الإخوان المسلمون في سورية

في وداع الراحلين.. الداعية الأستاذة نادرة شنن رحمها الله تعالى.. من رائدات العمل النسوي الإسلامي في سورية

لبت نداء ربها، أمسِ في القاهرة المحروسة، الداعية الأستاذة المربية “نادرة شنن” رحمها الله تعالى…
وما أكثر ما سمعت ذكرها، والثناء عليها، والاعتزاز بمواقفها، من شقيقتي الكبرى، المربية “سعاد سيلم” فقد كانت في الخمسينات تلميذة من تلميذات الأستاذة نادرة، في ثانوية العروبة للبنات، في حلب الشهباء…
كانت الأستاذة نادرة، أستاذة جيل، وقدوته، وأسوته، وحاملة لواء في الدفاع عنه…
وكانت التلميذات الملتزمات في ذلك الزمان، قلما وجدن أستاذة تشد على أيديهن، وتشجعهن وتحميهن، مثل الأستاذة نادرة.. التي كانت من جيل السبق الذي تخرج من كلية الشريعة، والتي كانت ثمرة من ثمرات العطاء للدكتور مصطفى السباعي رحمه الله تعالى..
تخرجت الأستاذة نادرة من الدفعات الأولى من كلية الشريعة، فكانت موئل علم، وصاحبة موقف، وداعية إلى الحق بالحق، فعهد إليها الدكتور السباعي رحمه الله تعالى، بأمر الدعوية النسوية في حلب البهية، ثم خلفتها على ذلك الأخت الحاجة أمينة شيخة حفظها الله تعالى، ثم أخوات فاضلات أسأل الله لهن الحفظ، ولا آذن لنفسي بذكر أسماءهن، وأرجو أنهن مذكورات في ديوان العاملات الصادقات المخلصات…
ولأقرب للأخ القارئ الدور والريادة والمكانة التي كانت للراحلة الكريمة الأستاذة نادرة…
سأخبركم أنه سيمضي عقدان من الزمن بعد، حتى تستطيع وزارة المعارف أولا، ثم وزارة التربية والتعليم، فوزارة التريية؛ أن تغطي حاجة مدارس البنات الإعدادية والثانوية، بمدرسات ذوات اختصاص. بل لقد أخرجنا من سورية، في سنة ١٩٧٩ وكثير من إخواننا يتولون تدريس مادة التربية الإسلامية في مدارس البنات، مع حاجة جيل الصبايا في ذلك العمر إلى المرشدة والمعلمة، والأخت الكبيرة، التي يأنسن بها، ويفضين إليها… بمشكلاتهن متعددة الألوان
كان وجود مثل الأخت الأستاذة نادرة في ذلك الزمن مثل الغيث في أيام الجفاف..
تسمع الفتاة المسلمة بها، فتقول غبطة وفرحا: هيا رباه…
لن يفوتني أن أذكر أن قلة الداعيات في ذلك الجيل ما كان إلا ثمرة لفقه، أو إذا شئتم لسياسات فقهية.. وكان على المسلمين في سورية أن يمكثوا أجيالاً حتى تكون في مدارسهم المدرسة والمربية المسلمة، وفي عياداتهم الطبيبة المسلمة.. هي فرصة في حضرة الفقد أن نذكر بما جناه على الدعوة بعض الجناة “علموهن الغزل على المغزل. أو علموهن القراءة دون الكتابة”
دعونا من هذا فنحن في حضرة الموت، والموت إذا حضر كان لحضوره هيبة، ولمذاقة مرار..
كان دور الأستاذة نادرة رحمها الله تعالى مشهوداً في فضاء الثانويات في حلب، مرشدة وأختاً كبرى فوق أن تكون مدرسة ومعلمة، وكان اسمها أيضاً يتلألأ في سماء المجلات الإسلامية، المسلمون- جنيف، وحضارة الإسلام، تتصدى لمعالجة أهم وأدق الموضوعات والطروحات العلمية والفقهية…
وفي مطلع الستينات ومنذ أن خيّم الظلام والظلمات على سورية اضطرت الأستاذة نادرة أن تغادر.. وتصبح ثغرتها مخلاة، وتنطفئ بمغادرتها ومغادرة أمثالها من ذوي وذوات القدر والحجا والعلم، مصابيحُ علم وهدى ورشاد..
غادرت الأستاذة نادرة رحمها الله تعالى، لتكون لها ميادين أخرى لا تني فيها عن العطاء، ثم ليستقر بها المقام في مصر… غير متوقفة عن بذل وعطاء
وليصبحنا الناعي بنعيها هذا الصباح..
اللهم اغفر لها وارحمها وأحسن نزلها وزدها ولا تنقصها..
اللهم إنها قد وفدت عليك فاجعل قراها منك الجنة. اللهم زدها إحساناً وعفواً وغفرانا..
وأحسن عزاء أهل الإسلام فيها. وأحسن عزاء أهل خاصتها وذويها..
أندبنا للدعاء لها والترحم عليها، والإقرار بفضلها على جيل من أجيال الداعيات الراشدات المرشدات
وإنا لله وإنا إليه راجعون..

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي، قيادي سابق في جماعة الإخوان المسلمين في سورية