجت عنه…
أريد أن أرسلها إلى الولي الفقيه، وإلى حسن نصر الله، وإلى كل المعنيين في طهران وفي بغداد وفي دمشق وفي الضاحية الجنوبية: إنّ اختراق حلفائكم التاريخيين من تاريخ ابن سبأ، لقلوبكم وعقولكم ونفوسكم أشد وأنكى من اختراقهم لأجهزتكم وأسلحتكم وجنودكم وقادتكم… ولا أتوقع أن أحداً منكم في مقام أن أسأله: فهل تعقلون!! أو فهل تعتبرون؟؟
بمقارنات بسيطة بين مشاعر الأمة يوم حربكم مع العراق في مطلع الثمانينات، وبين حربكم المزعومة في ٢٠٠٦ تدركون مباشرة، أنّ سفينة مقاومتكم وممانعتكم المزعومة قد حطت على اليبس…
في الثمانينات كان الملايين من المسلمين، ينظرون إلى حربكم مع العراق، أو على العراق، وكأنها نوع من الحرب البينية، ينادون بوقفها، بل لجمها، ويتعاطفون مع كل ضحاياها، ثم أسفر الصبح فكان الرئيس العراقي صدام حسين هو البطل، وهو البعيد النظر، وهو الرائد الذي لم يكذب أهله؛ بينما أنتم خمينكم وخمنئيكم الذين كنتم وما زلتم تكذبون وتزورون..
في 2006 كانت سفينة حزبكم تجري في محيط هذه الأمة في موج كالجبال؛ أخطر من هذا الاختراق الصهيوني، هذه الشماتة التي تحاصركم هذه الأيام أينما اتجهتم…!!
حتى الذين تشترون ولاءهم من أصحاب المداد المأجور؛ يقولون للناس حين يدافعون عنكم بأن دفاعهم عنكم ليس من قبيل الولاء لكم، ولكم من قبيل اللفلفات اللفظية؛ التي يلوكونها بلا معنى أحسنهم طريقة من يقول إن علاقته بكم ضرورة.
ثم يردف: وعند الضرورة آتي الكنيفا.
أحب أن أحيّي أخي محمد عياش الكبيسي، على مقاله بالأمس في كشف حقيقة المفتي المدعى، وهذا تحريض مني فقط لمن لم يقرأ مقاله، أن يغدو فيبحث عنه فيقرأه..
كلماتي هذه رسالة، هل أقول رسالة نصح، لا أجرؤ أن أزعم أنني أنصحكم، وحاشا لله أن أنصح ظالمين معتدين فاسدين مفسدين..ولكن الحقيقة التي لا تغيب هي عن جهالة ذلك الذي يفسد الماء الذي يسبح فيه، أو الهواء الذي يتنفسه..
كان هذا اختياركم، وسيظل هذا اختياركم، لأن الذين اخترقوكم من أيام ابن سبأ وليس من أيام الحسين ويزيد، حشوا قلوبكم وعقولكم ونفوسكم بهذا السخام الأسود، أو الهباب المتحجر، ولا أدري إن كنتم يوما سوف تعقلون..
قضية أخرى يتلجلج فيها المتلجلجون..
عملية التأديب التي جرت بالأمس، بين المدير والمدار، لم يكن عدواناً لا على لبنان، ولا على سورية.. وكان لبعض السوريين حظ وافر منها..
هذه الأجهزة التي كانت تستخدم عمليا لإدارة المعارك ضد اللبنانيين والسوريين، لم تكن لتوضع بغير الأيدي الأمينة، وليس في صفوف القوم يد أمينة، من القتلة والمجرمين والأتباع والأشياع…
وحين تقدّم الدولة اللبنانية على لسان وزرائها وممثليها على التحاف هؤلاء القتلة، فهي تلتحف كل عمليات القتل والهتك والتدمير التي كانت في سورية وما زالت، وهو ثأر فيما أظن لا قبل للبنان بكل طوائفه به، ولا حاجة للبنان إليه…
ورسالتي إلى حزب “البيجر”
أن انتبهوا فإنه لم يأت بعد صاحب العجل الحقيقي. وهذا الذي جرى بالأمس مجرد مداعبة بين شركاء المخدع الواحد.
قرأت في بعض كتب الحكمة، أن الله خلق البشر على بعض صور الأحياء..
وأعتقد أنه خلقكم وفيكم ما فيكم من طباع الذئاب والضباع والعقارب..
وأرجو أنه خلق أقواما ليكونوا حملة لرسالة الرحمة والحكمة…
اللهم اكفناهم لفيفاً بما شئت وكيف شئت إنك على ما تشاء قدير

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي، قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين في سورية